فهرس الكتاب
الصفحة 46 من 359

وكلامنا هنا إنما هو فيمن يرد الآية أو الحديث رداً بلا شبهة ولا تأويل، وهذا يدخل فيه أمور قد تساهل فيها بعض الناس، فمثلاً: هناك أشياء يرى بعض الناس أنها سهلة ولا محذور في إتيانها، فإن كان دافع المرء لإتيانها الإنكار والجحود ورد الأدلة؛ فإن الأمر خطير جداً - نسأل الله العفو والعافية-؛ لأنه ينافي أصل الإيمان؛ إذ أن أصل الإيمان هو الإذعان والانقياد والرضا، فإذا لم يوجد عنده أصل الإيمان أو الإذعان فإنه يكفر، وإن كان العمل في الأصل لا يكفر من فعله إن كان محرماً، أو من تركه إن كان واجباً، لكن إذا لم ينقد للأمر في ذاته وفي نفسه؛ فإنه في هذه الحالة يكفر، ولهذا قلنا: إن الطائفة الممتنعة عن أداء الواجبات المعلومة من الدين بالضرورة تقاتل قتال ردة؛ لأن اجتماعها وامتناعها ومقاومتها للحق ليس مجرد عصيان ومخالفة غير مكفرة، وإنما هو كفر ناتج عن اعتقاد؛ لأنها رد للحق، وهذا كما ذكر الله سبحانه وتعالى عن أهل الكتاب فقال: وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ [التوبة:29] ، فقوله: (لا يدينون دين الحق) لأنهم يقولون: إن الله ثالث ثلاثة، وإن محمداً صلى الله عليه وسلم ليس برسول -عياذاً بالله من هذا الزيغ والكفر- وهذا واضح، لكن زيادة على ذلك فإنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله؛ فإنهم يشربون الخمر، ويأكلون الخنزير، وهذا من أسباب كفرهم، مع أنهم كفار في العقيدة، لكن الكفر تجتمع له أسباب كثيرة، فالنصارى مثلاً يكفرون بقولهم: إن الله ثالث ثلاثة، وأيضاً يكفرون باستحلالهم أكل الخنزير، وشرب الخمر.

من درس: اختلاف الناس في إطلاق التكفير وعدمه

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام