الرواية الثانية: رواية حذيفة رضي الله تعالى عنه أن عقبة قال له: ألا تحدثنا ما سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمعته يقول: {إن رجلاً حضره الموت، لما أيس من الحياة أوصى أهله} ، وفي الرواية الأولى: (أبناءه) ، قال: {إذا مت فاجمعوا لي حطباً كثيراً، ثم أوروا ناراً، حتى إذا أكلت لحمي وخلصت إلى عظمي، فخذوها فاطحنوها، فدرُّوني في اليم في يوم حارٍّ -أو راحٍّ-} (في اليم) أي: في البحر، (في يوم حارٍ -أو راحٍّ-) ، قيل: من الحور، وقيل: في يوم حانٍ، فإن العرب تقول إذا اشتدت الريح: تحن كحنين الإبل، أو تحور كحور الإبل، (أو راحٍّ) أي: شديد الريح، {فجمعه الله، فقال: لِمَ فعلت؟ قال: خشيتك. فغفر الله له، فقال عقبة: وأنا سمعته يقول} . فالحديث من رواية عقبة وحذيفة رضي الله عنهما.
من درس: حديث الرجل الذي قال لبنيه (إذا مت فاسحقوني)
الرواية الثالثة: رواية أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، إلا أنه قال في أولها: {كان رجل يسرف على نفسه في المعاصي، فلما حضره الموت قال لبنيه: ... } إلخ الحديث.
من درس: حديث الرجل الذي قال لبنيه (إذا مت فاسحقوني)
وقد ذكر الإمام البخاري رحمه الله هذا الحديث في كتاب الرقاق، وفي كتاب التوحيد، وفي كتاب أخبار الأنبياء، وبوب له في كتاب الرقاق: (باب الخوف من الله) ، وهذا من فقه الإمام البخاري رحمه الله، وكما قال العلماء: فقه البخاري في تراجمه.
ومن هنا نعلم ما يريده البخاري رحمه الله وما الذي يختاره في معنى هذا الحديث؛ لأن الحديث فيه خلاف كبير، فالبخاري رحمه الله عندما يضعه في باب معين ويختار له ترجمة معينة؛ فإنه يضعه في الباب الذي يرى أنه يدل عليه، فقد قال رحمه الله وغفر له: (باب الخوف من الله) ، فلينتبه لهذه الترجمة!