الشاهد لهذا الموضوع قوله:"لكن من الناس من يكون جاهلاً ببعض هذه الأحكام جهلاً يعذر به، فلا يحكم بكفر أحدٍ حتى تقوم عليه الحجة من جهة بلاغ الرسالة، كما قال الله تعالى: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء:165] "، فمع ما ذكر شيخ الإسلام رحمه الله عنهم إلا أنه يحترز ويذكر احتمالات حتى لا يفهم كلامه في سياقٍ دون ما يقصد، فيقول: لا يعني ذلك أن كل من استحل شيئاً من المحرمات يكفر مطلقاً؛ لأن من الناس من يكون جاهلاً ببعض هذه الأحكام جهلاً يعذر به، والتكفير يكون كما قال:"فلا يحكم بكفر أحد حتى تقام عليه الحجة من جهة بلاغ الرسالة"، فلابد أن يبلغ قبل أن نكفره، وهذا الحكم إنما هو عندنا نحن في تكفير الناس، وليس عند الله، أما عند الله فإن الله تعالى أعلم بعباده.
يقول:"كما قال تعالى: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء:165] ، وقال تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء:15] ، وقد جعل شيخ الإسلام هذه الآية في العذاب الذي هو العقوبة في الدنيا، لكن المراد بها: عذاب الآخرة الذي هو العذاب على ترك أوامر الله، وليس العذاب الكوني القدري الذي يقع لهم في الدنيا إذا كفروا أو أعرضوا."
قال رحمه الله:"ولهذا لو أسلم رجل ولم يعلم أن الصلاة واجبة عليه، أو لم يعلم أن الخمر يحرم؛ لم يكفر بعدم اعتقاد إيجاب هذا وتحريم هذا؛ بل ولم يعاقب حتى تبلغه الحجة النبوية".
وهذا الأمر يقع كثيراً عند الذين أسلموا قريباً ولم يعلموا بأحكام الشريعة.
من درس: التكفير وضوابطه (الحلقة السابعة)
ما زلنا في موضوع الحكم على المعين بالتكفير أو التضليل أو التفسيق أو التبديع ونحو ذلك، وأن الحكم على المعين يختلف عن الحكم العام.