نأتي إلى مسألة الاثنتين والسبعين فرقة، فإن من المعلوم أن هذه الأمة تفترق على ثلاث وسبعين فرقة، فما حال الثنتين وسبعين فرقة: أهم من أهل الوعيد أم هم خارجون عن الملة؟
الجواب: الفرق على نوعين:
النوع الأول: فرق خارجة عن الإسلام، وهي فرق كثيرة، وقد ذكرنا أمثلة لها؛ كفرق الباطنية القديمة والحديثة وغلاة الشيعة وغلاة الصوفية وأشباههم.
النوع الثاني: فرق خارجة عن السنة، والفرق الخارجة عن السنة هي الاثنتين والسبعين فرقة، ولهذا لما عرَّف النبي صلى الله عليه وسلم الفرقة الناجية قال: {هي الجماعة} أو: {ما أنا عليه وأصحابي} !!
فمن خالفهم فهو خارج عن الجماعة، ومخالف لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أما الفرق الخارجة عن الإسلام بالكلية فهذه قد انتقلت إلى ملة أخرى وإن انتسبت إليه، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله في كتاب الإيمان ولم يذكر غير هذا القول، وفي مجموع الفتاوى ذكر أن بعض السلف اختلفوا في ذلك، لكنه رجح أنها من أهل الوعيد، ولا يعني قولنا: إنها من أهل الوعيد أن كل فرد منها سيدخل النار، وإنما نقصد أنه متوعد؛ ففي الدنيا نحكم عليه بالميزان كما سبق، وفي الآخرة يكون الحكم عليه كذلك.
ولنضرب على ذلك مثلاً: لو أن إنساناً ابتدع بدعة من بدع الصوفية التي لا تخرج صاحبها من الملة، وليس عنده إلا هذه البدعة وهو مُصر عليها ومعاند ويرفض الحق، وليس عنده أي حسنة، فهذا يقال عنه: مبتدع، ويكون من أهل الوعيد، ويوم القيامة إذا وزنت أعماله وليس عنده حسنات وعنده هذه البدع، فهو مثل أهل الكبائر الداخلين تحت مشيئة الله، ولابد أن يعذب الله منهم أناساً، فلا ننفي ونقول: لن يعذب أحد منهم؛ بل لابد أن يعذب أناساً منهم ويغفر لأناس، كما قال تعالى: يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ [المائدة:40] .