الصنف الثاني: متبوع: وهذا يدخل فيه الكهان والسَّحرة الذين يُتبعون فيما يقولون، وكذلك يدخل فيه علماءُ السوء الذين يزينون الكفر والضَّلال والبدع، فيحللون ذلك ويزينونه، ويزينون للحكام الخروج عن شريعة الإسلام؛ ليستبدلوها بالقوانين الوضعية، فهولاء طواغيت؛ لأنَّهم تجاوزوا حدَّهم.
الصنف الثالث: مطاع: وهذا يدخل فيه الحكام والأمراء الخارجون عن طاعة الله، فيحرمون ما أحل الله، أو يُحلون ما حرم الله، فهم طواغيت لمجاوزتهم الحد.
تقدَّمت أصناف الطواغيت، وسنوضح الآن رُؤوس الطواغيت، فما الفرق بين الاثنين؟
الجواب: أصناف الطَّواغيت يدخل تَحتها عدة أمثلة، كما تقدَّم، فالأصنافُ كثيرون، بخلاف الرؤوس، فهي معدودة، وهي خمسة، وما عداها فهو متفرع منها، فمثلاً إبليس طاغوت هذا رأس من رؤؤس الطَّواغيت لا نستطيع أن ندخلَ معه صنف من جنسه هو رأس من رؤؤس الطواغيت، والرُّؤوس خمسة، وهذا ثابت بالتتبُّع والاستقراء وهم:
الرأس الأول: إبليس لعنه الله: فهو أول الطواغيت وهو أكبر الطَّواغيت، وأعظمها شرًّا، وأخطرها أمرًا؛ لأنه الداعي لعبادة غير الله - تعالى - قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [يس: 60] .
الرأس الثاني: من عبد وهو راضٍ، فهو طاغوت وهذا تقدَّم التمثيلُ به في أصناف الطواغيت، وهو من علم أنَّ الناس يصرفون له شيئًا من العبادة، وهو راضٍ بما يفعلونه، فهو طاغوت، ولو لم يدع الناس لعبادته أو صرف شيء من العبادة له، فهو طاغوت لرضاه بذلك؛ قال الله - تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 29] ، وبذلك نخرج من عُبد وهو غير راضٍ، كعيسى - عليه السَّلام.
الرأس الثالث: من دعا الناس إلى عبادة نفسه، حتى وإن لم يعبد، وإنَّما فقط دعا الناس إلى أن يعبدوه أو يصرفوا له شيئًا من العبادة، فهو رأس من رؤوس الطَّواغيت، ومثل هذا بعض مشايخ الضلال من الصوفية وغيرهم الذين يدعون الناس لأنْ يصرفوا لهم شيئًا من العبادة.
الرأس الرابع: من ادَّعى شيئًا من علم الغيب، يَدخل فيه المنجمون والعرافون والكهنة والسحرة الذين يدَّعون الغيب، فهؤلاء أيضًا طواغيت؛ لأنَّهم نازعوا الله - تعالى - فيما يَختص به؛ قال الله - تعالى: {عَالِمُ الغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 26 - 27] .
الرأس الخامس: من حكم بغير ما أنزل الله، كمن يحكم بالقوانين الوضعية، نابذًا حكم الله - تعالى - فهو رأس من رؤوس الطَّواغيت؛ قال الله - تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ} [المائدة: 44] ، فسماهم الله - عزَّ وجلَّ - كفارًا.