وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى (21) تِلْكَ إذًا قِسْمَةٌ ضِيْزَى (22) إنْ هِيَ إلاَّ أسمَاءٌ سَمَّيتُمُوهَا أنتُمْ وءابآؤكُمْ مَا أنزَلَ اللهُ بها مِن سُلْطَانٍ إن يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ ولقَدْ جَآءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الهُدَى} [النَّجْم:19-23] .
عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى حُنَيْنٍ، وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ، وَلِلْمُشْرِكِينَ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا وَيَنُوطُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ، يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(( اللهُ أَكْبَرُ، إِنَّهَا السُّنَنُ، قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأَعْرَاف:138] لَتَرْكَبُنَّ سنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ) )رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى:
تَفْسِيرُ آيَةِ النَّجْمِ.
الثَّانِيَةُ:
مَعْرِفَةُ صُورَةِ الأَمْرِ الَّذِي طَلَبُوا.
الثَّالِثَةُ:
كَوْنُهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا.
الرَّابِعَةُ:
كَوْنُهُمْ قَصَدُوا التَّقَرُّبَ إِلَى اللهِ بِذَلِكَ لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ يُحِبُّهُ.
الْخَامِسَةُ:
أَنَّهُمْ إِذَا جَهِلُوا هَذَا فَغَيْرُهُمْ أَوْلَى بِالْجَهْلِ.
السَّادِسَةُ:
أَنَّ لَهُمْ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَالْوَعْدِ بِالْمَغْفِرَةِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ.
السَّابِعَةُ:
أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وَسَلَّم لَمْ يَعْذُرْهُمْ بَلْ رَدَّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: (( اللهُ أَكْبَرُ إِنَّهَا السنَنُ لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ) )فَغَلَّظَ الأَمْرَ بِهَذِهِ الثَّلاَثِ.
الثَّامِنَةُ:
الأَمْرُ الْكَبِيرُ - وَهُوَ الْمَقْصُودُ-: أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ طِلْبَتَهُمْ كَطِلْبَةِِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا قَالُوا لِمُوسَى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً.
التَّاسِعَةُ:
أَنَّ نَفْيَ هَذَا مِنْ مَعْنَى (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) مَعَ دِقَّتِهِ وَخَفَائِهِ عَلَى أُولَئِكَ.
الْعَاشِرَةُ:
أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى الْفُتْيَا، وَهُوَ لاَ يَحْلِفُ إِلاَّ لِمَصْلَحَةٍ.
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ:
أَنَّ الشِّرْكَ فِيهِ أَكْبَرُ وَأَصْغَرُ؛ لأَِنَّهُمْ لَمْ يَرْتَدُّوا بِهَذَا.
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ:
قَوْلُهُمْ:
(وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ) فِيهِ أَنَّ غَيْرَهُمْ لاَ يَجْهَلُ ذَلِكَ.
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ:
التَّكْبِيرُ عِنْدَ التَّعَجُّبِ خِلاَفًا لِمَنْ كَرِهَهُ.
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ:
سَدُّ الذَّرَائِعِ.
الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ:
النَّهْيُ عَنِ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ.
السَّادِسَةَ عَشْرَةَ:
الْغَضَبُ عِنْدَ التَّعْلِيمِ.
السَّابِعَةَ عَشْرَةَ:
الْقَاعِدَةُ الْكُلِّيَّةُ لِقَوْلِهِ: (( إِنَّهَا السُّنَنُ ) ).
الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ:
أَنَّ هَذَا عَلَمٌ مِنْ أَعْلاَمِ النُّبُوَّةِ لِكَوْنِهِ وَقَعَ كَمَا أَخْبَرَ.
التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ:
أَنَّ كُلَّ مَا ذَمَّ اللهُ بِهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ لَنَا.
الْعِشْرُونَ:
أَنَّهُ مُتَقَرَّرٌ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْعِبَادَاتِ مَبْنَاهَا عَلَى الأَمْرِ، فَصَارَ فِيهِ التَّنْبِيهُ عَلَى مَسَائِلِ الْقَبْرِ، أَمَّا (( مَنْ رَبُّكَ؟ ) )فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا (( مَنْ نَبِيُّكَ؟ ) )فَمِنْ إِخْبَارِهِ بِأَنْبَاءِ الْغَيْبِ، وَأَمَّا (( مَا دِينُكَ؟ ) )فَمِنْ قَوْلِهِمْ: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا} إِلَى آخِرِهِ.
الْحَادِيةُ وَالْعِشْرُونَ:
أَنَّ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ مَذْمُومَةٌ كَسُنَّةِ الْمُشْرِكِينَ.
الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ:
أَنَّ الْمُنْتَقِلَ مِنَ الْبَاطِلِ الَّذِي اعْتَادَهُ قَلْبُهُ لاَ يُؤْمَنُ أنْ يَكُونَ فِي قَلْبِهِ بَقِيَّةٌ مِنْ تِلْكَ الْعَادَةِ؛ لِقَوْلِهِمْ: وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ.
قوْلُهُ: (تبرَّكَ) تَفَعَّلَ مِن البَركَةِ،
والبَرَكةُ:هيَ كثْرةُ الخيرِ وثبُوتُهُ، وهيَ مأخوذةٌ من الْبِرْكةِ بالكسرِ، والبِرْكةُ مَجْمَعُ الماءِ، ومجمعُ الماءِ يتمَيَّزُ عنْ مَجْرَى الماءِ بأمرَيْنِ:
الأول: الكثرةِ.
الثاني: الثبوتِ.
والتبرُّكُ:
طلبُ البركةِ، وطلبُ البرَكةِ لا يخْلُو مِنْ أمرَيْنِ:
أحدهما:
أنْ يكونَ التبرُّكُ بأمرٍ شرعيٍّ معلومٍ
، مثلِ القُرْآنِ، قالَ تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ} .
فمِنْ بَركَتِهِ:
أنَّ مَنْ أخَذَ بهِ حَصَلَ لهُ الفتحُ، فأنقذَ اللهُ بذلكَ أُمَمًا كثيرةً من الشركِ.
ومنْ بَرَكَتِهِ:
أنَّ الحرفَ الواحدَ بعَشْرِ حسناتٍ، وهذا يوفِّرُ للإنسانِ الوقتَ والجهدَ، وغيرُ ذلِكَ مِنْ بركاتِهِ الكثيرةِ.
الآخر:
أنْ يكونَ بأمرٍ حسِّيٍّ معلومٍ، مثلِ: العِلْمِ والدُّعاءِ ونحْوِهِ، فهذا الرَّجُلُ يُتَبَرَّكُ بعِلْمِهِ ودَعْوَتِهِ إلى الخيرِ، فيكونُ هذا برَكَةً؛ لأنَّنا نِلْنَا مِنهُ خيرًا كثيرًا.
-قالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ: (ما هَذِهِ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يا آلَ أَبي بِكْرٍ) .
فإنَّ اللهَ يُجرِي على يدِ بعضِ الناسِ مِنْ أُمورِ الخيرِ ما لا يُجْرِيهِ على يدِ الآخَرِ.
وهناكَ بركاتٌ مَوْهُومَةٌ باطلةٌ، مثلُ ما يزْعَمُهُ الدَّجَّالونَ أَنَّ فُلانًا الميِّتَ الذي يزْعُمُونَ أنَّهُ وليٌّ أنْزَلَ عليكُم منْ برَكَتِهِ وما أشْبَهَ ذلكَ، فهذهِ بركةٌ باطلةٌ لا أثرَ لها، وقدْ يكونُ للشيطانِ أثرٌ في هذا الأمرِ، لكنَّها لا تَعْدُو أنْ تكونَ آثارًا حسِّيَّةً، بحيثُ إنَّ الشيطانَ يخْدِمُ هذا الشيخَ، فيكونُ في ذلكَ فتنةٌ.
أمَّا كيفيَّةُ معرفةِ هلْ هذهِ من البركاتِ الباطلةِ أو الصحيحةِ؟
فَيُعرفُ ذلكَ بحالِ الشخصِ،
فإنْ كانَ منْ أولياءِ اللهِ المُتَّقِينَ المُتَّبِعِينَ للسُّنَّةِ المُبْتَعِدِينَ عن البدعةِ، فإنَّ اللهَ قدْ يجعلُ على يديهِ من الخيرِ والبركةِ ما لا يحْصُلُ لغيرِهِ.
قولُهُ: (شَجَرٍ) اسمُ جِنْسٍ، فيشملُ أيَّ شجرةٍ تكونُ.
قولُهُ: (أو حَجَرٍ) اسمُ جنسٍ يشملُ أيَّ حجرٍ كانَ، حَتَّى الصخرةِ التي في بيتِ المقدسِ فلا يُتَبَرَّكُ بها.
وكذا الحجرُ الأسودُ لا يُتبرَّكُ بهِ،
وإنَّما يُتعَبَّدُ للهِ بمسْحِهِ وتقْبِيلِهِ؛ اتباعًا للرسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وبذلكَ تحْصُلُ بركةُ الثوابِ.
ولهذا قالَ عُمرُ رضيَ اللهُ عنهُ: (إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لا تَضُرُّ ولا تَنْفَعُ، ولولا أَنِّي رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ ما قَبَّلْتُكَ) .
فتقبيلَهُ عبادةٌ مَحْضَةٌ خلافًا للعامَّةِ يظُنُّونَ أنَّ بهِ بركةً حسِّيَّةً؛ ولذلكَ إذا اسْتَلَمَهُ بعضُ هؤلاءِ مسحَ على جميعِ بدَنِهِ تبرُّكًا بذلكَ.
قولُهُ: (ونَحْوِهِما) أيْ: مِن البيوتِ والقِبابِ والْحُجَرِ، حتَّى حُجْرَةِ قبْرِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فلا يُتَمَسَّحُ بها تبرُّكًا، لكنْ لوْ مُسِحَ الحديدُ ليُنْظَرَ هلْ هوَ أمْلَسُ أوْ لا، فلا بأْسَ، إلاَّ إنْ خُشِيَ أنْ يُقتدَى بهِ فلا يَمْسَحْهُ.
قولُهُ:
{أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى} .
قولُهُ: {اللاَّتَ} تُقْرَأُ بتشديدِ التاءِ وتخفيفِهَا. والتشديدُ قراءةُ ابنِ عبَّاسٍ.
فعلى قراءةِ التشديدِ:
تكونُ اسمَ فاعلٍ من اللَّتِّ،
وكانَ هذا الصنَمُ أصلُهُ رَجُلٌ يَلُتُّ السَّوِيقَ للحُجَّاجِ، أيْ: يجْعَلُ، فيهِ السَّمْنَ، ويُطْعِمُهُ الحُجَّاجَ، فلمَّا ماتَ عكَفُوا على قبْرِهِ وجعَلُوهُ صنمًا.
وأمَّا على قراءةِ التخفيفِ:
فإنَّ اللاتَ مُشْتَقَّةٌ من اللهِ، أوْ مِن الإلهِ، فهم اشتقُّوا مِنْ أسماءِ اللهِ اسمًا لهذا الصنمِ، وسمَّوْهُ باللاتِ، وهيَ لأهلِ الطائفِ ومَنْ حوْلَهُم من العربِ.
وقولُهُ: {والعُزَّى} مُؤَنَّثُ أعزَّ، وهو صنمٌ يعبُدُهُ قريشٌ وبنُو كِنَانَةَ، مشتَقٌّ من اسمِ اللهِ العزيزِ، كانَ بنخْلَةَ بينَ مكَّةَ والطائفِ.
قوْلُهُ: {وَمَنَاةَ} قيلَ: مشتَقَّةٌ مِن المَنَّانِ.
وقيلَ:
مِنْ مِنًى، لكثرةِ ما يُمْنَى عندَهُ مِنَ الدماءِ،
بمعنى يُراقُ، ومنهُ سُمِّيَتْ منًى لكثرةِ ما يُراقُ فيها من الدماءِ.
وكانَ هذا الصنمُ بينَ مكَّةَ والمدينةِ لِهُذَيْلٍ وخُزَاعَةَ، وكانَ الأوسُ والخزرجُ يُعَظِّمُونَها ويُهِلُّونَ منها للحجِّ.
قولُهُ: {الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} إشارةً إلى أنَّ التي تُعَظِّمُونَها وتذبحونَ عندَها وتكثرُ إراقةُ الدماءِ حولَها أنَّها أُخْرَى، بمعنى مُتأَخِّرةٍ، أيْ: ذميمةٌ حقيرةٌ، منْ: فلانٌ آخِرٌ، أيْ: ذميمٌ حقيرٌ، أي: متأَخِّرٌ.
فهذهِ الأصنامُ الثلاثةُ المعبودةُ عندَ العربِ ما حالُها بالنسبةِ لما رأى النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، لا شيءَ، وإنما ذكرَ هذهِ الأصنامَ الثلاثةَ؛ لأنَّها أشهرُ الأصنامِ وأعظَمُها عندَ العربِ.
قولُهُ: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى} هذا أيضًا استفهامٌ إنكاريٌّ على المشركينَ الذي يجعلونَ للهِ البناتِ ولهم البنينَ، فإذا وُلِدَ لهم الولدُ الذَّكرُ فرِحُوا واستبشَروا بهِ، وإذا وُلدت الأُنْثَى ظلَّ وجهُ الإنسانِ منهم مُسْوَدًّا وهوَ كظِيمٌ، ومعَ ذلكَ يقولونَ: الملائكةُ بناتُ اللهِ، فيجعلونَ البناتِ للهِ، والعياذُ باللهِ، ولهُمْ مَا يشتهونَ.
قال العماد ابن كثير في (تفسير القرآن العظيم) (6/28) في قوله تعالى: {ألكم الذكر وله الأنثى} (أي: أتجعلون له ولدا، وتجعلون ولده أنثى، وتختارون لأنفسكم الذكر!) .
قال في (تيسير العزيز الحميد) (ص 178) معلقاً على هذه الآية: (وقال غيره: يجوز أن يراد: اللاّت والعزى ومناة إناث؛ وقد جعلتموهن شركاء، ومن شأنكم أن تحتقروا الإناث، وتستنكفوا من أن يولد لكم، أو ينسبن إليكم، فكيف تجعلون هؤلاء الإناث أنداداً لله، وتسمونهن آلهة؟! ) .
قال الشيخ سليمان: قلت:ما أقرب هذا القول إلى سياق الآية.
قولُهُ: {تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} ضِيزَى: جائرةٌ؛ لأنَّهُ على الأقلِّ إذا أرَدْتُم القسمةَ فاجعلوا لكُم مِن البناتِ نصيبًا، واجعلوا للهِ مِن البنينَ نصيبًا، أمَّا أنْ تجْعَلُوا ما تخْتارُونَهُ لأنفُسِكُم وهم البنونَ، وتجعلوا ما تكرهونَ للهِ، فهذهِ قسمةٌ جائرةٌ.
قولُهُ: {إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} : الضميرُ في {هي} يعودُ إلى الأصنامِ، أيْ: هذهِ الأصنامُ التي سمَّيْتُمُوها اللاتَ والعُزَّى ومَنَاةَ اتَّخَذْتُمُوهَا آلهةً تعبدُونَها هيَ أسماءٌ سمَّيْتُمُوهَا، ولكنْ ما أنزلَ اللهُ بها مِنْ سلطانٍ، أي: مِنْ حُجَّةٍ ودليلٍ، بلْ أبْطَلَها اللهُ سبحانهُ، قالَ تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} .
و {سلطانٍ} هنا بمعنى حُجَّةٍ.
قولُهُ: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ} : {إنْ} هنا بمعنى ما، وعلامةُ (إن) التي بمعنى (ما) أنْ تأتيَ بعْدَها (إلاَّ) ، قالَ تعالى: {إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ} ، يعني: ما هذا إلاَّ مَلَكٌ كريمٌ، وقالَ تعالى: { إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ} ، أي: ما هذا إلاَّ قولُ البشرِ، وقالَ تعالى: { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ } ، أيْ: ما يتَّبعونَ إلاَّ الظنَّ.
والظنُّ الذي يتَّبِعُونَهُ هوَ أنَّها آلهةٌ، وأنَّ للهِ البناتِ، ولهُم البنونَ، والظنُّ لا يُغْنِي من الحقِّ شيئًا، كما قالَ تعالى في الآيةِ.
قولُهُ:
{وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ } كذلكَ أيضًا يتَّبِعُونَ ما تهوى الأنفسُ، وهذا أضرُّ شيءٍ على الإنسانِ أنْ يتَّبِعَ ما يَهْوَى، فالإنسانُ الذي يعبدُ اللهَ بالهوى فإنَّهُ لا يعبدُ اللهَ حقًّا، إنَّما يعبدُ عقْلَهُ وهواهُ، قالَ تعالى: { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ } ، لكنِ الذي يعبدُ اللهَ بالهُدَى لا بالهوَى هوَ الذي على الحقِّ.
قولُهُ: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِن رَّبِّهِمُ الْهُدَى } : أيْ: على يدِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فكانَ الأجدرُ بهِمْ أنْ يتَّبِعُوا الهدى دونَ الهوى.
ومناسبةُ الآيةِ للترجمةِ:
أنَّهُم يعتقدونَ أنَّ هذهِ الأصنامَ تنفعُهمْ وتضرُّهمْ؛
ولهذا يأتونَ إليها يدْعُونَها ويذْبَحُونَ لها ويتقرَّبونَ إليها، وقدْ يبْتَلِي اللهُ المرءَ، فيحْصُلُ لهُ ما يريدُ من اندفاعِ ضُرٍّ، أوْ جلبِ نفعٍ بهذا الشِّركِ؛ ابتلاءً مِنَ الله وامتحانًا، وهذا قدْ تقدَّمَ لنا لهُ نظائرُ، أنَّ اللهَ يبتلي المرءَ بتيسيرِ أسبابِ المعصيةِ لهُ؛ حتَّى يعْلَمَ اللهُ منْ يخَافُهُ بالغيبِ.
قولُهُ: (خَرَجْنا مَعَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ) أيْ: بعدَ غزوةِ الفتحِ؛ لأنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لمَّا فَتَحَ مكَّةَ تجمَّعتْ لهُ
ثقيفٌ وهَوَازِنُ بجمعٍ عظيمٍ كثيرٍ جدًّا.
قولُهُ: (حُدَثَاءُ) جمعُ حديثٍ، أيْ: إنَّنَا قريبُو عهدٍ بكُفْرٍ، وإنَّما ذَكرَ ذلكَ رضيَ اللهُ عنهُ للاعتذارِ لطلَبِهِم وسُؤَالِهِم، ولوْ وقَرَ الإيمانُ في قلوبِهِمْ لمْ يسأَلُوا هذا السؤالَ.
قولُهُ: (يَعْكُفُونَ عِنْدَها) أيْ: يُقيمونَ عليها، والعُكوفُ:مُلازمةُ الشيءِ، ومنهُ قولُهُ تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } .
قولُهُ: (ينُوطُونَ) أيْ: يُعَلِّقونَ بها أسْلِحَتَهُمْ تبرُّكًا.
قولُهُ: (يُقالُ لَها: ذاتُ أَنْواطٍ) أيْ: إنَّها تُلَقَّبُ بهذا اللقبِ؛ لأنَّهُ تُنَاطُ فيها الأسلحةُ، وتُعَلَّقُ عليها رجاءَ بركَتِها، فالصحابةُ رضيَ اللهُ عنْهُم قالُوا للنبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (اجْعَلْ لَنا ذاتَ أنْواطٍ كما لَهُم ذاتُ أنواطٍ) أيْ: سِدْرَةً نُعلِّقُ أسلِحَتَنَا عليها تبرُّكًا بها، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (( اللهُ أَكْبَرُ ) )كَبَّرَ تعظيمًا لهذا الطلبِ، أي: استعظامًا لهُ وتعَجُّبًا، لا فرحًا بهِ، كيفَ يقولونَ هذا القولَ وهُمْ آمنوا بأنَّهُ لا إلهَ إلاَّ اللهُ؟
قولُهُ: (( إنَّها السُّنَنُ ) )أي: الطرقُ التي يسلُكُها العِبَادُ، (( قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: { اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ } ) )أيْ: إنَّ الرسولَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قاسَ ما قالَهُ الصحابةُ رضيَ اللهُ عنْهُم على ما قالَهُ بنو إسرائيلَ لموسى حينَ قالوا: (اجعلْ لنا إلهًا كما لهُمْ آلهةٌ) فأنْتُمْ طلَبْتُمْ ذاتَ أنواطٍ كما أنَّ لهؤلاءِ المشركينَ ذاتَ أنواطٍ.
وقولُهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ) )المرادُ أنَّ نفْسَهُ بيدِ اللهِ لا منْ جِهَةِ إماتَتِهَا وإحيائِهَا فحسْبُ، بلْ مِنْ جهةِ تدْبِيرِهَا وتصريفِها أيضًا، ما مِنْ دابَّةٍ إلاَّ هوَ آخِذٌ بناصيَتِها سبحانَهُ وتعالى.
قولُهُ: (( لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ) )أيْ: لتَفْعَلُنَّ مثلَ فِعْلِهمْ، ولتقولُنَّ مثلَ قوْلِهِمْ، وهذهِ الجملةُ لا يُرادُ بها الإقرارُ، وإنَّما يُرادُ بها التحذيرُ؛ لأنَّهُ من المعلومِ أنَّ سُنَنَ مَنْ كانَ قبْلَنَا ممَّا جَرى تشبيهُهُ سُنَنٌ ضالَّةٌ، حيثُ طلبوا آلهةً معَ اللهِ، فأرادَ النبيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ أنْ يُحَذِّرَ أُمَّتَهُ أنْ تَرْكَبَ سُنَنَ مَنْ كانَ قبلَها مِن الضَّلالِ والغَيِّ.
والشاهدُ مِنْ هذا الحديثِ:
قوْلُهُم: (اجْعَلْ لَنا ذاتَ أنْواطٍ كَما لَهُمْ ذَاتُ أنواطٍ) ، فأنكرَ عليهم النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
فيهِ مسائلُ:
الأولى:
(تفسيرُ آيةِ النجمِ)
أيْ: قولُهُ تعالى: { أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (.2) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ } .
الثانيةُ: (معرفةُ صورةِ الأمرِ الذي طلَبُوا)
وهوَ أنَّهُمْ طلبوا من النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنْ يجعلَ لهمْ ذاتَ أنواطٍ، كما أنَّ للمشركينَ ذاتَ أنواطٍ، وهم إنَّما أرادوا أنْ يتبرَّكوا بهذهِ الشجرةِ لا أنْ يعْبُدُوهَا، فدلَّ ذلكَ على أنَّ التبَرُّكَ بالأشجارِ ممنوعٌ، وأنَّ هذا منْ سُنَنِ الضالِّينَ السابقينَ من الأُمَمِ.
الثالثةُ: (كوْنُهُم لمْ يفعلوا)
أيْ: لمْ يُعَلِّقوا أنْوَاطًا على الشجرةِ، ويَطْلُبوا مِن الرسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنْ يُقِرَّهُم على هذا العملِ، بلْ طَلَبُوا من الرسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنْ يجعلَ لهمْ ذلكَ.
الرابعةُ: (كوْنُهُم قَصدوا التقرُّبَ إلى اللهِ بذلكَ لظنِّهمْ أنَّهُ يُحِبُّهُ)
أيْ: بتعليقِ الأسلحةِ ونحْوِها على الشجرةِ التي يُعَيِّنُهَا الرسولُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ ولهذا طلبوا ذلكَ من الرسولِ لِتَكْتَسِبَ بهذا معنى العبادةِ.
الخامسةُ: (أنَّهُم إذا جَهِلُوا هذا فغيْرُهُم أوْلَى بالجهلِ)
لأنَّ الصحابةَ لا شكَّ أعلمُ الناسِ بدينِ اللهِ، فإذا كانَ الصحابةُ يجهلونَ أنَّ التبرُّكَ بهذا نوعٌ من اتِّخاذِها إلهًا، فغَيْرُهُم منْ بابِ أوْلى، وقصدَ المؤلِّفُ رحِمَهُ اللهُ بهذا أنْ لا نغْتَرَّ بعملِ الناسِ؛ لأنَّ عملَ الناسِ قدْ يكونُ عنْ جهلٍ، فالعبرةُ بما دلَّ عليهِ الشَّرعُ لا بعملِ الناسِ.
السادسةُ: (أنَّ لهُمْ من الحسناتِ والوعدِ بالمغفرةِ ما ليسَ لغيْرِهِم)
وهذا معلومٌ من الآياتِ: {لاَ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى } فالصحابةُ رضيَ اللهُ عنهمْ لهُمْ من الحسناتِ والوعدِ بالمغفرةِ وأسبابِ المغفرةِ ما ليسَ لغيْرِهمْ، ومعَ ذلكَ لمْ يَعْذِرْهُم النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بهذا الطلبِ.
السابعةُ: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لمْ يعْذِرْهُم بلْ ردَّ عليهمْ بقوْلِهِ:(( اللهُ أَكْبَرُ، إِنَّهَا السُّنَنُ، لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ) )
فغَلَّظَ الأمرَ بهذهِ الثلاثِ): وهيَ:
-قولُهُ: (( اللهُ أكبرُ ) ).
وقوله: (( إنَّها السُّننُ ) ).
وقوله: (( لترْكَبُنَّ سننَ مَنْ كانَ قبلَكُم ) ).
فغلَّظَ الأمرَ بهذا؛ لأنَّ التكبيرَ استعظامٌ للأمرِ الذي طلَبُوهُ، وقوله: (( إنَّها السننُ ) )تحذيرٌ أيضًا، وقوله: (( لترْكَبُنَّ سننَ مَنْ كانَ قبلَكُم ) )تحذيرٌ ثانٍ.
الثامنةُ:(الأمرُ الكبيرُ -وهوَ المقصودُ- أنَّهُ أخبرَ أنَّ طلَبَهُم كطلبِ بني إسرائيلَ لمَّا قالوا لموسى:
{ اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ } )فهؤلاءِ طلبوا سِدْرَةً يتبرَّكُونَ بها كما يتبرَّكُ المشركونَ بها، وأولئكَ طلبوا إلهًا كما لهُمْ آلهةٌ، فيكونُ في كِلاَ الطلبيْنِ منافاةٌ للتوحيدِ؛ لأنَّ التبرُّكَ بالشجرِ نوعٌ من الشِّركِ، واتخاذُ إلهٍ شركٌ واضحٌ.
التاسعةُ: (أنَّ نفيَ هذا منْ معنى(لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) معَ دِقَّتِهِ وخفائِهِ على أولئكَ)
أيْ: أنَّ نفيَ التبرُّكِ بالأشجارِ ونحْوِها منْ معنى لا إلهَ إلاَّ اللهُ، فإنَّ لا إلهَ إلاَّ اللهُ تنفي كلَّ إلهٍ سوى اللهِ، وتنفي الأُلوهيَّةَ عمَّا سِوَى اللهِ عزَّ وجلَّ، فكذلكَ البركةُ لا تكونُ منْ غيرِ اللهِ سبحانهُ وتعالى.
العاشرةُ: (أنَّهُ حلَفَ على الْفُتْيَا، وهو لا يحْلِفُ إلاَّ لمصلحةٍ)
أي: النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ حلفَ على الفُتيا في قولِهِ: (( قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ) ).
والنبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لا يحلِفُ إلاَّ لمصلحةٍ أوْ دَفْعِ مضَرَّةٍ ومفسدةٍ، فليسَ ممَّنْ يحْلِفُ على أيِّ سببٍ يكونُ، كما هيَ عادةُ بعضِ الناسِ.
الحاديةَ عشْرةَ: (أنَّ الشِّرْكَ فيهِ أصغرُ وأكبرُ؛ لأنَّهُم لمْ يَرْتَدُّوا بِهذا)
حيثُ لمْ يطلبوا جَعْلَ ذاتِ الأنواطِ لعِبَادَتِها بلْ للتبَرُّكِ بها، والشركُ فيهِ أصغرُ وأكبرُ، وفيهِ خفِيٌّ وجلِيٌّ.
فالشِّركُ الأكبرُ: ما يُخْرِجُ الإنسانَ من المِلَّةِ.
-والشركُ الأصغرُ: ما دُونَ ذلكَ.
لكنَّ كلمةَ (ما دُونَ ذلكَ) ليسَتْ ميزانًا واضحًا؛ ولذلكَ اختلفَ العُلماءُ في ضابطِ الشركِ الأصغرِ على قوليْنِ:
القولُ الأوَّلُ:
أنَّ الشِّركَ الأصغرَ:
كلُّ شيءٍ أطْلقَ الشارعُ عليهِ أنَّهُ شِرْكٌ، ودَلَّت النصوصُ على أنَّهُ ليسَ من الأكبرِ، مثلَ: (( مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ ) ).
نقولُ: الشِّركُ هنا أصغرُ؛ لأنَّهُ دلَّت النصوصُ على أنَّ مُجَرَّدَ الحلفِ بغيرِ اللهِ لا يُخْرِجُ مِن المِلَّةِ.
القولُ الثاني: