فهرس الكتاب
الصفحة 9 من 359

وبما أن البدعة دائماً مدعاة للفرقة فلا يوحد الناس ولا يجمعهم إلاَّ منهج أهل السنة والجماعة الذي هو المنهج الحق، فالخوارج أول ما خرجوا كانوا فرقة واحدة، وكانوا رأياً واحداً كل همهم وكل جهدهم هو تكفير علي رضي الله تعالى عنه، ثم كفروا أيضاً عثمان رضي الله تعالى عنه، وكفروا بطبيعة الحال معاوية وعمرو بن العاص، بل لما كانت معركة الجمل -وكانوا مع علي رضي الله تعالى عنه- كفروا أصحاب الجمل، وهكذا أخذوا يكفرون حتى إنه لم يسلم من تكفيرهم من الأمراء المؤمنين أو الخلفاء إلا الشيخان أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهم أجمعين، ولهذا لما أرسل إليهم علي رضي الله عنه من يناظرهم قالوا: لا نبايعه ولا نرجع في طاعته، وقالوا: إن جئتمونا بمثل عمر دخلنا في طاعته، وعلي ليس كمثل عمر، فمن أين نأتي بمثل عمر؟! وليت الخوارج رضوا بعد الجهد أن يبايعوا علياً رضي الله تعالى عنه، لكنهم أبوا واستمروا بلا راية، حتى اجتمعوا في مكان يقال له حروراء، ولهذا يقال لهم: حرورية -كما قالت أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها: [أحرورية أنتِ؟] عند أن سألتها امرأة: لماذا تقضي الحائض الصيام ولا تقضي الصلاة؟ تريد أن تكشف لنا منهج الخوارج، وهكذا سؤال الخوارج دائماً: لماذا كذا؟ أما المؤمنون فهم يسلّمون ولا ينازعون ولا يجادلون، هذا هو الدين وهذا هو الشرع-.

بعد أن تجمع الخوارج في حروراء أمَّروا عليهم رجلاً من بني تميم يقال له عبد الله بن وهب الراسبي، هذا في زمن علي رضي الله تعالى عنه حتى إن ابن حزم رحمه الله نقدهم في ذلك قال:"طالبوا بعمر أو بمثل عمر، فلما لم يجدوا أمَّروا عليهم عبد الله بن وهب وهو أعرابي بوال على عقبيه ليس له سابقة ولا فضل ولا شهد الله له بخير"وليتهم أمروا أحد الصحابة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام