فهرس الكتاب
الصفحة 196 من 359

من درس: دفع تأويلات من أول حديث الشك في القدرة من وجوه

الوجه الخامس: قال:"وأما قَدر بمعنى قدَّر أي: أراد تقدير الخير والشر، فهو لم يقل: إن قدَّر عليّ ربي العذاب".

فالموضوع ليس له علاقة بالقَدَر، لو كان كذلك لقال الرجل: لئن قدَّر عليَّ ربي العذاب ليعذبني ..

يقول:"بل قال: لئن قَدِر عليَّ ربي. والتقدير يتناول النوعين، فلا يصح أن يقال: لئن قضى الله عليّ؛ لأنه قد مضى وتقرر عليه ما ينفعه وما يضره".

أي: ولا يصلح أن يقول: لئن قضى الله عليّ؛ لأن القضاء قد كتب، وهو يريد شيئاً يتخلص منه، فيقول: (لئن قَدر) لأنه لا يدري: هل يقدر أو لا يقدر؟ أما أنه قضى وقدَّر فيما مضى فهذا أمر قد فرِغ منه.

يقول:"ولأنه لو كان المراد التقدير أو التضييق لم يكن ما فَعَله مانعاً من ذلك في ظنه".

قال:"ودلائل فساد هذا التحريف كثيرة، ليس هذا موضع بسطها".

من درس: التكفير وضوابطه (الحلقة السابعة)

قال ابن تيمية:"فغاية ما في هذا أنه كان رجلاً لم يكن عالماً بجميع ما يستحقه الله من الصفات"أي: إنما كان يعلم بعضها، مثل أن الله شديد العقاب، وأنه مالك يوم الدين يحاسب ويجازي عباده على أعمالهم، وعنده إقرار بأن الله سبحانه وتعالى يحصي على الإنسان ما فعل، أي أنه من خلال هذا الحديث نعرف أنه كان عنده شيء من العلم بالشرع، ولذلك قال: أسرفت على نفسي بالمعاصي، وما عملت حسنة، بل فعلت كل قبيح وخطيئة!

فإذاً: فهو يعلم أن الله سبحانه وتعالى يشرع لعباده، وأنه ينزل عليهم الأحكام فيأمرهم وينهاهم، وأنه شديد العقاب، وأنه يحاسب، وأنه يحصي على العباد أفعالهم، وغير ذلك.

فالرجل لم يكن عالماً بجميع الصفات، والشك إنما جاء في صفة القدرة، ولا يتعداها إلى غيرها.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام