فهرس الكتاب
الصفحة 204 من 359

فأما قتل المبتدعة، فهذا أصلٌ مشهور قائم عند السلف، يدل عليه الوقائع التي وقعت لبعض المبتدعة، وأجمعت الأمة على استحقاقه للقتل، وأثنت على من قتله على بدعته، فمنهم مثلاً: الجعد بن درهم، وكفعل علي رضي الله تعالى عنه في قتل السبئية الذين قالوا له: أنت الله، ولم يختلف الصحابة رضي الله تعالى عنهم في ذلك، وكذلك قتاله رضي الله عنه للخوارج، ولم يختلف الصحابة رضي الله عنهم عليه، لكن الأمر فيهم مختلف عما نحن فيه، فذاك قتال لا قتل، وفرق بين القتال والقتل، فالقتل لمعين، ومثاله الجعد بن درهم، والجهم بن صفوان، والحلاج، والقتال لجماعة، وتقدم الكلام عليه.

والحاصل أن القتل مما يعاقب به صاحب البدعة إذا كانت بدعته مغلَّظة مكفرة واستتيب ولم يتب، أو رأى أهل الحل والعقد، أو الإمام أو من أفتى من العلماء أن هذا المبتدع يُقتل وإن لم يُستتب؛ وقد تعرضنا فيما مضى لهذه المسألة في حكم توبة الزنديق، ورجحنا ما رجحه شيخ الإسلام رحمه الله وهو ما ذهب إليه الإمام مالك رحمه الله، وهو رواية عن الإمام أحمد: أن الزنديق يُقتل ولا تقبل توبته.

والذي نريد أن نقوله: إن المبتدع يجوز أن يُقتل رأساً من غير استتابة؛ إذا كان ممن اشتهرت بدعته وظهرت، وكان في قتله مصلحة للدين وللإسلام والمسلمين.

هجر المبتدع

وهناك عقوبات يعاقب بها المبتدع هي دون القتل، وكثيراً ما تلتبس على طلاب العلم، وهي الهجر؛ وهذا أصل مشهور عن السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم، لكن كيف يُهجرون؟ وما أنواع الهجر؟ وما الأحكام المتعلقة به؟

للإجابة على هذه الأسئلة نلتقط هذه الدرر الثمينة من كلام شيخ الإسلام في هذه المسألة، فإنه سُئل رحمه الله عن أحكام الهجر، وهو في حق المبتدع أدنى وأخفُّ من القتل، والمبتدع لا يجوز أن يوقَّر: [من وقَّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام