هذه مسألة تتفرع عن تلك المسألة، فإذا أسلم رجل في دار الحرب كأمريكا أو بريطانيا أو الصين أو يوغسلافيا، وهو لا يعلم أن الصلاة واجبة، لأنه إنما أسلم بأن وجد شخصاً فعلَّمه الإسلام، أو وجد كتاباً فقرأ في هذا الكتاب أن الإسلام عقيدة صحيحة، وأن الله سبحانه وتعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالدين الحق، فآمن بالله وآمن برسوله محمد صلى الله عليه وسلم، واعتقد أن القرآن حق والإيمان حق؛ لكن ما علم أن هناك صلاة ولا صياماً، وبقي شهراً أو سنةً، ثم وجد شباباً مهتدين دعاةً إلى الله فعلَّموه الصلاة، وأنها واجبة، فهل يقضي المدة التي لم يصلّ فيها؟
يقول شيخ الإسلام:"اختلف العلماء: هل يجب عليه قضاء ما تركه بحال الجهل، على قولين في مذهب الإمام أحمد وغيره:"
أحدهما: لا يجب عليه القضاء، وهو مذهب أبي حنيفة:
والثاني: يجب عليه القضاء، وهو المشهور عند أصحاب الشافعي"."
من درس: التكفير وضوابطه (الحلقة السابعة)
يقول:"بل النزاع بين العلماء في كل من ترك واجباً قبل بلوغ الحجة".
أمثلة لترك الواجب من الجاهل
قال:"مثل من ترك الصلاة عند عدم الماء، يحسب أن الصلاة لا تصح بتيمم":
وهذا حكم آخر غير الحكم الأول، فالأول لا يعلم وجوب الصلاة أصلاً، وهذا يعلم وجوب الصلاة لكن يظنها لا تجب إذا لم يجد الماء.
قال:"أو من أكل حتى تبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فيحسب أن ذلك هو المراد بالآية، يعني قوله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187] ".
وضع حبلين أحدهما أسود والآخر أبيض، وقعد ينتظر حتى يميز بينهما وقد طلع الفجر، لكنه يظن جواز الأكل حتى يتبين له الأبيض من الأسود، فهل يقضي أو لا يقضي؟