فهرس الكتاب
الصفحة 82 من 359

ويحب أن نفرق بين من أخطأ من أهل السنة في بعض أمور العقيدة، وبين من ابتدع من المبتدعة في هذه الأمور، فلابد من التفريق بين النوعين، وهذه مسألة عظيمة ومهمة؛ إذ ليس كل أحد من أهل السنة معصوماً، بل يمكن أن يخطئ بعض أهل السنة حتى في أمور الاعتقاد، لكنه يظل من أهل السنة ما دام قد اجتهد فأخطأ.

وأما أهل البدعة الذين هم أهلها، فهم الذين فعلوها عن جحود للحق وإنكار وشبهة، ولم يستجيبوا لمن كشفها، واعتمدوا على أصل من الأصول غير الكتاب والسنة.

فقد يتفق السني والبدعي في الواقع والحال، لكنهما يختلفان في الحكم، ولهذا كانت عبارات السلف رحمهم الله دقيقة، فأحياناً يقولون: هذا قول المعتزلة ووافقهم عليه فلان من الرافضة مثلاً، وموافقته لهم لا تعني أنه منهم، لكنها تعني أنه وافقهم عليه وأقرهم، وقال بمثل قولهم، فبذلك نفرق بين المخطئ من أهل السنة وبين المبتدع، وإن كانت البدعة قد تكون أحياناً واحدة.

وهناك أمثلة تطبيقية على هذا، وعندنا في باب الإيمان مثال واضح لذلك، فإننا سنجد أن بعض أئمة السلف وقعوا في الإرجاء.

ومع أننا سنذكر الوعيد والإنكار الشديد من أهل السنة على المرجئة، فلابد أن نفرق بين من وقع فيه عن خطأ وبين من وقع فيه عن تعمد وابتداع.

من درس: التكفير وضوابطه (الحلقة الرابعة)

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[وطوائف من أهل الكلام والفقه والحديث لا يقولون ذلك في الأعمال، لكن في الاعتقادات البدعية، وإن كان صاحبها متأولاً، فيقولون: يكفر كل من قال هذا القول، لا يفرقون بين المجتهد المخطئ وغيره، أو يقولون: بكفر كل مبتدع، وهؤلاء يدخل عليهم في هذا الإثبات العام أمور عظيمة، فإن النصوص المتواترة قد دلت على أنه يخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان، ونصوص الوعد التي يحتج بها هؤلاء تعارض نصوص الوعيد التي يحتج بها أولئك.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام