قوله - رحمه الله:"أن تعبد الله":
العبادة في اللغة: الذلُّ والخضوع، تقول العرب: طريق مُعبَّد؛ أي: مذلَّل،
وفي الشرع: كما عرَّفها شيخ الإسلام ابن تيمية فقال:"العبادة: اسم جامعٌ لكل ما يحبُّه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال، الظاهرة والباطنة".
فيدخل في التعريف الصلاةُ والزكاة والصيام والحج، والمحبةُ والخوف والرجاء، والتوكلُ والاستعانة، ونحو ذلك مما سيأتي بيانه - بإذن الله.
* وقوله: - رحمه الله -"مخلصًا له الدين":
والإخلاص: هو أن يقصد العبدُ بعمله رضا الله وثوابَه، لا شيئًا من حطام الدنيا، فمن جمع بين هذين الأمرين، وهما: العبادة والإخلاص لله - تعالى - فيها، فقد جاء بالحنيفية، ودل عليهما أدلة كثيرة، منها:
-قوله - تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5] .
-وقوله - تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: 2، 3] .
-وقوله - تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] .
-وقوله: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36] .
ومن لم يأتِ بأحد هذين الأمرين، وهما العبادة والإخلاص، لم يأتِ بالحنيفية، وبناءً عليه عُرف أن من يدْعون غير الله، ويعبدون القبور والأضرحة، ويذبحون لها، ويطوفون بها، ونحو ذلك، وقعوا في الشرك الأكبر، وإن سمَّوا أنفسَهم مسلمين، فهم ليسوا كذلك؛ لأنهم ليسوا على الحنيفية، فهم جاؤوا بعبادات؛ ولكنهم لم يخلصوا بها لله - تعالى - فهم ليسوا حنفاء.
قوله - رحمه الله - (( الدين ) )
هو ما يدن به: أى ما أنزله الله عز وجل فى كتابه , أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم مما أمر به , وهذا كله هو الدين.
(وبذلك) : إشارة إلى مشارٍ إليه، والمشار إليه هو الإخلاص في العبادة، فجملة (أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين) هو المشار إليه بقوله (وبذلك) ، خلاصة هذه الجملة هو الإخلاص في العبادة، قال المصنف: (وبذلك) أي: بالإخلاص في العبادة أمر الله جميع الناس.
(أمر الله) أي أمْرَ إيجاب وإلزام وجعله فرضاً مُتَحَتِّمَاً لا أنه على جهة النفل والاستحباب والندب.
(جميع الناس) جميع من ألفاظ العموم فدلت على أن المقصود جميع الخلق.