فهرس الكتاب
الصفحة 5 من 93

-وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُّهتَدُونَ} [الأَنْعَام:82] .

-وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(( مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِِنْهُ، وَالْجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ ) )أَخْرَجَاهُ.

-وَلَهُمَا فِي حَدِيثِ عِتْبَانَ: (( فَإِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ؛ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ ) ).

-وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (( قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَذْكُرُكَ وَأَدْعُوكَ بِهِ.

قَالَ: قُلْ يَا مُوسَى: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.

قَالَ: كُلُّ عِبَادِكَ يَقُولُونَ هَذَا؟

قَالَ: يَا مُوسَى، لَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَعَامِرَهُنَّ غَيْرِي وَالأَرَضِينَ السَّبْعَ فِي كِفَّةٍ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ فِي كِفَّةٍ، مَالَتْ بِهِنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ )) رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.

-وَلِلتِّرْمِذِيِّ - وَحَسَّنَهُ - عَنْ أَنَسٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (( قَالَ اللهُ تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا، لأََتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ) ).

فِيهِ مَسَائِلُ:

الأُولَى: سَعَةُ فَضْلِ اللهِ.

الثَّانِيَةُ: كَثْرَةُ ثَوَابِ التَّوْحِيدِ عِنْدَ اللهِ.

الثَّالِثَةُ: تَكْفِيرُهُ مَعَ ذَلِكَ لِلذُّنُوبِ.

الرَّابِعَةُ: تَفْسِيرُ الآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ الأَنْعَامِ.

الْخَامِسَةُ: تَأَمُّلُ الْخَمْسِ اللْوَاتِي فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ.

السَّادِسَةُ: أَنَّكَ إِذَا جَمَعْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ عِتْبَانَ وَمَا بَعْدَهُ تَبَيَّنَ لَكَ مَعْنَى قَوْلِ: (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) وَتَبَيَّنَ لَكَ خَطَأُ الْمَغْرُورِينَ.

السَّابِعَةُ: التَّنْبِيهُ لِلشَّرْطِ الَّذِي فِي حَدِيثِ عِتْبَانَ.

الثَّامِنَةُ: كَوْنُ الأَنْبِيَاءِ يَحْتَاجُونَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى فَضْلِ (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) .

التَّاسِعَةُ: التَّنْبِيهُ لِرُجْحَانِهَا بِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ يَقُولُهَا يَخِفُّ مِيزَانُهُ.

الْعَاشِرَةُ: النَّصُّ عَلَى أَنَّ الأَرَضِينَ سَبْعٌ كَالسَّمَاوَاتِ.

الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أَنَّ لَهُنَّ عُمَّارًا.

الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: إِثْبَاتُ الصِّفَاتِ خِلاَفًا لِلأَشْعَرِيَّةِ.

الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: أَنَّكَ إِذَا عَرَفْتَ حَدِيثَ أَنَسٍ عَرَفْتَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ عِتْبَانَ: (( فَإِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ ) )أَنَّهُ تَرْكُ الشِّرْكِ لَيْسَ قَوْلَهَا بِاللِّسَانِ.

الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: تَأَمَّلِ الْجَمْعَ بَيْنَ كَوْنِ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ عَبْدَيِ اللهِ وَرَسُولَيْهِ.

الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: مَعْرِفَةُ اخْتِصَاصِ عِيسَى بِكَوْنِهِ كَلِمَةَ اللهِ.

السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: مَعْرِفَةُ كَوْنِهِ رُوحًا مِنْهُ.

السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: مَعْرِفَةُ فَضْلِ الإِيمَانِ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ.

الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: مَعْرِفَةُ قَوْلِهِ: (( عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ ) ).

التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: مَعْرِفَةُ أَنَّ الْمِيزَانَ لَهُ كِفَّتَانِ.

الْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ ذِكْرِ الْوَجْهِ.

(1) سَبَقَ أنْ ذَكَرَ المُؤَلِّفُ وجُوبَ التوحيدِ، وأَنَّهُ لاَ بُدَّ منهُ، وأنَّ مَعْنَى قولِهِ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} أنَّ العبادَةَ لاَ تَصِحُّ إلاَّ بالتَّوْحِيدِ.وهنا ذَكَرَ المُؤَلِّفُ فَضْلَ التَّوْحيدِ.

وقَولُهُ: (وَمَا يُكَفِّرُ مِنَ الذُّنُوبِ) معطوفٌ عَلَى (فضلِ) فيكونُ المَعْنَى: بابُ فضلِ التوحيدِ، وبابُ ما يُكَفِّرُ مِن الذُّنُوبِ، وعَلَى هذا فالعَائِدُ مَحْذُوفٌ، والتَّقْدِيرُ ما يُكَفِّرُ مِن الذُّنُوبِ، وعُقِدَ هذَا البَابُ لأَِمْرَيْنِ:

الأَوَّلُ:بيانُ فَضْلِ التَّوْحِيدِ.

الثاني:بيانُ ما يُكَفِّرُ مِن الذُّنوبِ؛لأَنَّ مِنْ آثارِ فَضْلِ التَّوحيدِ تَكْفِيرُ الذُّنوبِ.

(2) قولُهُ: {وَلَمْ يَلْبِسُوا} أيْ: يَخْلِطوا.

(3) قولُهُ {بِظُلْمٍ} الظُّلْمُ هنا مَا يُقَابِلُ الإيمَانَ، وهوَ الشِّرْكُ، ولَمَّا نَزَلَتْ هذه الآيَةُ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الصَّحَابَةِ، وقَالُوا: أيُّنا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (( لَيْسَ الأمرُ كَمَا تَظنُّونَ، إِنَّما المُرادُ بِهِ الشِّرْكُ، أَلَمْ تَسْمَعوا إِلَى قَوْلِ الرَّجُلِ الصالِحِ - يَعْنِي لُقْمَانَ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} ؟ ) ).

والظُّلْمُ أَنْواعٌ ثلاثة:

الأول:أَظْلَمُ الظُّلْمِ، وهوَ الشِّرْكُ في حَقِّ اللهِ.

الثاني:ظُلْمُ الإنْسانِ نَفْسَهُ، فَلاَ يُعْطِيهَا حقَّها، مثلُ: أنْ يَصُومَ فَلاَ يُفْطِرُ، ويقومَ فَلاَ يَنَامُ.

الثالث: ظُلْمُ الإنْسانِ غَيْرَهُ،مِثْلُ: أنْ يَتَعَدَّى عَلَى شَخْصٍ بالضَّربِ أو القَتْلِ أوْ أَخْذِ مَالٍ ومَا أَشْبَهَ ذلكَ.

وإذا انتَفَى الظُّلمُ حَصَلَ الأمْنُ، لَكِنْ هَلْ هُو أَمْنٌ كَامِلٌ؟

الجَوابُ:أَنَّهُ إنْ كَانَ الإِيمانُ كَامِلاً لَمْ يُخَالِطْهُ مَعصيَةٌ،

فالأمنُ أمنٌ مطلَقٌ؛ أيْ: كامِلٌ، وإذَا كَانَ الإيمانُ مْطْلَقَ إيمانٍ - غيرَ كاملٍ - فَلَهُ مُطْلقُ الأمْنِ؛ أيْ: أَمْنٌ نَاقِصٌ.

كمُرْتَكِبُ الكَبِيرةِ فهو: آمِنٌ مِنَ الخُلُودِ في النارِ، وغَيْرُ آمِنٍ مِن العَذَابِ، بَلْ هوَ تَحْتَ المَشْيئَةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} . قولُهُ: (الأَمْنُ) (ألْ) فيها للجِنْسِ، ولهذا فَسَّرْنَا الأمْنَ بأنَّهُ إمَّا أمنٌ مطلَقٌ، وإمَّا مُطْلَقُ أَمْنٍ، حَسَبَ الظُّلمِ الذي تَلبَّسَ بِهِ. قَوْلُهُ: {وَهُمْ مُهْتَدُونَ} أيْ: في الدُّنيا إلَى شَرْعِ اللهِ بالعِلْمِ والعَمَلِ، فالاهْتِدَاءُ بالعِلْمِ: هِدَايَةُ الإرْشَادِ.والاهْتِدَاءُ بالعَمَلِ: هِدَايَةُ تَوْفِيقٍ، ومُهْتَدُونَ في الآخرةِ إلَى الجنَّةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} هذه هِدَايَةُ الآخرةِ، وهيَ للذِين ظَلَمُوا إلَى صِرَاطِ الجَحَيمِ، فيكونُ مُقَابِلُها أنَّ الذِين آمَنُوا ولَمْ يَظْلِمُوا يُهْدَوْنَ إلَى صِرَاطِ النَّعيمِ.قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - كما في (الدرر السنّية) (1/115) : (لا إله إلا الله شجرة السعادة، إن غرستها في منبت التصديق، وسقيتها من ماء الإخلاص، ورعيتها بالعمل الصالح؛ رسخت عروقها، وثبت ساقها، واخضرت أوراقها، وأينعت ثمارها، وتضاعف أكلها: {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} وإن غرست هذه الشجرة، في منبت التكذيب والشقاق،وأسقيتها بماء الرياء والنفاق، وتعاهدتها بالأعمال السيئة، والأقوال القبيحة، وطفح عليها غدير العَذِر، ولفحها هجير هجر؛ تناثرت ثمارها، وتساقطت أرواقها، وانقشع ساقها، وتقطعت عروقها، وهبت عليها عواصف القذر، ومزقتها كل ممزق {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً} ) ومُنَاسَبةُ الآيَةِ للتَّرْجَمةِ: أنَّ اللهَ أثْبَتَ الأمْنَ لِمَن لَمْ يُشْرِكْ، والذي لَمْ يُشْرِكْ يَكُونُ مُوَحِّدًا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مِنْ فَضَائِلِ التَّوحيدِ اسْتِقْرَارُ الأمنِ. (4) قولُهُ: (مَنْ شَهِدَ أنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ) الشَّهَادَةُ لاَ تَكُونُ إلاَّ عَن عِلْمٍ سَابِقٍ، قَالَ تَعَالَى: {إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} وهذا العِلْمُ قدْ يَكُونُ مُكْتَسَبًا، وَقَدْ يَكُونُ غَرِيزِيًّا.والعِلْمُ بـ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، غَرِيزيٌّ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (( كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ) ). وقَدْ يكونُ مُكْتَسَبًا، وذلكَ بتدبُّرِ آياتِ اللهِ، والتَّفكُّرِ فيها. ولاَ بدَّ أنْ يوجَدَ العِلْمُ بـ:لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ، ثمَّ الشَّهَادَةُ بِهَا.

وقولُهُ: (لاَ إِلَهَ) أيْ: لاَ مَأْلوهَ، والمأْلوهُ هوَ المعبودُ محبَّةً وتَعْظِيمًا، تُحِبُّهُ وتُعظِّمُهُ لِمَا تَعْلَمُ مِنْ صِفَاتهِ العَظِيمَةِ وأَفْعَالِهِ الجَلِيلَةِ.

قولُهُ: (إلاَّ اللهُ) أيْ: لاَ مَأْلُوهَ إلاَّ اللهُ، ولهذا حُكِيَ عنْ قريشٍ قولُهم: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} .

-أمَّا قولُهُ تَعَالَى: {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ} فهذا التأَلُّهُ باطلٌ؛ لأنَّهُ بغيرِ حقٍّ، فهوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا، وإذا انْتَفَى شَرْعًا فهوَ كالمُنْتَفِي وقُوعًا، فَلاَ قَرَارَ لَهُ: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} . وبهذا يعلم غلط المتكلمين الذين يَقُولُونَ: (إنَّ مَعْنَى إِلَهٍ: آلِهٌ، والآلِهُ القَادِرُ عَلَى الاخْتِرَاعِ) فيكُونُ مَعْنَى (لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ) أيْ: لاَ قَادِرَ عَلَى الاخْتِرَاعِ إلاَّ اللهُ. والتَّوحيدُ عندَهُم: أنْ تُوَحِّدَ اللهَ فَتَقُولَ: (هوَ وَاحِدٌ في ذَاتِهِ لاَ قَسِيمَ لَهُ) وواحِدٌ في أَفْعَالِهِ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وواحِدٌ في صِفَاتِهِ لاَ شَبِيهَ لَهُ، ولوْ كَانَ هذا مَعْنَى (لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ) لَمَا أنْكَرَتْ قريشٌ عَلَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ دَعْوَتَهُ، ولآمَنَتْ بهِ وصَدَّقَتْ؛ لأنَّ قُرَيْشًا تَقْولُ: لاَ خَالِقَ إلاَّ اللهُ، و (لاَ خَالِقَ) أَبْلغُ مِنْ كَلِمَةِ (لاَ قَادِرَ) ؛ لأنَّ القَادِرَ قَدْ يَفْعَلُ، وقَدْ لاَ يَفْعَلُ، أمَّا الخَالِقُ فقدْ فَعَلَ وحَقَّقَ بقُدرةٍ منهُ، فَصَارَ فَهْمُ المُشْرِكِينَ خَيْرًا مِنْ فَهْمِ هؤلاءِ المُتَكَلِّمِينَ والمُنْتَسِبِينَ للإسْلاَمِ، فالتوحيدُ الذي جاءَتْ بهِ الرُّسلُ في قولِهِ تَعَالَى: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} أيْ: مِنْ إلهٍ حَقِيقِيٍّ يَسْتَحِقُّ أنْ يُعْبدَ وهُو اللهُ. يقول الشيخ عبد الله البابطين - كما في (الدرر السنّية) (2/297) : (وجميع العلماء من المفسرين وشراح الحديث والفقه، يفسرون الإله بأنه المعبود، وإنما غلط في ذلك بعض المتكلمين، فظن أن الإله هو القادر على الاختراع، وهذه زلة عظيمة، وغلط فاحش، إذا تصوره العامي العاقل تبين له بطلانه، وكأن هذا القائل لم يستحضر ما حكاه الله عن المشركين في مواضع من كتابه، ولم يعلم أنّ مشركي العرب وغيرهم يقرون بأن الله هو القادر على الاختراع، وهم مع ذلك مشركون) قولُهُ: (مَنْ شَهِدَ أنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ) مَنْ: شَرطيَّةٌ، وجوابُ الشَّرطِ: (( أدْخَلَهُ اللهُ الْجنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ ) ).

والشَّهَادَةُ: هيَ الاعْتِرَافُ باللسانِ، والاعْتِقَادُ بالقَلْبِ، والتَّصْدِيقُ بالجَوارِحِ،وإلاَّ فهيَ كَذِبٌ، ولِهَذا لَمَّا قالَ المُنافِقُونَ للرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ} وهذه جملةٌ مُؤَكَّدَةٌ بثَلاَثِ مُؤَكَّدَاتٍ: الشَّهادَةِ، وإنَّ، واللامِ، كَذَّبَهم اللهُ بقَوْلِهِ: {وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} .فَلَمْ يَنْفَعْهُم هذا الإقرارُ باللسانِ؛ لأنَّهُ خَالٍ مِن الاعتقادِ بالقَلْبِ، وخَالٍ مِن التَّصدِيقِ بالعَمَلِ، فلمْ يَنْفَعْ، فَلاَ تَتَحَقَّقُ الشَّهَادَةُ إلاَّ بِعَقِيدَةٍ في القَلْبِ، واعْترافٍ باللسانِ، وتَصْديقٍ بالعَمَلِ.

وقولُهُ: (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) أيْ: لاَ مَعْبُودَ عَلَى وجْهٍ يَسْتَحِقُّ أنْ يُعْبَدَ إلاَّ اللهُ، وهذه الأَصْنامُ الَّتِي تُعْبَدُ لاَ تَسْتَحِقُّ العِبَادَةَ؛ لأنَّهُ لَيْسَ فيها مِنْ خَصَائِصِ الأُلُوهِيَّةِ شيءٌ.

(5) قولُهُ: (وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ) قوله: (وحدَهُ) تَوْكِيدٌ للإثْبَاتِ، وقوله: (لاَ شَرِيكَ لَهُ) تَوْكِيدٌ للنَّفْيِ في كلِّ مَا يَخْتَصُّ بِهِ مِن الرُّبُوبيَّةِ والأُلُوهيَّةِ والأسْمَاءِ والصِّفاتِ.

قولُهُ: (وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ) قولُهُ: (عَبْدُهُ) أيْ: لَيسَ شَرِيكًا مَعَ اللهِ.

وقولُهُ: (وَرَسُولُهُ) أي: المَبْعُوثُ بِمَا أَوْحَى اللهُ إليهِ، فليسَ كَاذِبًا عَلَى اللهِ.فالرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، عَبْدٌ مَرْبُوبٌ. وهُو بَشَرٌ مِثْلُنَا، إِلاَّ أنَّهُ يُوحَى إليهِ، قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} . فهوَ رَسُولٌ أَرْسَلَهُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ بأعظمِ شَرِيعَةٍ إلَى جميعِ الخَلْقِ، فبَلَّغَها غايَةَ البلاغِ، معَ أنَّهُ أُوذِيَ وقُوتِلَ.

وتَحْقِيقُ شَهَادَةَ أنَّ محمدًا رسولُ اللهِ،بأنْ نَعْتَقِدَ ذلكَ بقُلُوبِنا، ونَعْتَرِفَ بهِ بألْسِنَتِنا، مع مُتَابَعَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِجَوارِحِنا، فنَعْمَلَ بِهَدْيهِ، ولاَ نَعْمَلَ لهُ. أمَّا ما يَنْقُضُ تَحْقيقَ هذه الشَّهَادَةِ فهوَ شيئان:

الأول:فِعْلُ المَعَاصِي،فالمَعْصِيَةُ نَقْصٌ في تَحْقيقِ هذه الشَّهادَةِ؛ لأنَّكَ خَرَجْتَ بمَعْصِيتِكَ مِن اتِّباعِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.

الثاني:الابْتِدَاعُ في الدِّينِ مَا ليسَ منهُ،فهو نَقْصٌ في تَحْقيقِ هذه الشَّهَادَةِ؛ لأنَّكَ تَقَرَّبْتَ إلَى اللهِ بِمَا لَمْ يَشْرَعْهُ اللهُ ولاَ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، والابْتِدَاعُ في الدِّينِ في الحقيقةِ مِن الاستهزاءِ باللهِ؛ لأنَّكَ تقرَّبْتَ إليهِ بشيءٍ لَمْ يَشْرَعْهُ.

قوله: (وأن عيسى عبدُ اللهِ ورسوله) قدْ تَطَرَّفَ في عِيسَى طَائفتانِ:

الأُولَى: اليهودُ كذَّبُوهُ،فقالُوا: بأنَّهُ وَلَدُ زِنًا، وأنَّ أُمَّهُ مِن البَغَايَا، وأَنَّهُ ليسَ بنبيٍّ، وقَتَلُوهُ شَرْعًا؛ أيْ: مَحْكُومٌ عليهم عندَ اللهِ أنَّهم قَتَلُوهُ في حُكْمِ اللهِ الشرْعيِّ؛ لقولِهِ تعالَى عنهم: {إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} .

وأمَّا بالنسبةِ لِحُكمِ اللهِ القَدَرِيِّ فقدْ كَذَبُوا، ومَا قَتَلُوهُ يَقِينًا، بلْ رَفَعَهُ اللهُ إليهِ، ولَكِنْ شُبِّهِ لَهم، فَقَتَلُوا المُشَبَّهَ لهم، وصَلَبُوهُ.

الثانيَةُ:النَّصارَى فقالُوا: إنَّهُ ابنُ اللهِ، وإنَّهُ ثالثُ ثلاثةٍ، وجَعَلوهُ إِلَهًا مَعَ اللهِ، وكَذَبُوا فيمَا قَالُوا.

أمَّا عَقِيدَتُنا:فنَشْهَدُ أنَّهُ عَبْدُ اللهِ ورسولُهُ، وأنَّ أمَّهُ صِدِّيقَةٌ

-كَمَا أَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى بذلكَ - وأَنَّها أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا، فهيَ عَذْراءُ، ولَكِنَّ مثَلَهُ عندَ اللهِ كَمَثلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فيَكُونُ.

وفي قولِهِ: (عَبْدُ اللهِ) ردٌّ علَى النَّصارَى.

وفي قولِهِ: (وَرَسُولُهُ) ردٌّ علَى اليهودِ.

(6) وقولُهُ: (وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ) أَطْلَقَ اللهُ عليهِ كلمةً؛ لأنَّهُ خُلِقَ بها فقال الله: (كن) فكانَ عليهِ السَّلاَمُ، أما هو في نفسه فليسَ كَلِمَةً؛ لأنَّهُ يَأْكُلُ، ويَشْرَبُ، ويَبُولُ، ويَتَغَوَّطُ، وتَجْرِي عليهِ جميعُ الأحْوَالِ البَشَرِيَّةِ، قَالَ تعالَى:

{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} .

وكَلاَمَ اللهِ وصْفٌ قائِمٌ بهِ، لاَ بَائِنٌ منهُ، أمَّا عِيسَى فهوَ ذَاتٌ بَائِنَةٌ عَنِ اللهِ سُبْحَانَهُ، يَذْهَبُ ويَجِيءُ، ويَأْكُلُ الطَّعَامَ ويَشْرَبُ.

قولُهُ: (أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ) أيْ: وجَّهَهَا إليها بقولِهِ: {كُن فَيَكُونُ} كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} .قولُهُ: (وَرُوحٌ مِّنْهُ) أيْ: صارَ جَسَدُهُ عليهِ السَّلاَمُ بالكَلِمَةِ، فنُفِخَتْ فيهِ هذِهِ الرُّوحُ التي هيَ مِن اللهِ؛ أيْ: خَلْقٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، أُضِيفَتْ إليهِ للتَّشْرِيفِ والتَّكْرِيمِ. وعِيسَى عليهِ السَّلاَمُ ليسَ رُوحًا، بلْ جَسَدٌ ذُو رُوحٍ، قالَ اللهُ تَعَالَى: {ما الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ} فبالنَّفْخِ صارَ جَسَدًا، وبالرُّوحِ صارَ جَسَدًا ورُوحًا.

قولُهُ: (مِنْهُ) هذهِ هيَ التي أَضَلَّت النَّصارَى، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا كَثِيرًا، ولكنَّنا نَقُولُ: إنَّ اللهَ قدْ أَعْمَى بصائِرَكُم، فإنَّها لاَ تَعْمَى الأبْصَارُ، ولكنْ تَعْمَى القُلُوبُ التي في الصُّدورِ، فَمِن المَعْلومِ أنَّ عيسَى عليهِ السَّلاَمُ كانَ يَأْكُلُ الطَّعَامَ، وهذا شَيْءٌ مَعْرُوفٌ، ومِن المَعْلُومِ أيضًا أنَّ اليهودَ يَقُولُونَ أَنَّهم صَلَبُوهُ، وهَلْ يُمْكنُ لِمَنْ كانَ جُزْءًا مِن الرَّبِّ أنْ يَنْفَصِلَ عن الرَّبِّ، ويَأكلَ ويَشْرَبَ، ويُدَّعَى أنَّهُ قُتِلَ وصُلِبَ؟. وعلَى هذا تكونُ (مِنْ) بيانية أو للابتداءِ، وليستْ للتَّبْعِيضِ، فهيَ كقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَماَ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} فَلاَ يُمْكِنُ أنْ نَقُولَ: إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ والأنْهَارَ جَزْءٌ مِن اللهِ، وهذا لَمْ يقُلْ بهِ أَحَدٌ.فقولُهُ: (منهُ) أيْ: رُوحٌ صَادِرَةٌ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ، وليسَتْ جُزْءًا مِن اللهِ كَمَا تَزْعُمُ النَّصارَى.

واعْلَمْ أنَّ مَا أَضَافَهُ اللهُ إلَى نَفْسِهِ يَنْقَسِمُ إلَى ثَلاَثةِ أقْسامٍ:

الأوَّلُ: العَيْنُ القَائِمَةُ بنَفْسِها، وإضافَتُها مِنْ بابِ إضافةِ المَخْلُوقِ إلَى خَالِقِهِ، وهذه الإضافةُ قدْ تَكُونُ علَى سبيلِ عُمُومِ الخلْقِ كقولِهِ تعالَى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} ، وقولُهُ تَعَالَى: {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} . وقدْ تكونُ علَى سبيلِ الخُصوصِ لشَرَفِيَّتِهِ، كقولِهِ تعالَى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} ، وكقولِهِ تَعَالَى: {نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا} وهذا القِسمُ مَخْلوقٌ.

الثاني: أنْ يكونَ شيئًا مُضَافًا إلَى عَيْنٍ مَخْلوقةٍ يقومُ بِهَا،

مِثَالُهُ قولُهُ تعالَى: {وَرُوحٌ مِنْهُ} فإضافةُ هذه الرُّوحِ إلَى اللهِ مِنْ بابِ إضافةِ المخلوقِ إلَى خالِقِهِ تَشْرِيفًا، فهيَ رُوحٌ مِن الأَرْواحِ التي خَلَقَها اللهُ، وليسَتْ جُزءًا أوْ رُوحًا مِن اللهِ، إذْ إنَّ هذه الرُّوحَ حَلَّتْ في عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وهوَ عَيْنٌ مُنْفَصِلَةٌ عن اللهِ، وهذا القِسْمُ مَخْلُوقٌ أيضًا.

الثالثُ: أنْ يكونَ وصْفًا غيرَ مُضَافٍ إلَى عينٍ يَقُومُ بِهَا،

مثالُ ذلكَ قولُهُ تَعَالَى: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي} فالرسالةُ والكلامُ أُضِيفَا إلَى اللهِ مِنْ بابِ إضافةِ الصِّفةِ إلَى المَوْصُوفِ، فإذا أَضَافَ اللهُ لنَفْسِهِ صِفَةً، فهذه الصِّفَةُ غيرُ مَخْلُوقَةٍ، وبهذا يَتَبَيَّنُ أنَّ هذه الأقْسامَ الثلاَثَةَ: قِسْمانِ منها مَخْلُوقانِ، وقِسْمٌ غَيرُ مخلوقٍ.

فالأعيانُ القائِمَةُ بنَفْسِهَا والمُتَّصِلُ بهذه الأعيانِ مخلوقةٌ، والوصْفُ الذي لم يُذْكَرْ لهُ عَيْنٌ يَقُومُ بِهَا غيرُ مَخْلُوقٍ؛ لأنَّهُ يكونُ مِنْ صِفاتِ اللهِ، وصِفاتُ اللهِ غيرُ مَخْلُوقَةٍ؛ ويمكن إرجاع القسمة الثلاثية إلى هذين القسمين الذين ذكرنا.وقد اجْتَمَعَ القسمانِ في قولِهِ: (( كَلِمَتُهُ ) (( وَرُوحٌ مِنْهُ ) )، فـ (( كَلِمَتُهُ ) )هذه وصْفٌ مُضَافٌ إلَى اللهِ، وعَلَى هذا فتكونُ (( كَلِمَتُهُ ) )صِفَةً مِنْ صفاتِ اللهِ.

(( ورُوحٌ منهُ ) )هذه أُضِيفَتْ إِلَى عَيْنٍ؛ لأنَّ الرُّوحَ حَلَّت في عِيسَى، فهيَ مَخْلُوقةٌ.

قَولُهُ: (أدْخَلَهُ اللهُ الجنَّةَ) إِدْخالُ الجَنَّةِ يَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ:

الأوَّلُ: إدخالٌ كاملٌ لم يُسْبَقْ بعذابٍ لِمَنْ أَتَمَّ العَمَلَ.

الثاني: إدخالٌ ناقصٌ مَسْبوقٌ بعذابٍ لِمَنْ نَقَصَ العَمَلَ.

فالمُؤْمِنُ إذا غَلَبَتْ سَيِّئَاتُهُ حَسَناتِهِ، إنْ شاءَ اللهُ عذَّبَهُ بَقَدْرِ عَمَلِهِ، وإنْ شَاءَ لَمْ يُعَذِّبْهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} .

(7) قولُهُ: (عِتْبانَ) هوَعِتْبانُ بنُ مالكٍ، أَحَدُ الأنْصارِ رَضِيَ اللهُ عنهم، كَانَ يُصلِّي مَعَ النّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم، فَضَعُفَ بَصَرُهُ، وشَقَّ عليهِ المَجِيءُ إلَى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَطَلبَ مِن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنْ يَخْرُجَ إليهِ، وأنْ يُصَلِّيَ في مَكَانٍ مِنْ بَيْتِهِ، ليتَّخِذَهُ مَصَلًّى، فَخَرَجَ إليهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ومَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ البَيْتَ قَالَ: (( أيْنَ تُرِيدُ أنْ أُصلِّيَ )

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام