ويليهم في الكفر الروافض، ولا نعني بهم مجرد من يطلق عليه أنه شيعي أو فيه تشيع، وإنما المقصود الرافضة الغلاة الذين يرون تكفير الصحابة عموماً ومنهم الشيخان أبو بكر وعمر، ويؤلهون علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ويعتقدون أن القرآن محرف، وأن الإمامة أعلى من النبوة، ويشركون في الألوهية بدعاء غير الله، والاستغاثة بغير الله، والالتجاء إلى غير الله، واعتقاد أن أئمتهم يعلمون الغيب، ويديرون الكون، وتخضع لهم ذرات الوجود، ويذهبون عند قبورهم يتضرعون ويدعون ويستغيثون بهم؛ فهؤلاء قد حرفوا التوحيد وصرفوا العبادة لغير الله؛ فهم -ومن كان على شاكلتهم- كفار مرتدون.
ثم بعد ذلك تأتي المعتزلة، والذين يكفرون من المعتزلة هم زنادقتهم وغلاتهم الملاحدة الذين أسسوا هذا الإلحاد والضلال، وهم الذين كفرهم بعض السلف بأعيانهم.
وأما من جاء من بعدهم، ففي تكفيرهم نظر -وإن كانت مقالاتهم كفرية- لما طرأ عليهم من شبهات.
فمن أعلامهم المشهورين الذين كفرهم بعض السلف: واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد.
وأعظم منهما كفراً وأصرح في الاعتزال -وهما اللذان أصلا مذهب المعتزلة على علم الكلام، وليس على شبهات نقلية- أبو الهذيل العلاف وإبراهيم بن سيار النظام، وكل منهما كان على مذهب المعتزلة في تكفير مرتكب الكبيرة، وإن لم يقولوا: إنه كافر بالاسم، ولكنهم يجعلونه في منزلة بين المنزلتين، وكل منهما ألف في تكفير الآخر، وهكذا أهل البدع نسأل الله العفو والعافية.
أما بقية المعتزلة، فإننا نقول: هم من فرق الضلالة، وإن كانت مقالاتهم كفرية؛ فإن المعتزلة -في باب الأسماء والصفات- أثبتوا الأسماء جميعاً لكنهم نفوا الصفات جميعاً، فيقولون: سميع بلا سمع، بصير بلا بصر ... إلخ.