فالشهادة يدلى بها وتقال وتبين، فلا ننفي مطلقاً بأن لا نشهد على معين بالكفر، وأيضاً لا نطلق الحكم جزافاً، فنقول: هذا المعين كافر، وهذا هو التوسط.
أما الفرق الضالة فإنها خالفت أهل السنة في هذا الأمر، فالمرجئة وأشباههم ابتعدوا عن إطلاق الكفر بالكلية!
والخوارج يكفرون الرجل بعينه! وإن كان من أفضل الناس ومن خيارهم؛ لأنه فعل فعلاً قد لا يكون كفراً ولا كبيرة، ولكنه في نظرهم كذلك.
وأهل السنة والجماعة هداهم الله تعالى للطريق الوسط بين هذين، فهم لا يكفرون أو يبدعون أو يضللون أو يفسقون إلاَّ بأمر تجوز معه الشهادة، أي: في حق المعين.
يقول المصنف رحمه الله: [فإنه من أعظم البغي أن يشهد على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه بل يخلده في النار] .
فمن ادعى أن فلاناً من الناس كافر، وهو على غير يقين وعلى غير علم بحاله وبحقيقة أمره، فقد بغى عليه أعظم البغي؛ لأن من لوازم ذلك ومما يترتب عليه: أن هذا الرجل سيكون خالداً مخلداً في النار، وأن الله لن يغفر له ولن يرحمه.
وأنه في هذه الدنيا ليس من المسلمين، ولا يقبل منه أي عمل، ويموت كافراً، ولا تتوفاه إلا ملائكة العذاب التي تتوفى الكافرين، ويعذب في قبره عذاب الكافرين، ويحشر يوم القيامة مع الكفار، ويكون مصيره النار والخلود فيها … إلخ، وكل هذه الأحكام تابعة للقول بأن فلاناً من الناس كافر.