فهرس الكتاب
الصفحة 75 من 359

الروافض مع المغضوب عليهم، والخوارج مع الضالين؛ لأن المغضوب عليهم عرفوا الحق ولم يعملوا به؛ ولذلك قال سفيان بن عيينة رحمه الله -ونقل أيضاً عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه-: [من ضل من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن ضل من عبادنا ففيه شبه من النصارى] .

وأهل الكلام يلحقون بمنهج ومسلك المغضوب عليهم، والصوفية يلحقون بالضالين.

والمقصود أننا عرفنا أن في أهل القبلة من المنتسبين للإسلام من يكون في الحقيقة كافراً، وعرفنا تصنيفاً مجملاً لهم.

من درس: التكفير وضوابطه (الحلقة الثالثة)

نرجع إلى عبارة المصنف رحمه الله يقول:

[ولهذا امتنع كثير من الأئمة عن إطلاق القول: بأنا لا نكفر أحداً بذنب، بل يقال: لا نكفرهم بكل ذنب، كما تفعله الخوارج، وفرق بين النفي العام ونفي العموم، والواجب إنما هو نفي العموم مناقضة لقول الخوارج الذين يكفرون بكل ذنب.

ولهذا -والله أعلم- قيده الشيخ رحمه الله بقوله: (ما لم يستحله) وفي قوله: (ما لم يستحله) إشارة إلى أن مراده من هذا النفي العام لكل ذنب من الذنوب العملية لا العلمية، وفيه إشكال، فإن الشارع لم يكتفِ من المكلف في العمليات بمجرد العمل دون العلم، ولا في العلميات بمجرد العلم دون العمل، وليس العمل مقصوراً على عمل الجوارح، بل أعمال القلوب أصل لعمل الجوارح، وأعمال الجوارح تبع .. إلا أن يُضمّن قوله: (يستحله) بمعنى: يعتقده أو نحو ذلك.

وقوله: (ولا نقول: لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله .. إلى آخر كلامه) رد على المرجئة، فإنهم يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، فهؤلاء في طرف، والخوارج في طرف، فإنهم يقولون: نكفر المسلم بكل ذنب، أو بكل ذنب كبير، وكذلك المعتزلة الذين يقولون: يحبط إيمانه كله بالكبيرة، فلا يبقى معه شيء من الإيمان.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام