لكن الخوارج يقولون: يخرج من الإيمان، ويدخل في الكفر، والمعتزلة يقولون: يخرج من الإيمان، ولا يدخل في الكفر، وهذه المنزلة بين المنزلتين!! وبقولهم بخروجه من الإيمان أوجبوا له الخلود في النار!].
قوله: (ولهذا) الإشارة إلى وجود مرتدين ممن ينتسبون إلى الإسلام؛ أي لكونه في أهل القبلة من هو منافق ومرتد [امتنع كثير من الأئمة عن إطلاق القول بأنا لا نكفر أحداً بذنب؛ بل يقال: لا نكفرهم بكل ذنب] فهذا مما يستدرك على الإمام الطحاوي وهو يقول: [ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله] فالمستدرك عليه هو هذه العبارة، لكن الاستدراك أيضاً محل نظر، وسنأخذ الآن وجهة نظر من يستدرك ومن لا يستدرك.
هناك فرق بين: (لا نكفر أحداً بذنب) و (لا نكفر أحداً بكل ذنب) ؛ (لا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب) معناه لا أحد يكفر بذنب؛ هكذا فهم بعض العلماء، وكيف لا نكفر أحداً بذنب، وهناك ذنوب تكفر؟! لكن إذا قلنا: ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بكل ذنب؛ فمعناه أنه يوجد ذنوب مكفرة، ويوجد ذنوب غير مكفرة.
[وفرق بين النفي العام ونفي العموم] ، العبارة التي تكون على النفي العام هي: (ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب) فهذا نفي عام، ونفي العموم هو: (ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بكل ذنب) فهنا نفينا العموم.
يقول المصنف رحمه الله:"والواجب إنما هو نفي العموم مناقضة لقول الخوارج الذين يكفرون بكل ذنب"فقوله رحمه الله: (مناقضة) مفعول لأجله أي: نقول ذلك مناقضة لقول الخوارج الذين يكفرون بكل بذنب.
فعندنا ثلاث عبارات: (من لا يكفر بذنب) (من يكفر بكل ذنب) و (من لا يكفر بكل بذنب) ؛ فالمرجئة لا يكفرون بذنب، والخوارج يكفرون بكل ذنب.