فهرس الكتاب
الصفحة 589 من 775

فقالوا: الظّلم هو التّصرّف في ملك الغير أو مخالفة الآمر الذي تجب طاعته، وكلاهما ممتنع في حقّه سبحانه، فالظّلم مستحيل عليه، ومعناه غير متحقّق فيه (1) .

والأصل الذي تفرّعت عنه مذاهبهم قولهم في أفعال العباد، وذلك أنّ أفعال العباد إن كانت من خلق الله تعالى كان عذابهم عليها ظلمًا؛ إذ كيف يعذبون على ما خلق فيهم؟

ومن ثم اختلفوا في أفعال العباد، وانبنى على اختلافهم فيها اختلافهم في حقيقة الظّلم ومعنى تنزيه الله عنه.

والحقّ أنّ الظّلم في اللغة: وضع الشّيء في غير موضعه (2) ، وهو في الشّرع بمعناه في اللغة (3) .

فالله سبحانه حكم عدل يضع الأشياء مواضعها فلا يضع شيئًا إلا في موضعه الذي يناسبه، فلا يفرّق بين متماثلين ولا يسوّي بين مختلفين.

وهو سبحانه حرّم الظّلم على نفسه بفعله وإرادته بعد قدرته عليه تفضّلًا منه سبحانه، وعدلًا منه عَزَّ وَجَلَّ.

وقد فسّره سلف الأمّة وأئمّتها بأنّه لا يُحمّل المرء سيئات غيره، ولا يعذّبه بما لم تكسب يداه، وأنّه لا ينقص من حسناته فلا يجازى بها أو ببعضها (4) .

وهذا هو الظّلم الذي نفى الله خوفه عن العبد بقوله: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ

(1) انظر: التمهيد للباقلاني (ص 384) ، الاقتصاد في الاعتقاد. للغزالي (ص 115) ، أصول الدين (ص 131) ، المواقف (ص 322) ، تحفة المريد (ص 111) .

(2) انظر: تهذيب اللغة (3/ 2248) ، معجم مقاييس اللغة (ص 641) ، الصحاح (5/ 1977) ، لسان العرب (12/ 3703) ، القاموس المحيط (ص 1464) .

(3) انظر: جامع الرسائل (1/ 123) .

(4) انظر: المصدر السابق (1/ 124) ، مجموع الفتاوى (8/ 505) ، درء التعارض (8/ 23) ، منهاج السنة (2/ 236) ، مفتاح دار السعادة (2/ 107) ، شفاء العليل (2/ 753 - 754) ، مدارج السالكين (1/ 236) ، شرح الطحاوية (2/ 659) ، دفع الشبهة والغرر (ص 118 - 131) ، لوامع الأنوار البهية (1/ 288) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام