فالمقرر عند السلف أن من لا يصلي ولا يصوم ولا يحج ولا يزكي ليس بمسلم، ولذلك استنكر التابعي ذلك في حق قوم لم يدروا ولم يسمعوا إلا الشهادتين، فكيف بمن يسمع الأذان كل وقت حتى في الإذاعة والتلفاز في وقت كل صلاة، ويرى الناس يصومون، ويسمع عن الحج كل عام، ومع ذلك لا يصوم ولا يصلي ولا يحج؛ لكن يسهر إلى آخر الليل، ثم ينام إلى الساعة الثامنة أو التاسعة، ثم يذهب إلى العمل ويرجع بلا صلاة ولا صوم، ولا عنده شيء من الدين، هل هذا يكون مسلماً؟!
حديث حذيفة لا يدل على عدم كفر تارك الصلاة
ثم إن حديث حذيفة لا يدل على عدم كفر تارك الصلاة وعدم خلوده؛ فكيف نقول: إن تارك الصلاة الذي يسمع الأذان ويعلم الوجوب، ويرى الناس يغدون ويجيئون إلى بيوت الله، ومع ذلك لا يصلي ولا يصوم ولا يفعل شيئاً من ذلك، أيكون هذا مسلماً أو ينجو من النار؟!
لا يمكن ذلك.
فإذا كان هذا في حق من كانوا في آخر الزمان، فكذلك -كما يقول شيخ الإسلام - من نشأ ببادية بعيدة، أو منطقة مغمورة لم تظهر فيها آثار النبوة؛ فإنه لا يؤاخذ حتى يبلغه ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم.
من درس: ذكر الاتفاق على انتفاء الإثم مع الجهل
يقول:"ولهذا اتفق الأئمة على أن من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم والإيمان، وكان حديث العهد بالإسلام، فأنكر شيئاً من هذه الأحكام الظاهرة المتواترة، فإنه لا يحكم بكفره حتى يعرف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا جاء في الحديث: {يأتي على الناس زمانٌ لا يعرفون به صلاةً ولا زكاةً، ولا صوماً ولا حجاً، إلا الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، يقولون: أدركنا آباءنا وهم يقولون: لا إله إلا الله، وهم لا يدرون صلاةً ولا زكاةً ولا حجاً، -فقال:- ولا صوم ينجيهم من النار} ".