قال:"وكذلك أنكر بعض السلف بعض حروف القرآن مثل إنكار بعضهم قوله: أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آمَنُوا [الرعد:31] ، وقال: إنما هي: أولم يتبين الذين آمنوا - وإنكار الآخر قراءة قوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23] وقال: إنما هي: ووصى ربك"، وقد تقدم معنا ذلك بالتفصيل في موضوع الخلاف في القراءات.
قال:"وأيضاً فإن الكتاب والسنة قد دلا على أن الله لا يعذب أحداً إلا بعد إبلاغ الرسالة، فمن لم تبلغه جملة"يعني: لم يبلغه شيء من الدين جملة"لم يعذبه رأساً"أي: لا يعذب أيضاً جملة.
"ومن بلغته جملة دون بعض التفصيل لم يعذبه إلا على إنكار ما قامت عليه الحجة الرسالية"، فيحاسب على الجملة التي بلغته، لكن لا يعذب ولا يحاسب على التفصيل الذي لم يبلغه، وهذا من عدل الله سبحانه وتعالى، وذكر رحمه الله بعد ذلك الأدلة على ذلك.
من درس: تكفير أهل البدع والأهواء متفرع عن مسألة الأحكام والأسماء
ومن ثم يقول:"هذا الكلام يمهد أصلين عظيمين:"
أحدهما: أن العلم والإيمان والهدى فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن خلاف ذلك كفر على الإطلاق، فنفي الصفات كفر، والتكذيب بأن الله يرى في الآخرة، أو أنه على العرش، أو أن القرآن كلامه، أو أنه كلم موسى، أو أنه اتخذ إبراهيم خليلاً كفر، وكذلك ما كان في معنى ذلك"أي: ما كان فيه جحد أو إنكار لأصل من أصول العقيدة والإيمان أو من أصول الأحكام العملية التي دل عليها الكتاب والسنة."
وهنا فائدة وهي: أن الأصول تطلق على ما يتعلق بالعقيدة، ويقابلها الفروع، وهي الأحكام العملية، ولكن ليس هذا هو المراد هنا، إنما المراد بالأصول هنا: أصول العقائد من جهة، وأصول الأحكام العملية من جهة أخرى.
فمثلاً: وجوب الصلاة، وتحريم الزنا، وتحريم الخمر، هي من أصول الأحكام.