يقول شيخ الإسلام رحمه الله:"ولهذا كان رحمه الله يفرِّق بين الأماكن التي كَثُرت فيها البدع، كما كثر القدر في البصرة، والتنجيم بخراسان والتشيع في الكوفة، وبين ما ليس كذلك"، أي: أن التنجيم انتشر في خراسان والمناطق المجاورة لها، وقد ألف الفخر الرازي -وهو إمام الأشعرية في زمانه- ألَّف كتاباً اسمه: (السر المكتوم في مخاطبة النجوم) .
فقد فرق الإمام أحمد، والمعنى أنه لو وجد شيعي يدعو إلى بدعته في المدينة النبوية، وهي البقعة التي بقيت هي ومكة أنظف البلاد عن البدع؛ لظهور آثار النبوة فيهما؛ ولأن فيهما أولاد الصحابة، لا سيما في المدينة، التي فيها المهاجرون والأنصار والتابعون الذين تتلمذوا عليهم، ثم تلاميذهم، فكانت أقلَّ البلاد احتواء لأهل البدع.
يقول شيخ الإسلام:"ويُفرّق بين الأئمة المطاعين وغيرهم"يُفرَّق بين الإمام المطاع المتَّبع من أهل البدع وبين غيره، قال:"وإذا عُرف مقصود الشريعة سُلك في حصوله أوصل الطرق إليه"فالمهم أن تنظر إلى مقصد الشرع، ثم تسلك أوصل وأقصر وأفضل الطرق التي تؤدي إليه، أي: أن الحكمة هي فهم مقاصد الشرع، ثم إنزال النصوص عليها وأخذ كل حالةٍ بحسبها، وهناك مشكلة تواجه كثيراً من الدعاة، فهم يعرفون الحق ويقولونه، ويلتزمون منهج السلف في الاعتقاد، وفي الدعوة والعلم، لكن ينقصهم إنزال هذا العلم على واقعه الصحيح.
من درس: الأدلة على أن العمل في الهجر تابع لمصلحة الدين
يقول رحمه الله:"والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألَّف قوماً ويهجر آخرين. كما أن الثلاثة الذين خلِّفوا كانوا خيراً من أكثر المؤلَّفة قلوبهم".