فهرس الكتاب
الصفحة 89 من 359

والتأويل البدعي مثل تأويل قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ [البقرة:255] بأنه علمه، فهذا التأويل له شبهة وله وجه، وهو أن هذا ورد ونقل، وقد يكون النقل غير صحيح؛ ولكن بعض الناس قد يعتمد على دليل ضعيف وهو يرى أنه صحيح، أو أنه نقل عن السلف، فمثل هذا لا نكفره؛ لأن له وجهاً، فالحل الصحيح في مثل هذا أن نكشف الشبهة، ونبين له عدم صحة الدليل إن كان غير صحيح، أو قد يكون الدليل صحيحاً؛ لكنه لا يدل دلالة صريحة على ما ذهب إليه، لكن وقعت شبهة في فهمه رأى أنها هي الدليل، فهذا نكشف له الشبهة ولا نكفره؛ لوجود أدلة وقرائن لديه وشبهات، وهذه الشبهات لا تصلح أن تكون قطعيات، وليست دلائل صريحة بلا شك، ولكن أيضاً لا نتناساها ونلغيها بالكلية؛ إذ هي موجودة عنده، فمثل هذا لا يبادر بتكفيره، وإنما يبين له الحق وتقام عليه الحجة، وذلك كمن ينكر الرؤية متأولاً، فإن أئمة من أهل السنة كفروا من أنكر الرؤية؛ لكن المتأول تقام عليه الحجة وتكشف له الشبهة ولا يبادر إلى تكفيره، ومثله من جهل بأحاديث عذاب القبر ونعيمه ولم تقم الحجة عنده بالآيات، فهذا أيضاً متأول تكشف له الشبهة.

والناس في ذلك مراتب ودرجات؛ فمن الناس من هو عالم جليل له بحار من الحسنات وأخطأ في قول، فالله يغفر له.

ومنهم من هو مبتدع ضال زائغ، ولكن لا يصل بنا الأمر إلى تكفيره، وبينهما درجات متفاوتة تتدرج في الحكم.

فمن كفَّر كل من قال هذا القول ولم يفرق بين المجتهد المخطئ وبين المعاند المكابر فقد أخطأ، وكذلك من قال بكفر كل مبتدع فإنه مخطئ أيضاً.

من درس: التكفير في الاعتقادات والعمليات عند أهل البدع

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام