فهرس الكتاب
الصفحة 38 من 93

وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّم حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَّحيمٌ} [التَّوْبَةُ:128] .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (( لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَلاَ تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ ) )رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ.

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: (أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يَجِيءُ إِلَى فُرْجَةٍ كَانَتْ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَيَدْخُلُ فِيهَا فَيَدْعُو، فَنَهَاهُ وَقَالَ: أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(( لاَ تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا، وَلاَ بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّ تَسْلِيمَكُمْ يَبْلُغُنِي أَيْنَ كُنْتُمْ ) )رَوَاهُ فِي (الْمُخْتَارَةِ) .

فِيهِ مَسَائِلُ:

الأُولَى:

تَفْسِيرُ آيَةِ (( بَرَاءةٌ ) ).

الثَّانِيَةُ:

إِبْعَادُهُ أُمَّتَهُ عَنْ هَذَا الْحِمَى غَايَةَ الْبُعْدِ.

الثَّالِثَةُ:

ذِكْرُ حِرْصِهِ عَلَيْنَا وَرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ.

الرَّابِعَةُ:

نَهْيُهُ عَنْ زِيَارَةِ قَبْرِهِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ مَعَ أَنَّ زِيَارَتَهُ مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ.

الْخَامِسَةُ:

نَهْيُهُ عَنِ الإِكْثَارِ مِنَ الزِّيَارَةِ.

السَّادِسَةُ:

حَثُّهُ عَلَى النَّافِلَةَ فِي الْبَيْتِ.

السَّابِعَةُ:

أَنَّهُ مُتَقَرِّرٌ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لاَ يُصَلَّى فِي الْمَقْبَرَةِ.

الثَّامِنَةُ:

تَعْلِيلُهُ ذَلِكَ بِأَنَّ صَلاَةَ الرَّجُلِ وَسَلاَمَهُ عَلَيْهِ يَبْلُغُهُ وَإِنْ بَعُدَ، فَلاَ حَاجَةَ إِلَى مَا يَتَوَهَّمُهُ مَنْ أَرَادَ الْقُرْبَ.

التَّاسِعَةُ:

كَوْنُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْبَرْزَخِ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُ أُمَّتِهِ فِي الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ.

قولُه: (المُصْطَفَى) أصلُها: المُصْتَفَى مِن الصَّفْوَةِ وهو خِيارُ الشَّيْءِ، فالنَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أفضلُ المُصْطَفَيْنَ؛ لأنَّه أَفْضَلُ أُولِي العَزْمِ مِن الرُّسلِ، والرُّسلُ هم المُصْطَفَوْنَ، والمرادُ بهِ:

محمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، والاصْطِفاءُ على دَرَجاتٍ أَعْلاها اصْطِفاءُ أُولِي العَزْمِ من الرُّسلِ، ثم الرُّسلِ ثُمَّ اصْطِفاءُ الأنبياءِ، ثم اصْطِفاءُ الصِّدِّيقِين، ثم اصطفاءُ الشُّهَداءِ، ثم اصطفاءُ الصَّالحين.

قولُهُ: (حِمايةِ) مِن حَمَى الشَّيءَ إذا جَعَل له مانِعًا يَمْنَعُ مَنْ يَقْرَبُ حولَهُ، ومِنْه حِمايةُ الأَرْضِ عَن الرَّعِْي فيها ونحوَ ذلِكَ.

قولُهُ: (جَنابَ) بمعنى: جانبَ، والتَّوْحِيدُ: تَفْعِيلٌ مِن الوَحْدةِ، وهو إفرادُ اللهِ -تعالى- بما يَجِبُ له مِن الرُّبوبيَّةِ، والأُلوهيَّةِ، والأسماءِ والصِّفاتِ.

قولُهُ: (وسَدِّهِ كُلَّ طَريقٍ) أيْ: مع الحِمايةِ لم يَدَع الأبوابَ مفتوحةً يَلِجُ إليها مَنْ شاءَ، ولكنَّه سَدَّ كلَّ طريقٍ يُوصِلُ إلى الشِّركِ؛ لأنَّ الشِّركَ أعظمُ الذُّنوبِ، قال اللهُ -تعالى-: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} . قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ: الشِّركُ الأصغرُ لا يَغْفِرُهُ اللهُ؛ لعُمومِ قولِهِ: {أَن يُشْرَكَ بِهِ} .

وعلى هذا فجميعُ الذُّنوبِ دونَه لِقولِهِ:

{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} فيَشْمَلُ كبائرَ الذُّنوبِ وصَغائرَها، فالشِّركُ لَيْسَ بالأمرِ الهيِّنِ الذي يُتَهاوَنُ به، فالشِّركُ يُفْسِدُ القلبَ والقَصْدَ، وإذا فَسَدَ القَصْدُ فَسَدَ العملُ؛ إذ العملُ مَبْنَاه على القَصْدِ، قالَ -تعالى-: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} .

وقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: (( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ) ).

إذًا: الرَّسولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، حَمَى جَانِبَ التَّوحيدِ حمايةً مُحْكَمةً، وسَدَّ كلَّ طريقٍ يُوصِلُ إلى الشِّركِ ولو مِن بعيدٍ؛ لأنَّ مَنْ سارَ على الدَّرْبِ وَصَلَ، والشَّيْطانُ يُزَيِّنُ للإنسانِ أعمالَ السَّوْءِ شيئًا فشَيئًا حتَّى يَصِلَ إلى الغايَةِ.

قولُهُ:

{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ} الجُملةُ مُؤَكَّدةٌ بثلاثِ مُؤَكِّداتٍ:

-القَسَمِ، واللاَّمِ، وقَد:

وهي مُؤَكِّدَةٌ لجميعِ مَدخُولِها بأنَّه رَسولٌ، وأنَّه مِن أنفُسِهِم، وأنَّه عزيزٌ عَلَيْهِ ما يَشُقُّ علينا، وأنَّه بالمؤمنينَ رَؤُوفٌ رحيمٌ، فالقَسَمُ مُنْصَبٌّ على كلِّ هذه الأوصافِ الأربعةِ.

والخِطابُ في قولِهِ: {جَاءَكُمْ} .

قِيلَ:

لِلعَرَبِ لِقولِهِ: {مِنْ أَنفُسِكُمْ} فالرَّسولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مِن العربِ، قالَ تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ} .

ويُحْتَمَلُ أنْ يكونَ عامًّا للأمَّةِ كلِّها، ويكونُ المرادُ بالنَفْسِ هنا الجِنْسَ، أيْ: لَيْسَ مِن الجِنِّ ولا الملائكةِ، بَلْ هو مِن جِنْسِكُم كَمَا قالَ -تعالى-: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} .

وعلى الاحْتِمالِ الأوَّلِ فيه إشْكالٌ؛ لأنَّ النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بُعِثَ إلى جميعِ النَّاسِ مِن العربِ والعَجَمِ.

ولكنْ يُقالُ في الجَوَابِ:

أنَّه خُوطِبَ العربُ بهذا؛ لأنَّ مِنَّةَ اللهِ عَلَيْهِم به أَعْظَمُ مِنْ غيرِهِم حيثُ كانَ مِنْهُم، وفي هذا تشريفٌ لَهُم بلا رَيْبٍ.

والاحتمالُ الثَّاني أَوْلَى؛ للعُمومِ، ولقولِهِ: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ} ولمَّا كانَ المرادُ العربَ قالَ: {مِنْهُم} لا {مِنْ أَنفُسِهِم} قال اللهُ -تعالى-: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ} ، وقالَ -تعالى- عن إِبْراهِيمَ وإِسْماعِيلَ: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ} .

وعلى هذا فإذا جاءتْ {مِنْ أَنفُسِهِم} فالمرادُ: عُمومُ الأُمَّةِ، وإذا جاءتْ {منهم} فالمرادُ: العربُ، فعلى الاحتمالِ الثَّاني لا إشْكالَ في الآيةِ.

قولُهُ: {رَسُولٌ} أيْ: مِن اللهِ كَمَا قالَ تعالى: {رَسُولٌ مِّنَ اللهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً} .

وفَعُولٌ هنا: بمعنى مُفْعَلٌ، أي: مُرْسَلٌ.

و {مِنْ أَنفُسِكُمْ} سَبَق الكلامُ فيها.

قولُهُ:

{عَزِيزٌ} أيْ: صَعْبٌ؛ لأنَّ هذه المادَّةَ العينَ والزَّايَ في اللُّغةِ العربيةِ تَدُلُّ على الصَّلابةِ ومِنْهُ: أَرْضٌ عَزازٌ أيْ: صَلْبةٌ قويَّةٌ، والمعنى: أنَّه يَصْعُبُ عَلَيْهِ ما يَشُقُّ عَلَيْكُم، ولهذا بُعِثَ بالحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ، وما خُيِّرَ بينَ شيئين إلا اخْتارَ أَيْسَرَهما ما لم يَكُنْ إثْمًا، وهذا مِن التَّيْسِيرِ الذي بُعِثَ به الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-.

قولُهُ: {مَا عَنِتُّمْ} ما: مصدريَّةٌ، ولَيْسَتْ موصولةً، أي: عَنَتُكُم، أي: مَشَقَّتُكم؛ لأنَّ العَنَتَ بمعنى المَشَقَّةِ قالَ -تعالى-: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ} أيْ: المَشَقَّةَ، والفعلُ بَعْدَ (( ما ) )يُؤَوَّلُ إلى مَصْدرٍ مَرْفوعٍ، لكنْ بماذا هو مرفوعٌ؟

يَخْتَلِفُ باخْتِلافِ {عَزِيزٌ} إذا قلْنا: بأنَّ {عَزِيزٌ} صِفةٌ لرَسولٍ صارَ المَصْدرُ المُؤَوَّلُ فاعِلاً به، أي: عزيزٌ عَلَيْهِ عَنَتُكُم، وإنْ قلْنا: عَزِيزٌ خبرٌ مُقَدَّمٌ صار عَنَتُكُم مُبْتَدَأً، والجُمْلةُ حينَئِذٍ تَكونُ كلُّها صِفةً لرسولٍ، أو يُقالُ: عَزِيزٌ مُبتدأٌ، وعَنَتُكُم فاعلٌ سَدَّ مَسَدَّ الخبرِ على رَأْيِ الكُوفِيِّين الذي أَشَارَ إليه ابنُ مالكٍ في قولِهِ:

وقدْ يَجْوزُ نحوُ فائزٌ أولو الرَّشَدْ

قولُهُ:

{حَرِيصٌ عَلَيْكُم} الحِرْصُ:بَذْلُ الجُهْدِ لإدراكِ أَمْرٍ مَقْصُودٍ، والمعنى: باذِلٌ غايةَ جُهدِهِ في مَصْلَحتِكم، فهو جامِعٌ بينَ أمرَيْنِ: دَفْعِ المَكْرُوهِ الَّذي أَفادَه قولُهُ: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} وحُصولِ المَحْبوبِ الَّذي أَفَادَه قولُهُ: {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} فَكَانَ النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- جامِعًا بينَ هذينِ الوَصْفِين، وهذا مِنْ نِعْمةِ اللهِ عَلَيْنا وعلى الرَّسولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أنْ يكونَ على هذا الخُلُقِ العظيمِ المُمَثَّلِ بقولِهِ -تعالى-: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} .

قولُهُ: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} بالمُؤْمِنِينَ: جارٌّ ومَجْرورٌ خبرٌ مُقَدَّمٌ، ورَؤُوفٌ مُبتدأٌ مُؤَخَّرٌ، ورحيمٌ: مُبتدأٌ ثانٍ، وتَقديمُ الخبرِ يُفِيدُ الحَصْرَ.

والرَّأْفةُ: أَشَدُّ الرَّحْمةِ وأَرَقُّها.

والرَّحمةُ: رِقَّةٌ بالقلبِ تَتَضَمَّنُ الحُنُوَّ على المَرْحُومِ، والعَطْفَ عَلَيْهِ بجَلْبِ الخيرِ لَهُ ودَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ.

وقولُنا: رِقَّةٌ في القلبِ، هذا باعتبارِ المَخْلوقِ، أمَّا بالنَّسبةِ للهِ -تعالى- فلا نُفَسِّرُها بهذا التَّفسيرِ؛ لأنَّ اللهَ -تعالى- لَيْسَ كمثلِهِ شيءٌ، ورَحْمةُ اللهِ أعظمُ مِنْ رَحمةِ المخلوقِ لا تُدانِيها رحمةُ المخلوقِ ولا تُماثِلُها، فَقَدْ ثَبَتَ عَن النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أنَّه قالَ:

(( إنَّ للهِ مِائَةَ رحمةٍ وَضَعَ منها رَحْمَةً واحِدةً يَتَراحَمُ بِها الخَلْقُ مُنذُ خُلِقُوا إِلى يَوْمِ القِيامَةِ حَتَّى إنَّ الدَّابَّةَ لَتَرْفَعُ حافِرَها عَنْ وَلَدِها خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ ) ).

فَمَنْ يُحْصِي هذهِ الرَّحمةَ الَّتي في الخَلائِقِ مُنْذُ خُلِقُوا إلى يومِ القِيامةِ كَمِّيَّةً؟ ومَنْ يَسْتَطِيعُ أنْ يُقَدِّرَها كَيْفِيَّةً؟

لا أحدَ يَسْتَطِيعُ إلا اللهُ -عزَّ وجلَّ- الَّذي خَلَقَها.

فهذِهِ رحمةٌ واحدةٌ، فإذا كانَ يومُ القيامةِ رَحِمَ الخَلْقَ بتسعٍ وتسعينَ رحمةً، بالإضافةِ إلى الرَّحمةِ الأُولَى، وهَلْ هذِهِ الرَّحمةُ تُدانِيها رحمةُ المَخْلوقِ؟

الجوابُ:

أبدًا لا تُدانِيها،

والقَدْرُ المُشْتَرَكُ بَيْنَ رحمةِ الخالقِ ورحمةِ المَخْلوقِ أنَّها صِفةٌ تَقْتَضِي الإحْسانَ إلى المُرْحومِ، ورحمةُ الخالقِ غيرُ مَخْلوقةٍ؛لأنَّها مِنْ صِفاتِهِ، ورحمةُ المخلوقِ مخلوقةٌ؛ لأنَّها مِنْ صِفاتِهِ، فصِفاتُ الخالقِ لا يُمْكِنُ أنْ تَنْفَصِلَ عنه إلى مخلوقٍ؛ لأنَّنا لو قُلْنا بذلِكَ لَقُلْنا بحُلولِ صِفاتِ الخالقِ بالمخلوقِ، وهذا أمرٌ لا يُمْكِنُ؛لأنَّ صِفاتِ الخالقِ يَتَّصِفُ بها وحْدَه، وصِفاتِ المخلوقِ يَتَّصِفُ بها وَحْدَه، لكنَّ صِفاتِ الخالقِ لها آثارٌ تَظْهَرُ في المخلوقِ، وهذه الآَثارُ هي الرَّحمةُ التي نَتَراحَمُ بِها.

قولُهُ: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} أيْ: أنَّ النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- في غيرِ المؤمنين ليس رَؤُوفًا ولا رحيمًا، بَلْ هو شَدِيدٌ عَلَيْهِم كَمَا وَصَفَهُ اللهُ هو وأصحابَه بذلِكَ في قولِهِ: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} .

قولُه: {فإِن تَوَلَّوْاْ} أيْ: أَعْرَضوا مع هذا البَيانِ الواضحِ بوصفِ الرَّسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.

وهذا التفاتٌ مِن الخِطابِ إلى الغَيْبةِ؛ لأنَّ التَّوَلِّيَ مع هذا البَيانِ مَكْروهٌ، ولهذا لم يُخاطَبوا بِه فلمْ يَقُلْ: فإنْ تَوَلَّيْتُم والبَلاغيُّون يُسَمُّونَه الْتِفاتًا.

ولو قِيلَ:

إنّه انْتِقالٌ لكانَ أَحْسَنَ.

قولُهُ:

{فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ} الخِطابُ للنَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أيْ: قلْ ذلِكَ مُعْتَمِدًا على اللهِ مُتَوَكِّلاً عَلَيْهِ مُعْتَصِمًا به: حَسْبِيَ اللهُ، وارتِباطُ الجوابِ بالشَّرطِ واضحٌ، أيْ: فإنْ أَعْرَضوا فلا يُهِمَنَّكَ إعراضُهم، بَلْ قُلْ بلسانِك وقلبِك: حَسْبِيَ اللهُ، و {حَسْبِيَ} خبرٌ مُقَدَّمٌ و {اللهُ} مبتدأٌ مُؤَخَّرٌ، ويَجوزُ العكسُ بأنْ نَجْعَلَ: {حَسْبِيَ} مُبْتَدَأً، ولفظُ الجَلالةِ خَبَرٌ، لكن لمَّا كانَتْ (حَسْبُ) نَكِرةً لا تَتَعَرَّفُ بالإضافةِ كانَ الأَوْلَى أنْ نَجْعَلَها هِيَ الخبرَ.

قولُهُ: {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} أي: لا مَعْبودَ حقٌّ حقيقٌ بالعِبادةِ سِوَى اللهِ عزَّ وجلَّ.

قولُهُ: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} عَلَيْهِ جارٌّ ومجرورٌ مُتعَلِّقٌ بـ { تَوَكَّلْتُ } ، وقُدِّمَ للحَصْرِ.

والتَّوَكُّلُ هو:

الاعتمادُ على اللهِ بجَلْبِ المَنافِعِ، ودَفْعِ المَضَارِّ مَعَ الثِّقَةِ بهِ، وفعلِ الأسبابِ النَّافعةِ.

وقولُهُ:

{عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} مَعَ قولِهِ: {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} فيها جمعٌ بَيْنَ توحيدَي الرُّبوبيَّةِ والعُبوديَّةِ، واللهُ تعالى يَجْمَعُ بَيْنَ هذين الأمرين كَثِيرًا. {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، وقَوْلِهِ: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} .

قولُهُ: {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} الضَّميرُ يَعودُ على اللهِ -سبحانَهُ-، وربُّ العرشِ أي: خالِقُه، وإضافةُ الرُّبوبيَّةِ إلى العَرْشِ، وإنْ كانَتْ رُبوبيَّةُ اللهِ عامَّةً، تَشْريفٌ للعَرْشِ وتعظيمٌ له.

ومناسَبةُ التَّوَكُّلِ لقولِهِ: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ؛ لأنَّ مَنْ كانَ فوقَ كلِّ شيءٍ، ولا شيءَ فوقَه، فإنَّه لا أحدَ يَغْلِبُه، فهو جديرٌ بأن يُتَوَكَّلَ عَلَيْهِ وحدَه.

وقولُهُ: {الْعَرْشِ} فسَّرَهُ بعضُ النَّاسِ بالكُرْسِيِّ، ثُمَّ فَسَّروا الكُرْسِيَّ بالعِلْمِ، وحينَئذٍ لا يَكونُ هناكَ كُرْسِيٌّ ولا عَرْشٌ، وهذا التَّفسيرُ باطلٌ.

والصَّحيحُ: أنَّ العَرْشَ غيرُ الكُرْسِيِّ، وأنَّ الكُرْسِيَّ غيرُ العِلمِ، ولا يَصِحُّ تفسيرُه بالعلمِ، بَلْ الكُرْسِيُّ مِنْ مخلوقاتِ اللهِ العظيمةِ الَّذي وَسِعَ السَّماوَاتِ والأَرْضَ، والعَرْشُ أَعْظَمُ وأعظمُ، ولهذا وَصَفَهُ بأنّه عظيمٌ بقولِهِ -تعالى-: {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} وبأنَّه مجيدٌ بقولِهِ: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ} على قِراءةِ كَسْرِ الدَّالِ، وبأنَّه كريمٌ في قولِهِ: {لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} لأنَّه أعظمُ المخلوقاتِ الَّتي بلَغَنَا عِلْمُها، وأَعْلاها؛ لأنََّ اللهَ اسْتَوَى عَلَيْهِ.

وقولُه: {فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ} أي: كافِينِي، وهكذا يَجِبُ أنْ يُعْلِنَ المؤمِنُ اعتِمادَه على ربِّه، ولا سِيَّما في مثلِ هذا المَقامِ الذي يَتَخَلَّى النَّاسُ عَنْهُ؛ لأنَّه قالَ: {فَإِن تَوَلَّوْا} .

وهذه الكلمةُ؛ كَلِمةُ الحَسْبِ تُقالُ في الشَّدائِدِ، قالَها إبراهيمُ حينَ أُلْقِيَ في النَّارِ، والنَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وأصحابُه حينَ قِيلَ لهم: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} .

قولُهُ:

(( لا تَجْعَلُوا ) )الجملةُ -هنا- نَهْيٌ، فلا ناهيةٌ، والفعلُ مَجْزومٌ وعلامةُ جَزْمِه حَذْفُ النَّونِ، والواوُ فاعلٌ.

قولُهُ: (( بُيوتَكُم ) )جمعُ بيتٍ، وهو: مَقَرُّ الإنسانِ وسَكَنُه، سَواءٌ كانَ مِنْ طِينٍ أو حِجارةٍ أو خَيْمةٍ وما أَشْبَهَ ذلِكَ، وغالِبُ ما يُرادُ بِه الطِّينُ والحِجارةُ.

قولُهُ: (( قُبورًا ) )مفعولٌ ثانٍ لِتَجْعَلُوا، وهذه الجملةُ اختُلِفَ في معناها، فَمِنْهُم مَنْ قالَ: لا تَجْعَلُوها قبورًا أيْ: لا تَدْفِنُوا فيها، وهذا لا شكَّ أنَّه ظاهِرُ اللَّفظِ، ولكنْ أُورِدُ على ذلِكَ دَفْنُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في بيتِه، وأُجِيبَ عنه بأنَّه مِنْ خَصائِصِه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، فالنَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- دُفِنَ في بيتِه لسبَبَين:

الأول: ما رُوِيَ عَنْ أَبي بَكْرٍ أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقُولُ: (( ما مِنْ نَبيٍّ يَمُوتُ إِلاَّ دُفِنَ حَيْثُ قُبِضَ ) )وهذا ضَعَّفَه بعضُ العلماءِ.

الثاني: ما رَوَتْهُ عائِشةُ -رَضِيَ اللهُ عنها-: (أنه خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا) .

وقالَ بعضُ العلماءِ: المرادُ بـ (( لا تَجْعَلُوا بُيوتَكُم قُبورًا ) )أي: لا تَجْعَلُوها مِثلَ القبورِ، أيْ: المَقْبرةِ لا تُصَلُّون فيها؛ وذلِكَ لأنَّه مِن المُتَقَرِّرِ عِنْدَهم: أنَّ المَقابرَ لا يُصَلَّى فيها، وأيَّدُوا هذا التَّفسيرَ بأنَّه سَبَقَها جملةٌ في بعضِ الطُّرقِ: (( اجْعَلُوا مِنْ صَلاتِكُم فِي بُيوتِكُمْ، ولا تَجْعَلُوها قُبُورًا ) )وهذا يَدُلُّ على أنَّ المُرادَ: لا تَدَعُوا الصَّلاةَ فيها).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (أي: لا تجعلوها خالية من الصلاة فيها والدعاء والقراءة؛ فتكون بمنزلة القبور) .

وكلا المَعْنَيَين صحيحٌ؛

فلا يَجوزُ أنْ يُدْفَنَ الإنسانُ في بيتِه، بل يُدْفَنُ مَعَ المسلمين؛ لأنَّ هذه هي العادَةُ المُتَّبَعةُ مُنْذُ عَهْدِ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- إلى اليومِ، ولأنّه إذا دُفِنَ في بيتِه فإنَّه ربَّما يَكونُ وَسِيلةً إلى الشِّركِ، فربَّما يُعَظَّمُ هذا المَكانُ، ولأنَّه يُحْرَمُ مِن دَعَواتِ المسلِمِينَ الذين يَدْعُونَ بالمَغْفِرةِ لأمْوَاتِ المسلمين عِنْدَ زِيارتِهم للمَقابِرِ، ولأنَّه يُضَيِّقُ على الوَرَثَةِ مِنْ بَعْدِه فيَسْأَمُون منه، وربَّما يَسْتَوْحِشُون منه، وإذا باعُوه لا يُساوِي إلاَّ شيئًا قليلاً، ولأنَّه قَدْ يَحْدُثُ عِنْدَه مِن الصَّخَبِ واللَّعِبِ واللَّغْوِ والأفعالِ المُحَرَّمةِ ما يَتَنافَى مع مَقْصودِ الشَّارِعِ، فإنَّ الرَّسولَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَقولُ: (( زُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّها تُذكِّرُكُمُ الآخِرَةَ ) ).

وأمَّا أنَّ المعنى:

لا تَجْعَلُوها قُبُورًا، أي: مِثلَ القُبورِ في عَدَمِ الصَّلاةِ فيها فهو دَلِيلٌ على أنَّه يَنْبَغِي -إنْ لم نَقُلْ: يَجِبُ- أنْ يَجْعَلَ الإنسانُ مِنْ صَلاتِه في بيتِِه ولا يُخَلِّيَه مِن الصَّلاةِ.

وفيه أيضًا: أنَّه مِن المُتَقَرِّرِ عندَهم أنَّ المَقْبَرةَ لا يُصَلَّى فيها.

إذًا فيكونُ هذا النَّهْيُ عَنْ تَرْكِ الصَّلاةِ في البُيوتِ؛

لئلاَّ تُشْبِهَ المَقابِرَ، فيكونُ فيه دَلِيلٌ واضحٌ على أنَّ المَقابرَ لَيْسَتْ مَحَلاَّ للصَّلاةِ، وهذا هو الشَّاهِدُ مِن الحديثِ للبابِ؛ لأنَّ اتِّخاذَ المَقابرِ مَساجدَ سببٌ قريبٌ جدًّا للشِّركِ.

واتِّخاذُها مَساجدَ سَبَقَ أنَّ له مَرْتَبَتَيْن:

الأُولَى: أن يَبْنِيَ عَلَيْهِا مَسجدًا.

الثانيةُ:

أنْ يَتَّخِذَها مُصَلًّى يَقْصِدُها لِيُصَلِّيَ عندَها.

والحديثُ يَدُلُّ على أنَّ الأَفْضَلَ: أنَّ المرْءَ يَجْعَلُ مِنْ صَلاتِه في بيتِه، وذلِكَ جميعُ النَّوافِلِ؛ لِقولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-:

(( أفضَلُ صلاةِ الْمَرْءِ في بيتِهِ إِلا الْمَكْتوبَةَ ) )إلا ما وَرَدَ الشَّرْعُ أنْ يُفْعَلَ في المسجدِ مثلَ: صلاةِ الكُسُوفِ، وقِيامِ اللَّيْلِ في رَمَضانَ، حتَّى ولو كُنْتَ في المدينةِ النَّبويَّةِ؛ لأنَّ النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قالَ ذلِكَ وهو في المدينةِ، وتَكونُ المُضاعَفةُ بالنَّسبةِ للفَرَائِضِ، أوالنَّوافِلِ الَّتي تُسَنُّ لها الجَماعةُ.

قال ابن تيمية في (اقتضاء الصراط المستقيم) : (فأمر بتحري العبادة في البيوت، ونهى عن تحريها عند القبور، عكس ما يفعله المشركون من النصارى، ومن تشبه بهم من هذه الأمة ) .

قولُهُ: (( عِيدًا ) )العِيدُ: اسمٌ لِما يُعْتادُ فعلُه، أو التَّرَدُّدُ إليه، فإذا اعْتادَ الإنسانُ أنْ يَعْمَلَ عملاً، كَمَا لو كانَ كلَّما حالَ عَلَيْهِ الحَوْلُ صَنَعَ طعامًا ودَعَا النَّاسَ، فهذا يُسَمَّى عِيدًا؛ لأنّه جَعَلَهُ يَعُودُ ويَتَكَرَّرُ.

وكذلِكَ مِن العِيدِ:

أنْ تَعْتادَ شيئًا فتَتَرَدَّدَ إليه مثلَ: ما يَفْعَلُ بعضُ الجَهَلةِ في شَهْرِ رَجَبٍ، وهو ما يُسَمَّى بالزِّيارةِ الرَّجَبِيَّةِ، حيثُ يَذْهَبُونَ مِنْ مَكَّةَ إلى المدينةِ، ويَزُورون كما زَعَمُوا قبرَ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وإذا أَقْبَلُوا على المدينةِ تَسْمَعُ لهم صِياحًا، وكانوا سابِقًا يَذْهَبُون مِنْ مَكَّةَ إلى المدينةِ على الحَمِيرِ خاصَّةً، ولما جاءَت السَّيَّاراتُ صاروا يَذْهَبُون على السَّيَّاراتِ.

وأيُّهما المرادُ مِنْ كلامِ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-؟

الأوَّلُ، أيْ: العملُ الَّذي تَكَرَّرَ بتَكَرُّرِ العامِ، أو التَّرَدُّدُ إلى المكانِ؟

الظاهرُ: الثاني،

أيْ: لا تَتَرَدَّدُوا على قبرِي وتَعْتادُوا ذلك، سَواءً قَيَّدُوه بالسَّنةِ أو بالشَّهْرِ أو بالأسبوعِ فإنَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- نَهَى عَنْ ذلِكَ، وإنما يُزارُ لِسببٍ، كَمَا لو قَدِمَ الإنسانُ مِنْ سَفَرٍ فذَهَبَ إلى قَبرِهِ فَزَارَه، أو زَارَه لِيَتَذَكَّرَ الآخِرةَ كغيرِه مِن القبورِ.

وما يَفْعَلُه بعضُ النَّاسِ في المدينةِ كلَّما صَلَّى الفَجْرَ ذَهَبَ إلى قَبْرِ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ -مِنْ أجلِ السَّلامِ عَلَيْهِ، فيَعْتَادُ هذا كلَّ فَجْرٍ، يَظُنُّون أنَّ هذا مثلُ زِيارتِهِ في حَياتِهِ، فهذا مِن الجَهْلِ، وما عَلِمُوا أنّهم إذا سَلَّمُوا عَلَيْهِ في أيِّ مَكانٍ فإنَّ تَسْليمَهُم يَبْلُغهُ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام