كانوا في أول الأمر من أشد الناس وقوفاً مع علي رضي الله تعالى عنه، ويرون أنه على الحق مطلقاً، فلما قبل التحكيم قالوا: حكّم الرجال في دين الله، إذاً كفر؛ فكفروا علياً رضي الله تعالى عنه، وخرجوا عليه وفارقوا الجماعة، والنبي صلى الله عليه وسلم وصف هذه الفرقة ودل عليها وذكر صفاتها، حتى كأن الإنسان يراها، ولهذا بعد معركة النهروان وبعد أن ناظرهم عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه، ورجع منهم من رجع وبقي منهم من بقي، وقاتلهم علي رضي الله تعالى عنه، وقال: [ابحثوا عن صاحب الثدية -تصغير ثدي- فبحثوا عنه فلم يجدوه، فقالوا: ما وجدناه، فقال لهم: والله ما كَذبت ولا كُذبت -يعني: والله! ما كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كُذبت أي لا يمكن أن يكذب عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم- فابحثوا عنه -وقيل: إن اسمه حرقوص بن زهير، فبحثوا عنه فوجدوه في ساقية تحت القتلى، فاستخرجوه وفي عضده مثل الثدي، فقالوا: هذا صاحب الثدية] يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر علياً بأنه سيقاتلهم وأن هذا هو حالهم وشأنهم وأن منهم أو من قادتهم رجلٌ يسمى ذا الثدية …
من درس: التكفير وضوابطه (الحلقة الأولى)