وقد تقدم شرح الأصول الخمسة وشرح كلام المعتزلة، ويقابلهم في هذا القول المرجئة الذين أخذوا بنصوص الوعد.
يقول رحمه الله:"فعارضهم غالية المرجئة بنصوص الوعد، فإنها قد تتناول كثيراً من أهل الكبائر"يعني: أنهم يعتمدون نصوص الوعد؛ مثل قوله صلى الله عليه وسلم: {من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة} فإنه يتناول أصحاب الكبائر، ومثل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر: {وإن زنى وإن سرق} فردوا عموم الوعيد بعموم الوعد.
يقول:"فهنا اضطرب الناس، فأنكر قوم من المرجئة العموم"وهذا من المذاهب الغريبة، وهو الذي يظهر من مذهب الأشعرية ومن أكثر كلامهم، فقد اضطروا حتى يتخلصوا من هذه القضية إلى أن يقولوا: (العموم مجاز، ولا يوجد عموم في اللغة أصلاً) .
من درس: مواقف الفرق من نصوص الوعد والوعيد
يقول:"وقال المقتصدة -ويعني بكلامه هذا أهل الحق-: بل العموم صحيح"العموم حق"والصيغ صيغ عموم"، يعني: قد أنكر أولئك المبتدعة صيغ العموم جميعاً مثل (من، وما، وكل، والنكرة في سياق النفي، وألفاظ العموم جميعاً) ، وأثبت أهل السنة العموم ينكروا الصيغ الدالة عليه.
قال:"لكن العام يقبل التخصيص"يعني: أي نص عام يمكن أن يأتي نص يخصصه، فالعموم يبقى، ولكن في حق المعين نأخذ الحكم بشروطه هل تحققت، وبموانعه هل انتفت، ثم نحكم عليه.