والثاني: أنه ولي لا نبي، وهو قول بعض الصوفية ومن وافقهم (1) .
والصحيح قول الجمهور بأنه نبي لا ولي، وقول من قال منهم بنبوته دون رسالته، والأدلة على ذلك كثيرة، وقد ذكرها غير واحد من أهل العلم.
يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله:"والذي لا يتوقف فيه الجزم بنبوته" (2) .
ويقول العلامة الألوسي رحمه الله:"... والمشهور ما عليه الجمهور [يعني القول بنبوته] وشواهده من الآيات والأخبار كثيرة، وبمجموعها يكاد يحصل اليقين" (3) .
وأما ما يتعلق بحياته وتعميره:
فقد اختلف أهل العلم فيها أيضًا على قولين:
أحدهما: القول بوفاته، وهو ما عليه المحققون من أهل العلم (4) .
والثاني: القول بتعميره، وهو قول لبعض الصوفية ومن وافقهم (5) ، وحكاه بعضهم عن أكثر أهل العلم (6) ، وفي حكايته نظر ظاهر.
والأدلة من الكتاب والسنة والمعقول تدل على قول من قال بوفاته وتؤيده.
فمن الكتاب:
أ- قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} [الأنبياء: 34] . فالخضر إن كان بشرًا فقد دخل في هذا العموم لا محالة، ولا يجوز
(1) انظر: نشر المحاسن الغالية لليافعي (ص 48، 70) .
(2) الزهر النضر (ص 162) .
(3) روح المعاني (15/ 320) .
(4) انظر: جامع المسائل (5/ 131) ، المنار المنيف لابن القيم (ص 72) ، البداية والنهاية (1/ 312) ، الزهر النضر (ص 86 - 89) ، فتح الباري (6/ 434) .
(5) انظر: لطائف المنن لابن عطاء الله السكندري (ص 151) ، نشر المحاسن الغالية (ص 395) .
(6) انظر: شرح صحيح مسلم (15/ 135 - 136) ، تهذيب الأسماء واللغات للنووي (1/ 176 - 177) .