وكلما ظهر عدوٌ للأمة أعانوه، فعندما جاء الصليبيون ظهر المنافقون ظهوراً واضحاً في بعض دويلات الرافضة في مصر، وفي بلاد الشام، وكان من ملوكهم الصالح إسماعيل صاحب دمشق، وغيره، ممن فتحوا الحصون لأعداء الأمة، وأعطوهم السلاح، وأعانوهم على المسلمين -نسأل الله العفو والعافية- فظهر نفاقهم، ولمَّا جاء التتار بقيادة هولاكو الذي دخل بغداد، قام ابن العلقمي ومن يسمى نصير الدين الطوسي وأظهرا النفاق وراسلا هولاكو، وظهر شيوخ الطرق يجاهرون بضلالهم، حتى إن بعضهم كان يقود فرس هولاكو؛ لأن المؤمنين قد قضي عليهم، ولم يعد لهم قوة فلم تعد هناك حاجة في أن يتظاهر بالإيمان، فأظهر النفاق، وأصبح في ركب أعداء الله وأعداء الإسلام.
فالنفاق موجود في هذه الأمة منذ أن هاجر محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والنفاق: هو عدم الإيمان والإخلاص والإقرار لله سبحانه وتعالى بالوحدانية، ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة عن صدق واعتقاد بالقلب.
يقول رحمه الله: [وفيهم من قد يظهر بعض ذلك حيث يمكنهم] ، فإذا كانت الفرصة مواتية، والمصلحة موجودة؛ ظهر نفاقهم وكفرهم، وإلا فلا.
من درس: اختلاف الناس في إطلاق التكفير وعدمه
قال المصنف رحمه الله: [وأيضاً فلا خلاف بين المسلمين أن الرجل لو أظهر إنكار الواجبات الظاهرة المتواترة والمحرمات الظاهرة المتواترة، ونحو ذلك؛ فإنه يستتاب، فإن تاب وإلاَّ قتل كافراً مرتداً] .
فلو أن إنساناً أنكر أن الزكاة واجبة، أو أنكر أن الصلاة واجبة، أو أنكر أي واجب من الواجبات -ونقصد بها ما كان ظاهراً متواتراً معلوماً من الدين بالضرورة، فجاء أحد فأنكره فقامت عليه الحجة- فإنه كما يقول المصنف:"يستتاب، فإن تاب وإلاَّ قتل كافراً مرتداً"؛ لأنه أصر وعاند في إنكار أمر ظاهر معلوم من الدين بالضرورة.