فهرس الكتاب
الصفحة 302 من 359

فقد كان في حياته -وفي قلبه- متسع للمزاح والدعابة، وكان يداعب أزواجه ويحادثهن، كما ثبت في حديث أم زرع الطويل، حين حدثته عائشة بالقصة كلها وهو يستمع إليها ... -والقصة معروفة وقد أخرجها مسلم - والمسألة ليست أن نقرأ أحاديثه، وإنما الأساس أن نهتدي بهديه ونستن بسنته، ونقتدي به قولاً وعملاً واعتقاداً صلوات ربي وسلامه عليه.

ولهذا كان التابعون كما قال سفيان قبل أن يأخذوا الحديث عن الرجل ينظرون إلى هديه وسمته ودله، وهذا قول عمرو بن ميمون الأودي لما تتلمذ على يد معاذ رضي الله عنه، ثم انتقل إلى حذيفة، وكانوا يُشَبِّهُون عبد الله بن مسعود بالنبي صلى الله عليه وسلم في هديه وسمته.

وقد كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يحسنون التأمل والتفكر في هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته وقوله وفعله؛ فيضعون الأمور في مواضعها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم بينهم بهذه المنزلة.

نسأل الله أن يرضى عنهم وأن يلحقنا بهم.

من درس: ظاهرة الزندقة وما يتعلق بها من أحكام

يقول المصنف رحمه الله: [والزنديق هو المنافق] كلمة (الزنديق) لم تكن معروفة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة، ولهذا كانوا إذا أرادوا أن يحكموا على أحد ممن لا يستطيعون أن يشهدوا له بالإيمان، ولم يكن في ظاهره من الكفار، بل كان من المقرين بالإسلام المظهرين له، فإنهم يقولون عنه: إنه منافق، ويعرفون المنافق بعلاماته المعروفة التي تكون قرائن واضحة دالة على باطنه المناقض لظاهره، كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في صلاة الجماعة: [ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق] وكما قال كعب في حديث الثلاثة الذين تاب الله عليهم بعد توبتهم من تخلفهم أنه رأى الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {إما منافق مغموس عليه في النفاق أو ممن عذر الله} ، فكان المنافقون يعرفون بقرائن تدل على بواطنهم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام