بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهتَدِينَ} [الْقَصَص:56]
فِي (الصَّحِيحِ) عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ ، جَاءهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللهِ ابْنُ أَبِي أُمَيَّةَ وَأَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ لَهُ: (( يَا عَمِّ، قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ ) ).
فَقَالاَ لَهُ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟
فَأَعَادَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَعَادَا فَكَانَ آخِرَ مَا قَالَ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (( لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ، مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ ) )
فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ ولَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِن بَعدِ مَا تَبَيَّنَ لهُمْ أَنهَّم أَصحَابُ الجَحِيمِ} [التَّوْبَة:113] .
وَأَنْزَلَ فِي أَبِي طَالِبٍ: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} [الْقَصَص:56] .
فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى:
تَفْسِيرُ قَوْلِهِ: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} .
الثَّانِيَةُ:
تَفْسِيرُ قَوْلِهِ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالذينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} .
الثَّالِثَةُ:
-وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْكَبِيرَةُ - تَفْسِيرُ قَوْلِهِ: (( قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ) )بِخِلاَفِ مَا عَلَيْهِ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ.
الرَّابِعَةُ:
أَنَّ أَبَا جَهْلٍ وَمَنْ مَعَهُ يَعْرِفُونَ مُرَادَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَالَ لِلرَّجُلِ: (( قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ) )فَقَبَّحَ اللهُ مَنْ أَبُو جَهْلٍ أَعْلَمُ مِنْهُ بِأَصْلِ الإِسْلاَمِ.
الْخَامِسَةُ:
جِدُّهُ صلى الله عليه وسلم،
وَمُبَالَغَتُهُ فِي إِسْلاَمِ عَمِّهِ.
السَّادِسَةُ:
الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ إِسْلاَمَ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَسْلاَفِهِ.
السَّابِعَةُ:
كَوْنُهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَغْفَرَ لَهُ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، بَلْ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ.
الثَّامِنَةُ:
مَضَرَّةُ أَصْحَابِ السَّوْءِ عَلَى الإِنْسَانِ.
التَّاسِعَةُ:
مَضَرَّةُ تَعْظِيمِ الأَسْلاَفِ وَالأَكَابِرِ.
الْعَاشِرَةُ:
الشُّبْهَةُ لِلْمُبْطِلِينَ فِي ذَلِكَ لاِسْتِدْلاَلِ أَبِي جَهْلٍ بِذَلِكَ.
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ:
الشَّاهِدُ لِكَوْنِ الأَعْمَالِ بِالْخَوَاتِيمِ؛ لأَِنَّهُ لَوْ قَالَهَا لَنَفَعَتْهُ.
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ:
التَّأَمُّلُ فِي كِبَرِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ فِي قُلُوبِ الضَّالِّينَ؛ لأَِنَّ فِي الْقِصَّةِ أَنَّهُمْ لَمْ يُجَادِلُوهُ إِِلاَّ بِهَا مَعَ مُبَالَغَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَتَكْرِيرِهِ فَلأَِجْلِ عَظَمَتِهَا وَوُضُوحِهَا عِنْدَهُمُ اقْتَصَرُوا عَلَيْهَا.
مُنَاسَبةُ هذا البَابِ لِمَا:
مَنْاسَبَتُهُ أنَّهُ نَوْعٌ فيه فإذا كَانَ لاَ أَحَدَ يَسْتَطِيعُ أنْ يَنْفَعَ أَحَدًا بالشَّفَاعَةِ والخَلاَصِ من الَعذَابِ، كذلكَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أنْ يَهْدِيَ أَحَدًا حَتَّى يَقُومَ بِمَا أَمَرَ اللهُ بهِ.
قولُهُ تَعَالَى: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الخَطَابُ للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وكَانَ يُحِبُّ هِدَايَةَ عَمِّهِأَبِي طَالِبٍ أوْ مَنْ هوَ أَعَمُّ منهُ.
فأَنْتَ يا مُحَمَّدُ المُخَاطَبُ بِكَافِ الخِطَابِ، ولهُ المَنْزِلَةُ الرَّفِيعَةُ عندَ اللهِ، لاَ تَسْتَطِيعُ أن تَهْدِيَ مَنْ أَحْبَبْتَ هِدَايتَهُ، ومَعْلُومٌ أَنَّهُ إذا أَحَبَّ هِدَايتَهُ فَسَوْفَ يَحْرِصُ عَلَيهِ، ومَعَ ذلكَ لاَ يَتَمَكَّنُ مِنْ هذا الأَمْرَ؛ لأَِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ بيدِ اللهِ، قَالَ تَعَالَى: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ } .
وقَالَ تَعَالَى: { وَللهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ } فَأَتَى بـ (أَلْ) الدَّالَّةِ عَلَى الاسْتِغْرَاقِ؛ لأَِنَّ (أَلْ) فِي قَوْلِهِ (الأَمْرُ) للاسْتِغْرَاقِ، فهيَ نَائِبَةٌ مَنَابَ كُلٍّ؛ أيْ: وإليهِ يُرْجَعُ كُلُّ الأَمْرِ، ثُمَّ جَاءَتْ مَؤَكَّدةً (بكُلّ) ، وذلكَ تَوْكِيدَانِ.
والْهِدَايَةُ الَّتِي نَفَاهَا اللهُ عَن رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هي هِدَايَةُ التَّوْفِيقِ، والَّتِي أَثْبتَها هي هِدَايَةُ الدَّلاَلَةِ والإِرْشَادِ، ولِهَذا أَتَتْ مُطْلَقَةً لِبَيانِ أَنَّ الذي بِيدَهِ هوَ هِدَايَةُ الدَّلاَلَةِ فقطْ، لاَ أنْ يَجْعَلَهُ مُهْتَدِيًا، قَالَ تَعَالَى: { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } .
فَلَمْ يُخَصِّصْ سَبْحَانَهُ فَلاَنًا وفُلاَنًا ليُبيِّنَ أَنَّ المُرَادَ أَنَّكَ تَهْدِي هِدَايَةَ دَلاَلَةٍ، فَأَنْتَ تَفْتَحُ الطَّرِيقَ أمامَ النَّاسِ فقطْ، وتُبَيِّنُ لَهُم وتُرْشِدُهم، وأَمَّا إِدْخَالُ النَّاسِ في الهِدَايَةِ، فهذا أمرٌ ليسَ إلى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، إِنَّما هوَ مِمَّا تَفَرَّدَ اللهُ بِهِ سُبْحَانَهُ، فنَحْنُ عَلَيْنَا أنْ نُبَيِّنَ ونَدْعُوَ، وأمَّا هِدَايَةُ التَّوْفِيقِ -أيْ: أَنَّ الإنْسَانَ يَهْتَدِي- فهذا إلى اللهِ سبحانَهُ وتَعالَى، وهذا هوَ الجَمْعُ بينَ الآيتينِ.
وقَوْلُهُ: { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } ظَاهِرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُحِبُّ أَبَا طَالِبٍ، فكيفَ يُؤَوَّلُ ذلكَ؟
والجَوَابُ
: إِمَّا أنْ يُقالَ: إِنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ المَفْعُولَ مَحْذُوفٌ، والتَّقْدِيرُ: مَنْ أَحْبَبْتَ هِدَايتَهُ، لاَ: مَنْ أَحْبَبْتَهُ هوَ.
أو يُقَالَ:
إِنَّهُ أَحَبَّ عَمَّهُ مَحَبَّةً طَبِيعِيَّةً كمَحَبَّةِ الابنِ أَبَاهُ ولوْ كَانَ كَافِرًا.
أو يُقَالُ:
إِنَّ ذلكَ قَبْلَ النَّهْيِ عَن مَحَبَّةِ المُشْرِكِينَ.
والأوَّلُ أَقْرَبُ؛
أيْ: مَنْ أَحْبَبْتَ هِدَايتَهُ لاَ عَيْنَهُ، وهذا عَامٌّ لأبِي طَالِبٍ وغيرِهِ.
ويَجُوزُ أَنْ يُحِبَّهُ مَحَبَّةَ قَرَابَةٍ، ولاَ يُنَافِي هذا المَحَبَّةَ الشَّرْعِيَّةَ، وَقَدْ أُحِبُّ أَنْ يَهْتَدِيَ هذا الإنْسانُ -وإِنْ كُنْتُ أَبْغَضُهُ شَخْصيًّا لكُفْرِهِ- ولكنْ لأَِنِّي أُحِبُّ أنَّ النَّاسَ يَسْلُكُونَ دِينَ اللهِ.
قولُهُ: (فَقَالَ لَهُ:
(( يَا عَمِّ، قلْ:لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ) ))
قولُهُ:
(( قلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ) )يَجُوزُ أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ الأَمْرِ والإِلْزَامِ؛ لأَِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَأْمُرَ كُلَّ أَحَدٍ أنْ يَقُولَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.
ويَجُوزُ أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ الإِرْشَادِ والتَّوْجِيهِ.
ويَجُوزُ أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّرَجِّي والتَّلَطُّفِ معَهُ، وأَبُو طَالِبٍ والذينَ عندَهُ يَعْرِفُونَ هذه الكَلِمةَ ويَعْرِفُونَ مَعْناها؛ ولِهَذا بَادَرَ بالْإنْكَارِ.
قولُهُ: (( كَلِمَةً ) )مَنْصُوبَةً؛ لأَِنَّها بَدَلُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، ويَجُوزُ إِذَا لَمْ تَكُن الرِّوايَةُ بالنَّصْبِ أَنْ تَكُونَ بالرَّفْعِ؛ أيْ: هيَ كَلِمَةٌ، ولَكِنَّ النَّصبَ أَوْضَحُ.
قولُهُ: (( أُحَاجُّ ) )المعنى: أَذْكُرُهَا حُجَّةً لَكَ عندَ اللهِ، وليسَ أُخاصِمُ وأُجادِلُ لكَ بِهَا عندَ اللهِ، وإنْ كانَ بعضُ أهلِ العِلْمِ قَالَ: إِنَّ مَعْناهَا (أُجَادِلُ اللهَ بِهَا) ، ولَكِنَّ الذي يَظْهَرُ لِي أَنَّ المَعْنَى: (( أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عندَ اللهِ ) )أيْ: أَذْكُرُهَا حُجَةً لَكَ، كَمَا جَاءَ في بَعْضِ الرِّوَاياتِ: (( أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِندَ اللهِ ) ).
قولُهُ:(فَقَالاَ لهُ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ
عَبدِ الْمُطَّلِبِ؟)القَائِلاَنِ هُمَا: عبدُ اللهِ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ، وأبو جَهْلٍ، والاسْتِفْهَامُ للإنكارِ عليهِ؛ لأنَّهُما عَرَفَا أنَّهُ إِذَا قَالَهَا - كَلِمَةَ الإخْلاَصِ - وَحَّدَ، ومِلَّةُ عبدِ المُطَّلِبِ الشِّرْكُ، وذَكَرَا لهُ ما تَهِيجُ بِهِ نَعْرتُهُ، وهيَ مِلَّةُ عبدِ المُطَّلِبِ حَتَّى لاَ يَخْرُجَ عَن مِلَّةِ آبائِهِ.
وقَدْ مَاتَ أبو جهلٍ عَلَى مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ، أَمَّا عبدُ اللهِ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ، والمُسَّيبُ الذي رَوَى الحديثَ فَأَسْلَمَا، فَأَسْلَمَ مِنْ هؤلاءِ الثَّلاَثَةِ رَجُلاَنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما.
قولُهُ: (مِلَّةِ عبدِ المطَّلِبِ) أيْ: دِينِ عبدِ المُطَّلِبِ.
قولُهُ: (فَأَعَادَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ) أيْ قولَهُ:
(( قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ ) ).
قولُهُ: (فأَعَادَا عَلَيْهِ) أيْ قَوْلَهُمَا: (أَتَرْغَبُ عنْ مِلَّةِ عبدِ المُطَّلَبِ؟) .
قولُهُ: (فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ:(( لأََسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ) )) إلخ، جُمْلَةُ: (( لأََسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ) )مُؤَكَّدَةٌ بثَلاَثةِ مُؤَكِّدَاتٍ:
-القَسَمِ.
-واللاَّمِ.
-ونُونِ التَّوْكِيدِ الثَّقِيلَةِ.
والاسْتِغْفَارُ: طَلَبُ المَغْفِرَةِ،
وكَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في نَفْسِهِ شَيْءٌ مِن القَلَقِ حَيْثُ قَالَ: (( مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ ) )فَوَقَعَ الأَمْرُ كَمَا تَوَقَّعَ ونُهِيَ عنه.
قولُهُ: (( مَا لَمْ أُنْهَ عنْكَ ) )فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ للمَجْهُولِ، والنَّاهِي عنه هوَ اللهُ.
قَوْلُهُ:
{مَا كَانَ} اعْلَمْ: أنَّ جملة (مَا كَانَ) أوْ (مَا يَنْبَغِي) أوْ (لاَ يَنْبَغِي) ونَحْوَها، إِذَا جَاءَتْ في القُرْآنِ والحَديثِ فالمُرَادُ أنَّ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ غَايَةَ الامْتِنَاعِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: { مَا كَانَ للهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ } .
-وقولِهِ: { وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا } .
وقولِهِ: { لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ } ، وقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ: (( إِنَّ اللهَ لاَ يَنَامُ ولاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ) ).
وقولُهُ: {أَن يَسْتَغْفِرُوا} أيْ: يَطْلُبوا المَغْفِرَةَ للمُشْرِكِينَ.
وقولُهُ: {وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} أيْ: حَتَّى ولوْ كانُوا أَقَارِبَ لَهُم، ولِهَذا لَمَّا اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ومَرَّ بِقَبْرِ أُمِّهِ اسْتَأْذَنَ اللهَ أنْ يَسْتَغْفِرَ لَهَا فَمَا أَذِنَ اللهُ لَهُ، فاسْتَأْذَنَهُ أَنْ يَزُورَ قَبْرَها فَأَذِنَ لهُ، فَزَارَهُ للاعْتِبَارِ وبَكَى وأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ.
فاللهُ مَنَعَهُ مِنْ طَلَبِ المَغْفِرَةِ للمُشْرِكِينَ؛ لأَِنَّ هؤلاءِ المُشْرِكِينَ لَيْسُوا أهَلاً للمَغْفِرَةِ، إِذَا دَعَوْتَ اللهَ أَنْ يَفْعَلَ مَا لاَ يَلِيقُ فَهو اعْتِدَاءٌ في الدُّعَاءِ.
قولُهُ: (وأَنْزَلَ اللهُ في أَبِي طَالِبٍ) أيْ: في شَأْنِهِ.
قولُهُ:
{إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } الخِطَابُ للرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ؛ أيْ: لاَ تُوَفِّقُ مَنْ أَحْبَبْتَ للهِدَايَةِ.
قولُهُ: {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} أيْ: يَهْدِي هِدَايَةَ التَّوْفِيقِ مَنْ يَشَاءُ، واعْلَمْ أنَّ كُلَّ فِعْلٍ يُضَافُ إلى مَشِيئَةِ اللهِ تَعَالَى فهوَ مَقْرُونٌ بالْحِكُمَةِ؛ أيْ: مَن اقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ أنْ يَهْدِيَهُ فإنَّهُ يَهْتَدِي، ومَن اقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ أَنْ يُضِلَّهُ أَضَلَّهُ.
وهذا الحَدِيثُ يَقْطَعُ وسَائلَ الشِّرْكِ بالرَّسُولِ وغيرِهِ، فالذينَ يَلْجَأُونَ إليهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، ويَسْتَنْجِدُونَ بِهِ مُشْرِكُونَ، فَلاَ يَنْفَعُهُم ذلكَ؛ لأنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ أنْ يَسْتَغْفِرَ لِعَمِّهِ، مَعَ أنَّهُ قَدْ قَامَ مَعَهُ قِيامًا عَظَيمًا، نَاصَرَهُ وآزَرَهُ في دَعْوَتِهِ، فكيفَ بغيرهِ مِمَّن يُشْرِكُونَ باللهِ؟!.
قال في (فتح المجيد) ص244:(ومن حكمة الرب تعالى في عدم هداية أبي طالب إلى الإسلام؛ ليبين لعباده أن ذلك إليه، وهو القادر عليه دون من سواه.
فلو كان عند النبي صلى الله عليه وسلم ـ الذي هو أفضل خلقه ـ من هداية القلوب وتفريج الكروب، ومغفرة الذنوب، والنجاة من العذاب؛ لكان أحق الناس بذلك وأولاهم به عمّهُ، الذي كان يحوطه ويحميه وينصره ويؤويه. فسبحان من بهرت حكمتهُ العقول، وأرشد العباد إلى ما يدلهم على معرفته وتوحيده وإخلاص العمل له، وتجريده).
فيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى:
(تَفْسيرُ قولِهِ تَعَالَى: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}
)أيْ: مَنْ أَحْبَبْتَ هِدَايَتَهُ، وسَبَقَ تَفْسِيرُها، وبَيَّنَّا أنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا كَانَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَهْدِيَ أَحَدًا وهوَ حَيٌّ، فكيفَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَهْدِيَ أَحَدًا وهوَ مَيِّتٌ؟ وأَنَّهُ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى في حَقِّهِ: {قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ رَشَدًا} .
الثَّانِيَةُ:
(تَفْسِيرُ قولِهِ: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ } الآيَةَ)
وقَدْ سَبَقَ تَفْسِيرُها، وبَيَانُ تَحْرِيمِ اسْتِغْفَارِ المُسْلِمِينَ للمُشْرِكِينَ ولوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى.
الثَّالِثَةُ: (وهيَ المَسْأَلَةُ الكَبِيرَةُ) أي: الكبيرةُ مِنْ هذا البَابِ، قولُهُ - أيْ قولُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - لِعَمِّهِ: (( قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ) )وعَمُّهُ عَرَفَ المَعْنَى أَنَّهُ التَّبَرُّؤُ مِنْ كُلِّ إِلَهٍ سِوَى اللهِ، ولِهَذا أَبَى أنْ يَقُولَهَا؛ لأَِنَّهُ يَعْرِفُ مَعْنَاهَا ومُقْتَضَاهَا ومَلْزُومَاتِها.
وقولُهُ: (بِخِلاَفِ مَا عَلَيْهِ مَنْ يَدَّعِي العِلْمَ) كأَنَّهُ يُشِيرُ إلى تَفْسيرِ المُتَكَلِّمِينَ لِمَعْنَى: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، حيثُ يَقُولُونَ: إِنَّ الإِلَهَ هوَ القَادِرُ عَلَى الاخْتِرَاعِ، وأَنَّهُ لاَ قَادِرَ عَلَى الاخْتِرَاعِ والإِيجَادِ والإِبْدَاعِ إِلاَّ اللهُ، وهذا تَفْسيرٌ باطِلٌ كما تقدم.
الرَّابِعَةُ:
(أنَّ أبَا جَهْلٍ ومَنْ مَعَهُ يَعْرِفُونَ مُرادَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) أي: في قول: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، ولذا ثَارُوا وقَالُوا لَهُ: أَتَرْغَبُ عَن مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلبِ؟ وهوَ أيضًا أَبَى أنْ يَقُولَهَا لأَِنَّهُ يَعْرِفُ مُرَادَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِهَذه الكَلِمَةِ، قَالَ تَعَالَى: { إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ } .
فالحَاصِلُ: أنَّ الذينَ يدَّعُونَ أنَّ مَعْنَى (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) أنه لاَ قَادِرَ عَلَى الاخْتِرَاعِ إِلاَّ هوَ، أوْ يَقُولُونَها وهم يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ كالأَوْلِياءِ، هم أَجْهَلُ مِنْ أَبِي جَهْلٍ.
واحْتَرَزَ
المُؤَلِّفُ في عَدَمِ ذِكْرِ مَنْ كانَ مَعَ أَبِي جَهْلٍ؛ لأَِنَّهم أَسْلَمُوا، وبذلكَ صَارُوا أَعْلَمَ مِمَّن بعدَهم؛ خَاصَّةً مَنْ بعدَهم في العُصُورِ المُتَأَخِّرَةِ في زَمَنِ المُؤَلِّفِ رَحِمَهُ اللهُ.
الخامسةُ: (جِدُّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، ومُبَالَغَتُهُ في إِسْلاَمِ عَمِّهِ) حِرْصُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وكَوْنُهُ يَتَحَمَّلُ أنْ يُحَاجَّ بالكلمةِ عندَ اللهِ واضِحٌ مِنْ نَصِّ الحديثِ لسَبَبَيْنِ هما:
القَرَابَةُ.
-ولِمَا أَسْدَى للرَّسُولِ والإِسْلاَمِ مِن المَعْرُوفِ، فهوَ عَلَى هذا مَشْكُورٌ وإِنْ كَانَ عَلَى كُفْرِهِ مَأْزُورًا في النَّارِ.
(13) السَّادِسَةُ: (الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ إِسْلاَمَ عبدِ المُطْلَبِ) بدَلِيلِ قَوْلِهِمَا: أَتَرْغَبُ عَن مِلَّةِ عبدِ المُطَّلبِ؟ حينَ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنْ يَقُولَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مِلَّةَ عبدِ المُطَّلِبِ الكُفْرُ والشِّرْكُ.
وفي الحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ بإسْلاَمِ أَبِي طَالِبٍ أوْ نُبُوَّتِهِ، كَمَا تَزْعُمُهُ الرَّافِضَةُ قبَّحَهُمُ اللهُ، وأنَّ آخِرَ مَا قَالَ هوَ: عَلَى مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ، وأَبَى أَنْ يَقُولَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.
السَّابِعَةُ:
(كونُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ اسْتَغْفَرَ لَهُ فَلَمْ يُغْفَرْ له) الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَقْرَبُ النَّاسِ أنْ يُجِيبَ اللهُ دُعَاءَهُ، ومَعَ ذلكَ اقْتَضَتْ حِكْمَةُ اللهِ أنْ لاَ يُجِيبَ دُعَاءَهُ لِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ؛ لأَِنَّ الأَمْرَ بيدِ اللهِ لاَ بيدِ الرَّسُولِ ولاَ غيرِهِ، قَال تَعَالَى: { قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ للهِ } وقَالَ تَعَالَى: { وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ } ليسَ لأحدٍ تَصَرُّفٌ في هذا الكونِ إِلاَّ رَبَّ الكَوْنِ.
وكذا أمُّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ في الاسْتِغْفَارِ لَهَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الكُفْرِ لَيْسوا أهْلاً للمَغْفِرةِ بأَيِّ حَالٍ، ولاَ يُجابُ لَنَا فيهم، ولاَ يَحِلُّ الدُّعَاءُ لَهُم بالمَغْفِرَةِ والرَّحْمَةِ، وإِنَّما يُدْعَى لَهُم بالْهِدَايَةِ وهم أَحْياءٌ.
الثَّامِنَةُ:
(مَضَرَّةُ أَصْحَابِ السُّوءِ عَلَى الإنْسانِ) المَعْنَى: أَنَّهُ لَوْلاَ هذانِ الرَّجُلاَنِ لَرُبَّمَا وُفِّقَ أبو طَالِبٍ إِلَى قَبُولِ مَا عَرَضَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، لكنَّ هؤلاَءِ - والعِياذُ باللهِ - ذَكَّرَاهُ نَعْرَةَ الجَاهِليَّةِ، ومَضَرَّةُ رُفَقَاءِ السُّوءِ ليسَ خاصًّا بالشِّرْكِ، ولَكِنْ فِي جَمِيعِ سُلُوكِ الإِنْسانِ.
التاسعةُ:
(مَضَرَّةُ تَعْظِيمِ الأَسْلاَفِ والأَكَابرِ) لأنَّ أَبَا طَالِبٍ اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلبِ حينَ ذَكَّرُوهُ بأَسْلاَفِهِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لَشِريعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
وهذا ليسَ عَلَى إِطْلاَقِهِ، فَتَعْظِيمُهم إِنْ كَانُوا أَهْلاً لذلكَ فَلاَ يَضُرُّ، بلْ هوَ خَيْرٌ، فأَسْلاَفُنا مِنْ صَدْرِ هذه الأُمَّةِ لاَ شَكَّ أنَّ تَعْظِيمَهم وإِنْزَالَهم مَنَازِلَهم خَيْرٌ لاَ ضَرَرَ فيهِ.
وإنْ كَانَ تَعْظِيمُ الأَكَابِرِ لِمَا هُم عَلَيْهِ مِن العِلْمِ والسِّنِّ فليسَ فيهِ مَضَرَّةٌ.
وإنْ كَانَ تَعْظِيمُهم لِمَا هم عَلَيْهِ مِن البَاطِلِ فهوَ ضَرَرٌ عَظِيمٌ عَلَى دِينِ المَرْءِ.
العَاشِرةُ:
(الشُّبْهَةُ للمُبْطِلِينَ في ذلكَ) لاسْتِدْلاَلِ أَبِي جَهْلٍ بذلكَ:
شُبَهُ المُبْطِلينَ في تَعْظِيمِ الأَسَلاَفِ، هيَ اسْتِدْلاَلُ أبي جَهْلٍ بذلكَ في قولِهِ: (أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟) وهذه الشُّبْهَةُ ذَكَرَها اللهُ في القُرْآنِ في قَولِهِ تَعَالَى: { وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ } .
فالمُبْطِلُونَ يَقُولُونَ في شُبْهَتِهم أنَّ أَسْلاَفَهم عَلَى الحقِّ وسَيَقْتَدُونَ بِهِم، ويَقُولُونَ: كيفَ نُسَفِّهُ أَحْلاَمَهم؟ ونُضَلِّلُ ما هم عليهِ؟
وهذا يُوجَدُ في المُتَعَصِّبِينَ لِمَشَايِخِهم وكُبَرَائِهم ومذَاهِبِهم، حَيْثُ لاَ يَقْبَلُونَ قُرْآنًا ولاَ سُنَّةً في مُعَارَضَةِ الشَّيْخِ أو الإمامِ، حتَّى إنَّ بعضَهم يَجْعَلُهُم مَعْصُومِينَ كالرَّافِضَةِ والتِّيجَانِيَّةِ والقَادِيانيَّةِ وغيرِهِم، فهم يَرَوْنَ أنَّ إمامَهم لاَ يُخْطِئُ، والكِتَابُ والسُّنَّةُ يُمْكِنُ أَنْ يُخْطِئَا.
والواجِبُ على المرءِ أنْ يَكُونَ تَابِعًا لِمَا جَاءَ بهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وأنَّ مَنْ خَالَفَهُ مِن الكُبَرَاءِ والأَئِمَّةِ فإِنَّهم لاَ يُحْتَجُّ بِهِم على الكتابِ والسُّنَّةِ، لكنْ يُعْتَذرُ لهم عنْ مُخَالَفَةِ الكتابِ والسُّنَّةِ إنْ كَانُوا أَهْلاً للاعْتِذَارِ، بِحَيْثُ لَمْ يُعْرَفْ عنهم مُعَارَضَةٌ للنُّصُوصِ، فيُعْتَذَرُ لهم بِمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ العِلْمِ، ومِنْ أَحْسَنِ مَا أُلِّفَ في ذلكَ كِتَابُ شَيْخِ الإِسْلاَمِ (رَفْعُ المَلاَمِ عن الأئمَّةِ الأعلامِ) ، أمَّا مَنْ يُعْرَفُ بِمَعَارَضَةِ الكِتَابِ والسُّنَّةِ، فَلاَ يُعْتَذَرُ لهُ.
الحاديَةَ عشْرةَ:
(الشاهدُ لكونِ الأعمالِ بالخَوَاتِيمِ) وهذا مَبْنِيٌّ على القَوْلِ بأنَّ مَعْنَى (حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ) أيْ: ظَهَرَتْ عَلَيْهِ عَلاَمَاتُها وَلَمْ يَنْزِلْ بِهِ كَمَا سَبَقَ.
الثانيَةَ عشرةَ:
(التَّأَمُّلُ في كِبَرِ هذه الشُّبْهَةِ في قُلُوبِ الضَّالِّينَ.. إلخ) وهذه الشُّبْهَةُ هيَ: تَعْظِيمُ الأَسْلاَفِ والأَكَابِرِ.