فهرس الكتاب
الصفحة 164 من 359

يقول الحافظ رحمه الله:"وأظهر الأقوال: أنه قال ذلك في حال دهشته وغلبة الخوف عليه، حتى ذُهب بعقله لما يقول"، أي: لم يعد يعقل حقيقة ما يقول، قال:"ولم يقله قاصداً لحقيقة معناه؛ بل في حالة كان فيها كالغافل والذاهل والناسي، الذي لا يؤاخذ بما يصدر منه"، فهذا الرجل عند الموت غلب عليه الخوف حتى نسي ما عدا ذلك، وقد يأتي على بعض الناس حالة يذكر فيها الرجاء المطلق وينسى الخوف، في حال الموت وفي غيره، لكن هذا لأنه في حال الموت ولإسرافه في الذنوب والمعاصي؛ كان ذلك أليق به أن يكون أكثر ذهولاً ونسياناً لقدرة الله سبحانه وتعالى، فهو لا ينكر أن الله على كل شيء قدير، ولا ينكر البعث بعد الموت، لكن لشدة خوفه من البعث أمر أبناءه أن يفعلوا به ذلك، فهو موقن أن البعث سيكون، لكنه ظن أن هذه حيلة يمكن أن ينجو بها من العذاب فيتلافى البعث.

يقول الحافظ:"وأبعد الأقوال قول من قال: إنه كان في شرعهم جواز المغفرة للكافر"، وهذا كلام بعيد؛ إذ كيف يجوز أن يغفر الله للكفار؟ وعلى هذا التأويل لن يكون للحديث معنى، لكن يظل معناه وموعظته وعبرته قائمة على الاحتمال الصحيح: أن الخوف من الله عز وجل هو الذي حمله على ذلك.

ذكر من أول قوله:(لئن قدر الله علي)

من درس: الجواب على استشكال: كيف غفر للرجل وهو منكر للبعث؟

قال الحافظ:"ورده ابن الجوزي -أي: رد كلام ابن قتيبة - وقال: جحده صفة القدرة كفر اتفاقاً"، أي: ما دام أنه جحد القدرة، وأن الله لا يقدر على جمعه وبعثه؛ لأنه ظن أن الله لن يقدر على بعثه بعد أن يطحنوه ويذروه؛ فإن هذا كفر اتفاقاً. قال:"وإنما قيل: إن معنى قول: (هلئن قدر الله عليَّ) أي: ضيّق"، وهذه هي التأويلات، فإذا أخرجنا اللفظ عن ظاهره فلابد من تأويله، وهناك عدة تأويلات:

التأويل الأول: قوله: (لئن قدر الله عليَّ) أي: ضيق، قال ابن الجوزي:"وهي كقوله: وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ [الطلاق:7] أي: ضيق".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام