إذاً: لو كان الخارجون هم كل من خرج على الإمام العدل، لكان كل من خرج على علي رضي الله تعالى عنه من أهل الجمل، وأهل الشام خوارج، لكن الحقيقة أن أصل كلمة (الخوارج) إذا أطلقت فالمراد من يعتقد هذه البدعة أو هذه العقيدة، ولا يجوز أن تطلق على مجرد الخروج على الإمام، فالخارج على الإمام إن كان خرج عليه معتقداً اعتقاد الخوارج فهو خارجي؛ لأنه على عقيدة الخوارج؛ أما إن خرج عن طاعة الإمام الحق على تأويل آخر أو طمعاً في الدنيا أو ما أشبه ذلك فيسمى باغياً.
فأوضح وصف لهؤلاء أنهم:
الذين يكفرون المسلمين بمجرد المعاصي والذنوب التي هي دون الكفر أو الشرك، ولم يكفر الله ورسوله من اقترفها، وإن كانوا قد تأولوا بعض النصوص.
من درس: التكفير وضوابطه (الحلقة الأولى)
وهؤلاء الخوارج طبقات ودرجات وفرق -وإن كان أصلها واحداً- ويجب أن ننبه دائماً على أن البدعة مدعاة للفرقة فما ابتدع قوم بدعة قط إلا وتفرقوا فيها، فأول ما بدأ الرفض والتشيع في رجل واحد اسمه عبد الله بن سبأ اليهودي، ثم أصبحوا -كما في كتبهم- أكثر من سبعين فرقة، وكذلك الخوارج، ومثل ذلكالصوفية إذ أنها بدأت بأشخاص زهَّاد يتعبدون و ... إلخ، والآن طرق الصوفية لا تحصى كثرةً، بل الطريقة الواحدة تنشق إلى طريقتين والطريقة التي انشقت تنشق إلى طريقتين أو ثلاث أو أربع أو عشر ... إلخ.