ولو كان الإنسان محباً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم: فإنه يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يقدم هذا المتاع أو المحبات أو العلاقات على الجهاد في سبيل الله، لكن قد يقع الضعف من الإنسان ويدخل فيه التقصير فيجتمع في نفسه هذا وهذا، فوعيد الله هنا يتعلق بالمحبة المطلقة الكاملة، وهذا الصحابي يحب الله ورسوله إلا أن هذه المحبة تنخفض وترتفع عند إتيانه هذه المعصية.
معنى نفي الإيمان عن مرتكب الكبيرة
قال رحمه الله:"ويؤخذ منه تأكيد ما تقدم أن نفي الإيمان عن شارب الخمر لا يراد به زواله بالكلية"نفي الإيمان عن شارب الخمر، {ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن} . المقصود به -كما يقول الإمام- أنه لا يراد به زواله بالكلية، قال:"بل نفي كماله كما تقدم"، وهذا منطوق العبارة، ولو رجعنا إلى كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله في أول الصحيح في كتاب الإيمان، لعلمنا لماذا وقع في مثل هذه العبارة، فهو -ابن حجر رحمه الله- يرى أن الأعمال كمال للإيمان، وأنها شرط في كمال الإيمان، وهو في هذا رحمه الله متأثر بكلام النووي والقاضي عياض والقرطبي رحمهم الله جميعاً، لكنه مع تبحره وسعة علمه ونقله عن أهل السنة من كتاب الإيمان للإمام أحمد، ومن كتاب أصول أهل السنة والجماعة للالكائي، ومن كتاب الشريعة للآجري، ومن السنة لابن أبي عاصم وغيرها، وقد أدرج هذه النقولات بأكملها -تقريباً- في ضمن هذا الكتاب العظيم الذي هو الفتح، إلا أنه في هذه النقطة تابع كلام هؤلاء الأئمة الشراح -على فضلهم وجلالتهم- الذين خفي عليهم الحق في هذه المسألة والتبست عليهم القضية، فجعلوا الفرق بين مذهب المعتزلة ومذهب السلف أن المعتزلة يرون أن الأعمال شرط في ثبوت الإيمان، والسلف يرون أن الأعمال شرط في كمال الإيمان، وليس هذا مذهب السلف، فمذهب أهل السنة والجماعة في الإيمان أنه قول وعمل، فالأعمال هي جزء من الإيمان.