فهرس الكتاب
الصفحة 82 من 100

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا شَكَّ أن معرفة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - هو أصل أصيل من أصول الدين، وأكبر دلالة على ذلك أنَّ الإنسان في قبره يسأل عن هذا الأصل العظيم، ومما يبين أيضًا معرفة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فضلاً على أمته، فهو - صلَّى الله عليه وسلَّم - الواسطة في تبليغ شرع الله - جل وعلا - وهو الذي أخرج الناس بفضل الله - عزَّ وجلَّ - من الضلالة إلى الهدى، ومن الظَّلام إلى النور، فلا شكَّ أن معرفة هذا الأصل والتأمُّل فيه من أهم الأمور التي ينبغي للعبد أن ينظر فيها، ولا شك أن الرسالة التي جاء بها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إنَّما جاء بها لأُمته ومعرفة الرسالة تتضمن معرفة الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم.

والكلام على هذا الأصل من عشرة أوجه:

الوجه الأول: نسبه - صلَّى الله عليه وسلَّم:

ومعرفة نسبه - صلَّى الله عليه وسلَّم - هو من تمام المعرفة به - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأفادنا بذلك المؤلف، فقال:"وهو مُحمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام"، إذًا نسب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في العلية من النسب، فهو في ذِرْوة النسب وأشراف الناس، فلا شكَّ أن قريشًا من علية القوم، وكذا النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من قريش، ولذلك ابنُ القيم - رحمه الله - يذكر هذا النسب الشريف، فيقول:"وهو خير أهل الأرض نسبًا على الإطلاق، فلنسبه من الشرف أعلى ذِروة، وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك، ولهذا شهد له به عدوه إذ ذاك أبو سفيان بين يدي ملك الرُّوم، فأشرف القوم قومه، وأشرف القبائل قبيلته، وأشرف الأفخاذ فَخِذُه"إلى نهاية كلامه رحمه الله؛"انظر: زاد المعاد، 1/ 71 م".

والنبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - له عدة أسماء، وجاء في حديث جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قَالَ: (( إن لِي أَسْمَاءً، أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ، وَأَنَا الْعَاقِبُ الذِي لَيْسَ بَعْدَهُ أَحَدٌ ) )؛ متفق عليه.

فأحمد ومحمد لا شك أنه لم يسمَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بذلك إلا لأنَّه يحمد أكثر مما يحمد غيره، فسُمي محمدًا وأحمد، فلا شَكَّ أن في هذا الاسم أيضًا معاني أخرى.

أما بقيةُ الأسماء، فقد جاءت في الحديث نفسه، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم: (( وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ) )؛ لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد بعث لينشر التوحيد، ويُبطل كل كفر، ثم قال: (( وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على عقبي ) )، فله النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الشفاعة يومَ القيامة، وهو من قريش، وقريش لا شك أنَّها من أعلى أنساب العرب، وهو من ذريه إسماعيل، لا من ذرية إسحاق، بخلاف أنبياء بني إسرائيل، فكلهم من ذرية

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام