وشخص آخر عنده هذه البدعة نفسها، لكن معه جهاد وصيام وزكاة وحج وصدقة، وأمور كثيرة من الحسنات، فهذه إذا وضعت مع تلك البدعة رجح ميزان الحسنات؛ سواء وفق ميزاننا نحن في الدنيا عندما نزن الرجال أو عند الله سبحانه وتعالى.
إذاً: القائل المعين شيء والفرقة شيء آخر.
من درس: التكفير وضوابطه (الحلقة الرابعة)
بعد ما ذكر المصنف رحمه الله حديث الرجل الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمه عبد الله وكان يلقب حماراً، قال:"وهذا أمر متيقن به في طوائف كثيرة وأئمة في العلم والدين، وفيهم بعض مقالات الجهمية، أو المرجئة، أو القدرية، أو الشيعة، أو الخوارج، ولكن الأئمة في العلم والدين لا يكونون قائمين بجملة تلك البدعة بل بفرع منها"أي: أنه لا يمكن لإمام من الأئمة في العلم والدين أن يكون شيعياً أو قدرياً -مثلاً- من جميع الوجوه ويكون قائماً بجملة تلك البدعة، لكن قد يقوم بفرع وجزئية منها.
وأعبر بتعبير واضح عن هذا فأقول: هناك فرق بين المنهج العام للإنسان وبين الأخطاء في المسائل التفصيلية، فالإنسان إذا كان منهجه العام الأخذ من الكتاب والسنة، فهذا يعد من أهل السنة وإن أخطأ في التفاصيل، ومن كان منهجه الاعتزال، فيقال: إنه معتزلي وإن أصاب في بعض الأمور أو وافق أهل السنة أو أخذ بحديث أو بأكثر من أحاديث الصحيح، فالأئمة المشاهير ممن اتهم بارتكاب بعض العقائد البدعية أو الضلالات لم يأخذها جملة، ولو أخذها جملة لصار من أهلها، ولكنه أخذ فرعاً منها.
فلابد من التفريق بين المنهج والجزئية، وبهذا المنهج نتعامل مع الأحزاب والجماعات والفئات المعاصرة؛ فقد يكون فلان مثلاً زعيماً زنديقاً ملحداً، لكن قد يكون من أتباعه من فيه خير ودين وصلاح وإن وافقه في بعض ما يقول، وهذا الحكم من العدل الذي أمر الله سبحانه وتعالى به.