أي: كان يعتقد عدم وجوب الوضوء من مس الذكر، ثم تبين له وجوب ذلك على الخلاف الفقهي، بأن ترجح لديه بعد حين أن القول الصحيح هو أن من مس ذكره فليتوضأ.
يقول رحمه الله:"وأمثال هذه المسائل: هل يجب عليه القضاء؟".
وكذلك لو أن رجلاً قرأ أو علم أن الله شرع التيمم؛ لكن جهل كيف يتيمم فتمرغ كما تتمرغ الدابة، فصلى بهذا شهوراً أو أسابيع أو أياماً، وهكذا غير ذلك من الأحكام.
من درس: اختلاف العلماء في وجوب القضاء على الجاهل بعد علمه
والمقصود من هذه الأمثلة أن هناك خلافاً فيمن وقع في مثل هذه المسائل، وهو المكلف الذي ترك واجباً قبل بلوغ الحجة، ثم بلغته الحجة هل عليه القضاء؟
يقول:"على قولين في مذهب أحمد وغيره، وأصل ذلك هذه المسائل الأصولية". يعني من علم الأصول لا من أصول الدين، والمسألة الأصولية هي ما ذكره بقوله:
"هل يثبت حكم الخطاب في حق المكلف قبل التمكن من سماعه؟ أو لا يثبت إلا بعد أن يتمكن من سماعه؟!"
قال:"على ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره":
فالقول الأول:"قيل: يثبت مطلقاً"وذلك على القول بأن الله تعالى إذا خاطب العباد بشيء، فإنه يثبت في حق جميع المكلفين وإن لم يبلغهم.
والقول الثاني:"وقيل: لا يثبت مطلقاً".
أي: لا يثبت حتى يتمكن من سماعه ويبلغه، فيكون بلوغ الحجة شرطاً للوجوب كما سيأتي.
والقول الثالث:"وقيل: يفرق بين الخطاب الناسخ والخطاب المبتدأ، كأهل القبلة"
أي: استدلالاً بمسألة نسخ القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، وقد جاء خبر النسخ بعض الصحابة وهم يصلون، فتحولوا إلى الكعبة ولم يقضوا تلك الصلاة، ومعلوم أن النسخ كان قبل أن يبدءوا فيها؛ لكنهم لما كانوا ثابتين على حكم شرعي لم يجب عليهم.
من درس: اختلاف العلماء في وجوب القضاء على الجاهل بعد علمه