القرآن الكريم منه سبحانه نزولٌ حقيقيٌّ، وأن جبريل سمعه من الله - عَزَّ وَجَلَّ - ونزل به من عنده (1) .
3 -أن النصوص دلت على أن القرآن الكريم ينزل شيئًا بعد شيء، فالمنزل أولًا هو قديم بالنسبة إلى المنزل آخرًا، وكل ما تقدم على غيره فهو قديم في لغة العرب، قال تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] . فالمحدث في الآية ليس هو المخلوق ولكنه الذي أنزل جديدًا (2) .
4 -أن النصوص قد دلت على أن جبريل يسمع الوحي من الله تعالى حقيقة دون واسطة، والقرآن من جملة الوحي، فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا، فيصعقون، قال: فيقولون: يا جبريل ماذا قال ربك؟ فيقول: الحق، فيقولون: الحق، الحق" (3) .
5 -أن القول بذلك يستلزم أن يكون القرآن العربي هو لفظ جبريل أو
(1) انظر: مجموع الفتاوى (12/ 118، 247 - 519) ، مختصر الصواعق المرسلة (2/ 220) .
(2) انظر: مجموع الفتاوى (12/ 522) .
(3) أخرجه أبو داود، كتاب السنة، باب في القرآن (5/ 105) برقم (4738) ، وابن خزيمة في كتاب التوحيد (1/ 350) برقم (207) ، وابن حبان (1/ 223 - 224) برقم (37) ، والآجري في الشريعة (3/ 1094) برقم (669) ، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/ 325) ، والخطيب في تاريخه (11/ 392) ، من طرق عن أبي معاوية عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - مرفوعًا به.
وأخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (ص 151) برقم (465، 466) ، وعبد الله بن أحمد في السنة (1/ 281) برقم (537) ، وابن خزيمة في كتاب التوحيد (1/ 351 - 352) برقم (208، 209) ، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/ 325) ، والخطيب في تاريخه (11/ 393) من طرق عن الأعمش به موقوفًا من كلام ابن مسعود، وعلقه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ} (4/ 2335) عن مسروق، عن عبد الله موقوفًا عليه.
والحديث صحيح بروايتيه المرفوعة والموقوفة فإن هذا مما له حكم الرفع.
انظر: تغليق التعليق لابن حجر (5/ 353 - 354) ، فتح الباري له أيضًا (13/ 456) .