يقول المصنف: [وعن أبي يوسف رحمه الله أنه قال: (ناظرت أبا حنيفة رحمه الله مدة حتى اتفق رأيي ورأيه أن من قال بخلق القرآن فهو كافر) ] وقد نص المصنف رحمه الله على أبي حنيفة بالاسم؛ لأنه حنفي وهو يؤلف للحنفية، فحتى لا يقال: أنت خرجت عن مذهب إمامك؛ أراد أن يقول: إن مذهب الإمام أبي حنيفة -كما قال عنه تلميذه أبو يوسف: إنه يكفر من قال: إن القرآن مخلوق، ولا شك أن أي حنفي مُسلِّم بأن الإمام أبا حنيفة أورع منه، وكل الحنفية مسلِّمون أنه متبوع ومجتهد وأن آراءه صحيحة، حتى إن بعضهم يغلو فيه غلواً عجيباً، فلشدة غلوهم وكون الشيخ المصنف منهم، ولأنه يريد أن يخاطبهم؛ نص على أن الإمام أبا حنيفة رحمه الله نص -كما روى عنه تلميذه أبو يوسف:"أن من قال: القرآن مخلوق فقد كفر"، ولا يعني ذلك أن الإمام أبا حنيفة كفَّر كل معين! وإنما أطلق القول، ولهذا قال المصنف رحمه الله:"وأما الشخص المعين إذا قيل ... إلخ"، أي أنه سيأتي الكلام على المعين، وأما ما هنا فإنما هو في الحكم على القول على العموم، أي أنه لابد من التفريق بين الحكم على المقالة والحكم على قائلها، والتفريق بين إطلاق الوعيد العام وبين تنزيله على المعين، والتفريق بين العقوبة وبين تنفيذها في حق المعين.
من درس: التكفير وضوابطه (الحلقة الخامسة)
قال المصنف رحمه الله تعالى:
[وأما الشخص المعين، إذا قيل: هل تشهدون أنه من أهل الوعيد وأنه كافر؟ فهذا لا نشهد عليه إلا بأمر تجوز معه الشهادة، فإنه من أعظم البغي أن يشهد على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه بل يخلده في النار، فإن هذا حكم الكافر بعد الموت.