يقاتل في الدنيا أو لا تقام عليه الحدود إن كان من أهل الحدود، ثم مصيره إلى الله سبحانه وتعالى: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49] .
فنحن في الدنيا نعتقد أنهم كفار، ونستحلُّ دماءهم وأموالهم، وإذا كان فيهم من هو عند الله تبارك وتعالى معذور؛ فأمره إلى الله. وما قرَّرناه من أن رحمة الله سبقت غضبه لا يتنافى مع هذا؛ لأن أحكام الدنيا لابد أن تقام، ودين الله لابد أن يُنصر، ولا بد أن تُقام الحدود، ولو أننا لا نجاهد ولا نقيم الحد إلا على من علمنا يقيناً أنه في باطنه عرف الحق وبلغه، لكان هذا من تكليف ما لا يطاق، والله سبحانه وتعالى لم يكلفنا ما لا طاقة لنا به: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] ، وإنما أمرنا أن نتخذ الأسباب، ثم بعد ذلك هؤلاء أمرهم إلى الله سبحانه.
قتل المبتدع واستتابته
ثم ذكر المصنف رحمه الله الحكمة من عقاب المبتدع فقال: [لمنع بدعته] ، أي: يُعاقب لمنع بدعته.
ثم قال: [أو أن نستتيبه فإن تاب وإلا قتلناه] .
وهذه العبارة فيها إجمال فلابد لها من التفصيل، من ذلك أن يقال: ما حكم المبتدع؟ نقول: حكم المبتدع التفصيل، فمن المبتدعة من يقتل، ومن المبتدعة من يُهجر، بحسب الأحوال وبحسب المقالات، وكل ذلك له أصل من السلف.