وفي مثل هذا الباب من يسرق أو يزني أو يشرب الخمر ضعيف الإيمان، ويبقى على إسلامه ولكنه ناقص الإيمان، وهذا وأشباهه قول يقبل ولا بأس به، لكنهم يرون أنه شيء واحد فقط، وليس عندهم تدرج بل نفي للإيمان بالكلية، بخلاف الإيمان عند أهل السنة والجماعة فإنه بضع وسبعون شعبة، أعلاها كذا وأدناها كذا، فقد يكون عند الإنسان ثلاثون شعبة، أو أربعون، أو خمسة وأربعون أو خمسون يتعبد بها وهكذا، ومن ذلك الناس يتفاوتون في إيمانهم وفي صلاتهم وفي صيامهم وفي زكاتهم وفي حجهم تفاوتاً واختلافاً كبيراً، فقد يصلي الرجلان في الصف الواحد وبين صلاتهما بون عظيم، وهذا شيء واضح ومعلوم، لكن هؤلاء قالوا: لا. إما يكون مؤمناً إذا كان موافقاً للحد الذي وضعناه، وإما أنه ليس بمؤمن إذا خالف ولو في شيء يسير، وعليه فعثمان رضي الله تعالى عنه عندهم كافر غير مؤمن لأنه ارتكب كبيرة -في نظرهم- إذ أنه نقص عما كان عليه الشيخان، فمثلاً حمى الحمى، واستأثر بشيء من بيت المال -بزعمهم- وولى أقرباءه، وأتم الصلاة في مكة .. إلى غير ذلك من أمور اجتهادية وهو رضي الله تعالى عنه له فيها رأي وله اجتهاد، وغاية ما في الأمر أنه أخطأ، لكنهم ليس عندهم شيء اسمه خطأ أو صواب، إما كافر أو مؤمن فقط، وليس هناك ناقص إيمان وضعيف إيمان، كذلك من جاء بعده كعلي رضي الله تعالى عنه قالوا: حكَّم الرجال، والله يقول: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ [الأنعام:57] ، فهذا كلام الله، وهو يقول بحكم فلان وفلان فقد كفر، سبحان الله! أهكذا يكون الاحتجاج؟!! أهكذا يكون الاستدلال؟!!
ولهذا حاجهم وألزمهم حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه من كتاب الله تعالى كما تقدم.
إذاً: ليس عندهم حجج ولا براهين، وليس عندهم إلا شبهات وآراء يجمعونها ويتصلبون عليها ولا يقبلون فيها نقاشاً، وهم بذلك يكفرون الصحابة رضوان الله تعالى عليهم.
من درس: فرق الخوارج