فكتاب المقالات والفرق من المرجئة قد أرادوا أن تبرأ ساحتهم من تهمة الإرجاء، فقرروا أن المرجئة هم الذين يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب، ولا ينفع مع الكفر طاعة.
ولكن ليس هذا ضابط المرجئة؛ بل إن المرجئ هو: (كل من أخرج العمل عن الإيمان) ، ثم هم درجات متفاوتة.
وهذا الخلاف في تعريف المرجئ هو خلاف منهجي بين أهل السنة والجماعة من جهة، وبين المرجئة -ولاسيما الأشعرية وغيرهم ممن كتب في المقالات- من جهة أخرى، فالمرجئ عندهم من يقول: لا يضر مع الإيمان معصية؛ كما لا ينفع مع الكفر طاعة؛ والمرجئ عند أهل السنة هو من يقول: العمل ليس داخلاً في الإيمان.
قال: [فهؤلاء في طرف، والخوارج في طرف؛ فإنهم يقولون: نكفر المسلم بكل ذنب، أو بكل ذنب كبير، وكذلك المعتزلة الذين يقولون: يحبط إيمانه كله بالكبيرة؛ فلا يبقى معه شيء من الإيمان لكن الخوارج يقولون: يخرج من الإيمان ويدخل في الكفر، والمعتزلة يقولون: يخرج من الإيمان ولا يدخله في الكفر، وهذه المنزلة بين المنزلتين] .
بعض الخوارج استدرك على إخوانه قولهم: بكل ذنب، وقال: بكل ذنب كبير؛ أي: يكفر صاحب الكبائر، وأما صاحب الصغائر فإنه لا يكفر.
والمعتزلة والخوارج يتفقون في الحكم، ويختلفون في الاسم؛ فمرتكب الكبيرة مآله الخلود في النار عند الطائفتين، ولكن الطائفتين تختلفان في الاسم، فيسميه الخوارج كافراً؛ أما المعتزلة فقالوا: ليس بمؤمن ولا كافر؛ بل هو في منزلة بين منزلتي الإيمان والكفر.
قال رحمه الله: [وبقولهم بخروجه من الإيمان أوجبوا له الخلود في النار!!] فوافقوا الخوارج.
من درس: التكفير وضوابطه (الحلقة الثالثة)