فهرس الكتاب
الصفحة 281 من 359

وإذا قلنا: إنه مؤمن. فكيف يكون مؤمناً بإطلاق وفيه هذا العيب؟ فكيف يكون حكمه؟!!

نقول: يبقى له هنا اسم الإسلام لا يُسْلَب منه، لكنه يكون من المخطئين أو من المتأولين، وإن لم يتعمد ذلك -كأن يكون لديه شبهة أو تأويل- فهذا يعتبر من أهل البدع، ويقال: هو باقٍ على الإسلام، ولكن فيه هذه البدعة فلا يكفر، فيثبت له اسم الإسلام.

إلا أن هناك حالات نستطيع أن نجزم في حق صاحبها أنه كافر في الباطن، كما قال ابن القيم رحمه الله -وقبله شيخ الإسلام ابن تيمية - في مسألة تارك الصلاة: لو أن إنساناً يدعي الإسلام وهو لا يصلي، فسألناه عن ذلك، فأقر بوجوبها وقال: سأصلي ثم لم يصلِ، فاستتابه ولي الأمر ثلاثة أيام إما أن يصلي وإما أن يقتل، ثم إنه مع هذا لا يصلي، فهنا نجزم أنه غير مؤمن، ونشهد بذلك؛ لأنه فضَّل أن يُقتل على أن يصلي، فكيف يكون هذا في حقيقته مؤمناً؟!

فظهر لنا هنا شيء يمكن أن نشهد به عليه بدون تردد.

وكذلك لو أن إنساناً يقول: أنا أحب الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وهو متهم أنه من الروافض فإن طلبنا منه أن يترضى عنهما، قال: لا أترضى عنهما، فقلنا: نضربك ونعاقبك، فقال: لو ضربتموني ألف سوط فلن أقول: رضي الله عنهما. فهذا نستطيع أن نجزم أنه في الباطن لا يحبهما، فغير معقول أن تحب أبا بكر وعمر ولا تبادر بالترضي عنهما.

فالخلاصة: أننا وإن كانت الأمور باطنة فيمكن أن نستدل عليها بالأمور الظاهرة، فإن الله قد ركب في النفوس من معرفة الحق والاستدلال بالظاهر على الباطن ما يشهد له الواقع، وإن كنا لا نعلم الغيب ولا ندعيه، لكن ظاهر الحال يدلنا على ذلك، وهو دليل حق- فالاستدلال به يوصلنا إلى اليقين في هذه المسألة.

الصنف الأول: المؤمنون

من درس: أصناف الناس وموقفهم من دين الله

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام