ويقول أيضًا:"لا حكم قبل الشّرع؛ إذ لا يستقلّ العقل بإدراك حسن ولا قبيح من حيث ترتّب ثواب أو عقاب بل من حيث صفة الكمال أو النّقص وملاءمة الطّبع ومنافرته له ..." (1) .
التّقويم:
التّحسين والتّقبيح: الحكم على الشّيء بكونه حسنًا أو قبيحًا، والحسن والقبح ضدّان (2) .
وقد اختلف النّاس فيهما هل هما عقليّان أم شرعيّان، وهل يثبتان للأفعال ثبوت الصّفات الذّاتيّة أو الإضافيّة؟
فذهب جمهور المعتزلة ومن وافقهم إلى أنّهما عقليّان لا شرعيّان، وزعموا أنّ الحسن والقبح صفتان ذاتيتان للأفعال، والعقل يستقلّ بإدراكهما، والشّرع إنّما هو كاشف ومبيّن لتلك الصّفات فقط.
وقالوا: إنّ الثّواب والعقاب مترتّبان على التّحسين والتّقبيح العقليين، وإن لم يرد الشّرع بذلك (3) .
وذهب جمهور الأشاعرة ومن وافقهم إلى أنّ التّحسين والتّقبيح شرعيّان لا عقليّان، وزعموا أنّ الحسن والقبح صفتان إضافيّتان في الأفعال فلا تُدرك بالعقل وإنّما بالشّرع، وعليه فلا يحكم بهما إلا بعد وروده.
وقالوا: إنّ الثّواب والعقاب مترتّبان على التّحسين والتّقبيح الشّرعيّين، ولا عبرة فيهما بتحسين العقل وتقبيحه (4) .
(1) التعرف (ص 13 - 14) ، وانظر: فتح المبين (ص 160) ، المنح المكية (1/ 155) (2/ 892) ، الفتاوى الحديثية (ص 395) ، فتح الإله (ص 676) .
(2) انظر: تهذيب اللغة (1/ 821) (3/ 2870) ، معجم مقاييس اللغة (ص 262) (ص 870) ، الصحاح (5/ 2099) (1/ 393) ، لسان العرب (13/ 114) (2/ 552) ، القاموس المحيط (ص 1535) (ص 300) .
(3) انظر: المغني (6/ 26، 30، 31، 34) ، المحيط بالتكليف (ص 235، 239، 254) .
(4) انظر: نهاية الإقدام (ص 370) ، الإرشاد (228) ، محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين =