فهرس الكتاب
الصفحة 27 من 359

إذاً: الخلاف في التكفير يدخل في بابين هما: باب العمليات، وباب المقالات أو الاعتقادات المخالفة لما جاء به الشرع والدين في نفس الأمر أو في اعتقاد المخالف، أي: قد تكون مخالفة حقيقةً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد تكون مخالفةً فقط في اعتقاد المخالف فيكفر من خالفه فهذا التكفير في الاعتقاديات، أما في العمليات فالأمر فيه واضح وهو أن هؤلاء الضُّلال الذين ضلوا -عياذاً بالله- كالخوارج يكفرون المسلمين بارتكاب الكبائر العملية، فمن زنى أو سرق أو شرب الخمر فهو عندهم كافر، وهذا خلاف ما نصت عليه نصوص الكتاب والسنة، وليس هناك كبيرة بعد الشرك أعظم من قتل النفس المعصومة، فالله تبارك وتعالى لم يحكم بالكفر على من قتل نفساً أو قتل مؤمناً، ولقد بين الله سبحانه وتعالى معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: {سباب المسلم فسوق وقتاله كفر} وأن ذلك ليس كفراً مخرجاً من الملة، وقد يقع من المؤمن فلا يكفر كفراً مخرجاً من الملة قال تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [الحجرات:9] إذاً: القتال قد يصدر من المؤمنين ويقع بينهم، وبهذا يتضح ضلال الخوارج في باب الكبائر.

من درس: التكفير وضوابطه (الحلقة الثانية)

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[واعلم رحمك الله وإيانا أن باب التكفير وعدم التكفير بابٌ عظمت الفتنة والمحنة فيه، وكثر فيه الافتراق، وتشتتت فيه الأهواء والآراء، وتعارضت فيه دلائلهم، فالناس فيه -في جنس تكفير أهل المقالات والعقائد الفاسدة، المخالفة للحق الذي بعث الله به رسوله في نفس الأمر، أو المخالفة لذلك في اعتقادهم- على طرفين ووسط، من جنس الاختلاف في تكفير أهل الكبائر العملية.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام