[ولأن الشخص المعين يمكن أن يكون مجتهداً مخطئاً مغفوراً له، ويمكن أن يكون ممن لم يبلغه ما وراء ذلك من النصوص، ويمكن أن يكون له إيمان عظيم وحسنات أوجبت له رحمة الله، كما غفر للذي قال: إذا متُّ فاسحقوني ثم ذُرُّوني .. ثم غفر الله له لخشيته، وكان يظن أن الله لا يقدر على جمعه وإعادته، أو شك في ذلك.
لكن هذا التوقف في أمر الآخرة لا يمنعنا أن نعاقبه في الدنيا لمنع بدعته، وأن نستتيبه، فإن تاب وإلا قتلناه.]
الشرح: هذا مثال آخر لكون المعين قد لا يندرج تحت الوعيد العام؛ فإن الإنسان قد يفعل الكفر أو يقوله، لكنه لا يندرج تحت الوعيد العام في التكفير أو التضليل أو التفسيق؛ لمانع من الموانع قام به، وقد ذكر المصنف من الموانع: أن الشخص المعين يمكن أن يكون مجتهداً مخطئاً مغفوراً له، فقد يكون مذنباً، وقد يكون جاهلاً، كما يظهر من هذا الحديث، أن الحامل لصاحبه على أن قال ما قال هو الجهل، وسوف نفصل الكلام في هذا الحديث بعد أن نذكر بعض ألفاظه.
من درس: التكفير وضوابطه (الحلقة السادسة)
صحة الحديث والرد على من أنكره
هذا الحديث متفق عليه، رواه الإمام البخاري والإمام مسلم، ورواه غيرهما من الأئمة، فهو حديث صحيح ثابت، ومن رده فقد ردَّ حديثاً صحيحاً ثابتاً من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا دليل له على رده، ولم يرده أحد أولم يعمل به بناءً على دليل علمي أو شبهة، وإنما غاية ما عندهم أن يقولوا: إنه مخالف للقطعيات أو للكليات، أو مخالف للأصول، أو ما أشبه ذلك، وهذا كله من معارضة الحق بالباطل؛ لأن الأصول والقطعيات عندنا هي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهناك فرق بين القواعد العقلية والقواعد الشرعية: فالقواعد العقلية لا تقبل التخصيص، فإذا وُجدت جزئية واحدة، أو مثال واحد لا تنطبق عليه القاعدة؛ بطلت القاعدة.