أما أهل الحلول، فإنهم أيضاً يثبتون ذاتين، ولكنهم يقولون: هذه حلت في هذه، فأصبحت هي عينها بعد أن حلت فيها، فأصبحت الذاتان ذاتاً واحدة، ولكن يجوز أن تفارقها؛ كما يقول النصارى؛ فإن أصل قولهم: أن الله تعالى حل في عيسى .. تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
وأما أهل وحدة الوجود، فإنهم يرون أن الذات واحدة وليس هناك ذاتان، بل ما ثَمَّ إلا هو، أي أن الموجود هو عين الموجِد، المخلوقات هي عين ذات الخالق .. تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
فهؤلاء كلهم كفار مرتدون وإن انتسبوا إلى الملة والإسلام.
وعلى رأس هؤلاء الذين قالوا بالحلول أو الاتحاد أو وحدة الوجود: ابن عربي، والحلاج، وابن الفارض، وابن سبعين، والفاجر الذي يسمي نفسه: العفيف التلمساني، والصدر القونوي، وشمس الدين التبريزي .. وآخرون، لكن هؤلاء هم أشهرهم، ومقصودنا هو التمثيل فحسب.
والطبقة التي تلي هذه الطبقة في الكفر -وإن انتسبت إلى الإسلام-: الجهمية، واسم الجهمية يطلق على عموم من ينفي الصفات، لكننا نعني هنا الجهمية الغلاة الذين مذهبهم إنكار الأسماء والصفات جميعاً، ويقولون في الإيمان: إنه مجرد المعرفة، ويقولون في القدر: إن الفاعل هو الله، والإنسان لا إرادة له مطلقاً؛ فبهذه الأقوال وأمثالها تكون الجهمية -أيضاً- خارجة من الملة.