فنقول له: إن كنت تقول هذا في حق إنسان لم يكفره الله ولا رسوله فهذا صحيح، وإن كنت تقوله على سبيل التحرج؛ لأنك لا تعرف المعينين ولا تستطيع أن تجزم به، فهذا أيضاً صحيح.
أما إن كنت تتحرج أو تتحرز عن إطلاق شيء أطلقه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهذا لا يجوز، كما أن الذي يطلق الألفاظ بغير حق يعد ظالماً باغياً.
من درس: منهج أهل السنة والجماعة في تكفير المعين
يقول المصنف رحمه الله: [وأما الشخص المعين إذا قيل: هل تشهدون أنه من أهل الوعيد وأنه كافر؟] ، أي: ممن ينزل بهم الوعيد، كما ذكرنا لو أن إنساناً شهد بأن فلاناً من أهل الوعيد بناءً على أنه أكل مال اليتيم، أو زنى، أو شرب خمراً، أو سرق، أو نحو ذلك،"أو أنه كافر"، أي: إذا ارتكب مكفراً في نظر أحد، قال الشيخ:"فهذا لا نشهد عليه إلا بأمر تجوز معه الشهادة".
ولم يقل الشيخ: لا نشهد على أحدٍ أو لا نكفر أحداً بالكلية، فإن هذا ليس هو مذهب أهل السنة، ومن الناس من يقول: لا نكفر أحداً بالكلية، ولا ننطق بكلمة الكفر بأفواهنا، ولا نطلقها في كتاباتنا، ومجرد أن يراها أو يسمعها يقشعر جلده وتشمئز نفسه، ويقول: هذه سبب الفتنة، وهي التي أدت إلى الخلاف منذ قديم الزمان، وهي التي منعتنا من توحيد الصفوف ومن جمع الكلمة .. ويأتي بعلل ما أنزل الله بها من سلطان!!
فنقول: ليس هذا هو المنهج الصحيح، فإن الشيخ يقول:"لا نشهد عليه إلا بأمر تجوز معه الشهادة"، والشهادة تجوز في الأمر المتيقن، فمن رأى إنساناً يسرق ويأخذ مالاً من حرز، أو يشرب خمراً، فإنه يشهد عليه.
فمن كان متيقناً من أمر فإنه يشهد به ولا حرج في ذلك، فيكون قد أدى ما عليه من الشهادة، بل قد يأثم إذا لم يشهد كما قال تعالى: وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ [البقرة:283] ، فلو كتم شيئاً من الشهادة يترتب عليها حقوق أو مصالح للعباد فإنه آثم.