فهرس الكتاب
الصفحة 57 من 100

الوجه الثالث: بيان العبادات بالأدلة:

المؤلف بعدما عدَّد أنواعًا من العبادات أعاد ذكرها بالأدلة، وهي كما يلي:

أولاً: الدعاء ودليله:

والدعاء معناه معروف، والدعاء نوعان:-

النوع الأول: فدعاء عبادة، والمقصود بدعاء العبادة كل عمل يعبد الإنسان به ربه هو دعاء، سمي دعاء لأحد أمرين:

أما الأمر الأول: فلأن هذه الأعمال صُلبها وعمودها الطلب والدعاء، الذي هو معروف.

وأما الأمر الثاني: فهو أن يقال هذه الأعمال فيها معنى الطلب؛ لأن الأعمال التعبدية التي يفعلها المرء يقصد من ورائها طلب رضى الله ليدخل جنته، وينجى من ناره، فكان فيها معنى الطلب، فسمي بدعاء العبادة، فدعاء العبادة يشمل جميع العبادات صغيرها وكبيرها.

وأما النوع الثاني: فدعاء مسألة، وهو ما كان فيه سؤال، وما كان فيه سؤال كان فيه طلب باللسان بالقول وما إليه، فإذا رفع الإنسان يديه يسأل الله بلسانه مطلوباً فقد دعاه دعاء مسألة، ولا شك أن دعاء المسألة عبادة يقربه إلى الله، ولكن جرى تقسيم الدعاء إلى هذين النوعين على ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله، وجماعه وهو تقسيم عظيم في بابه مفيد لطلابه.

استدل المؤلف على العبادة بعدة أدلة:

1 -قوله - تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18] .

قوله: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} المساجد في الآية لها تفسيران:

الأول: أنَّ المقصودَ بها أماكن السجود، البقاع التي يُصلَّى فيها، والثاني: الأعضاء التي يسجد عليها، وهي الوجه واليدان والركبتان والقدمان، وكلا التفسيرين مُراد، فالبقاعُ لا نعبد فيها أحدًا غير الله - تعالى - ومواضع السجود لا يُسجد بها لغير الله - تعالى - وهذا نَهي عن الشرك، فلا يَجوز صرفها لغير الله - تعالى - وقوله: {أحدًا} نكره في سياق النهي تفيد العموم، فالنهي عن إشراك أيِّ أحد، سواء كان ملكًا أو نبيًّا أو وليًّا، أو شجرًا أو حجرًا، أو غير ذلك.

وهذه الآية يصلح الاستدلالُ بها على عدم جواز صرف أيِّ عبادة لغير الله - تعالى - لأنَّها تتضمن دعاءَ العبادة، ودُعاء المسألة، كما قال المؤلف، ومَن صرف شيئًا من العبادة لغير الله، فهو مشرك، وهذا لا إشكالَ فيه، فلو أشرك في عبادة واحدة، وأخلص في بقية العبادات لله - تعالى - فلن ينفعه ذلك، كمن يدعو غير الله - تعالى - كالأموات

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام