رَوَى مَالِكٌ فِي (الْمُوطَّأِ) : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (( اللهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ ) ).
وَلاِبْنِ جَرِيرٍ بِسَنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى} [النَّجْمُ:19] قَالَ: (كَانَ يَلُتُّ لَهُمُ السَّوِيقَ فَمَاتَ، فَعَكَفُوا عَلَى قَبْرِهِ ) .
وَكَذَا قَالَ أَبُو الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ( كَانَ يَلُتُّ السَّوِيقَ لِلْحَاجِّ ) .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: (( لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَائِرَاتِ الْقُبُورِ، وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ ) )رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ.
فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: تَفْسِيرُ الأَوْثَانِ.
الثَّانِيَةُ: تَفْسِيرُ الْعِبَادَةِ.
الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَعِذْ إِلاَّ مِمَّا يَخَافُ وُقُوعَهُ.
الرَّابِعَةُ: قَرْنُهُ بِهَذَا اتِّخَاذَ قُبُورِ الأَنْبِيَاءِ مَسَاجِدَ .
الْخَامِسَةُ: ذِكْرُ شِدَّةِ الْغَضَبِ مِنَ اللهِ.
السَّادِسَةُ: وَهِيَ مِنْ أَهَمِّهَا: مَعْرِفَةُ صِفَةِ عِبَادَةِ اللاَّتِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَكْبَرِ الأَوْثَانِ.
السَّابِعَةُ: مَعْرِفَةُ أَنَّهُ قَبْرُ رَجُلٍ صَالِحٍ.
الثَّامِنَةُ: أَنَّهُ اسْمُ صَاحِبِ الْقَبْرِ وَذِكْرُ مَعْنَى التَّسْمِيَةِ.
التَّاسِعَةُ: لَعْنُهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ.
الْعَاشِرَةُ: لَعْنُهُ مَنْ أَسْرَجَهَا.
هذا البابُ له صِلةٌ بما قَبْلَهُ:
وهو أنَّ الغُلُوَّ في قبورِ الصَّالحينَ يُصَيِّرُها أوثانًا تُعْبَدُ مِنْ دونِ اللهِ، أيْ: يَؤُولُ الأمرُ بالغالِين إلى أنْ يَعْبُدُوا هذه القبورَ أو أصحابَها.
والغُلُوُّ:
مُجاوَزةُ الحدِّ مَدْحًا أو ذَمًّا،
والمرادُ هنا: مَدْحًا.
والقبورُ لها حقٌّ علينا مِنْ وجهَيْن:
الأول:
أن لا نُفَرِّطَ فيما يَجِبُ لها مِن الاحترامِ،
فلا تَجُوزُ إهانَتُها، ولا الجُلوسُ عَلَيْهِا، وما أَشْبَهَ ذلِكَ.
الثاني:
أنْ لا نَغْلُوَ فيها، فنَتَجاوَزَ الحَدَّ.
وفي
(صَحيحِ مُسْلِمٍ) قال عَلِيُّ بنُ أبي طالبٍ لأَِبي الهَيَّاجِ الأَسَدِيِّ: (ألا أَبْعَثُكَ على ما بَعَثَني عَلَيْهِ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ:(( أن لا تَدَعَ تِمْثالاً إلا طَمَسْتَه، ولا قبرًا مُشْرِفًا إلا سَوَّيْتَه ) )وفي رِوايةٍ: (( ولا صُورةً إلا طَمَسْتَها ) ).
والقبرُ المُشْرِفُ:
هو الَّذي يَتَمَيَّزُ عَنْ سائرِ القبورِ،
فلا بُدَّ أنْ يُسَوَّى لِيُسَاوِيَها؛ لِئلاَّ يُظَنَّ أنَّ لِصاحبِ هذا القبرِ خُصوصيَّةً ولو بَعْدَ زَمَنٍ؛ إذ هو وَسيلةٌ إلى الغُلُوِّ فيه.
قولُهُ: (الصَّالحين) يَشْمَلُ الأنبياءَ والأولياءَ، بل ومَنْ دونَهم.
قولُه: (أوثانًا) جَمْعُ وَثَنٍ: وهو كلُّ ما نُصِبَ لِلعِبادةِ، وقد يُقالُ له: صَنَمٌ، والصَّنَمُ: تِمْثالٌ مُمَثَّلٌ، فيَكونُ الوَثَنُ أَعَمَّ.
ولكنَّ ظاهرَ كَلامِ المؤلِّفِ: (أنَّ كلَّ ما يُعْبَدُ مِنْ دونِ اللهِ يُسَمَّى وَثنًا، وإنْ لم يَكُنْ على تِمْثالٍ نُصِبَ؛ لأنَّ القبورَ قَدْ لا يَكونَ لها تِمْثالٌ يُنْصَبُ على القبرِ فيُعْبَدَ) .
قولُه: (تُعْبَدُ مِن دونِ اللهِ) أيْ: مِنْ غيرِهِ، وهو شاملٌ لِما إذا عُبِدَتْ وحدَها، أو عُبِدَتْ مَعَ اللهِ؛ لأنَّ الواجبَ في عِبادةِ اللهِ إفرادُه فيها، فإذا قُرِنَ بها غيرُه صارَتْ عِبادةً لغيرِ اللهِ، وقد ثَبَتَ في الحديثِ القُدُسِيِّ أنَّ اللهَ -تعالى- يَقولُ: (( أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَن الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وشِرْكَهُ ) ).
قولُهُ:
(( اللهُمَّ ) )أصلُها: يا اللهُ، فحُذِفَتْ (يا) النَّداءُ؛ لأجلِ البَدَاءةِ باسمِ اللهِ، وعُوِّضَ عنها الميمُ الدَّالَّةُ على الجمعِ، فكأنَّ الدَّاعِيَ جَمَعَ قلبَه على اللهِ، وكانَتِ الميمُ في الآخِرِ لأجلِ البَدَاءةِ باسمِ اللهِ.
قولُهُ: (( لا تَجْعَلْ قَبْرِيَ وَثَنًا يُعْبَدُ ) )لا: للدُّعاءِ؛ لأنَّها طَلبٌ مِن اللهِ، وتَجْعَلْ: تُصَيِّرْ.
والمفعولُ الأوَّلُ لها: (( قَبْرِي ) )والثاني: (( وَثنًا ) ).
وقولُهُ: (( يُعْبَدُ ) )صِفةٌ لوَثَنٍ وهي صِفةٌ كاشفةٌ؛ لأنَّ الوَثَنَ هو: الذي يُعبَدُ مِنْ دونِ اللهِ.
وإنمَّا سَأَلَ النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ذلِكَ؛ لأنَّ مَنْ كانَ قَبْلَنا جَعَلوا قُبورَ أنبيائِهِم مَسَاجِدَ، وعَبَدُوا صالحِيهم، فسَأَلَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رَبَّه ألاَّ يَجْعَلَ قَبْرَه وَثنًا يُعْبَدُ؛ لأَِنَّ دَعْوتَه كلَّها بالتوحيدِ ومُحارَبةِ الشِّركِ.
قولُه:
(( اشْتَدَّ ) )أي: عَظُمَ.
قولُهُ: (( غَضَبُ اللهِ ) )صِفةٌ حقيقيةٌ ثابتةٌ للهِ -عزَّ وجلَّ- لا تُماثِلُ غَضَبَ المَخْلوقين، لا في الحقيقةِ ولا في الأَثَرِ.
قولُهُ:
(( اتَّخَذُوا قُبورَ أَنبِيائِهِم مَساجِدَ ) )أي: جَعَلُوها مَساجدَ، إما بالبِناءِ عَلَيْهِا، أو بالصَّلاةِ عِنْدَها، فالصَّلاةُ عندَ القبورِ مِن اتِّخاذِها مَساجدَ، والبناءُ عَلَيْهِا مِن اتِّخاذِها مَساجدَ.
وهنا نَسْأَلُ هل اسْتَجَابَ اللهُ دَعْوةَ نبيِّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بأنْ لا يَجْعَلَ قَبْرَه وثنًا يُعْبَدُ؟ أم اقْتَضَتْ حِكْمَتُه غيرَ ذلِكَ؟
الجوابُ:
يقولُ ابنُ القَيِّمِ: (إن اللهَ اسْتَجَابَ له، فلم يُذْكَرْ أنَّ قَبرَه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- جُعِلَ وَثنًا، بل إنّه حُمِيَ بثلاثةِ جُدْرانٍ، فلا أحدَ يصلُ إليه حتَّى يَجْعَلَه وثنًا يُعْبَدُ مِنْ دونِ اللهِ، ولم يُسْمَعْ في التَّارِيخِ أنَّه جُعِلَ وثنًا) .
قال ابنُ القَيِّمِ في (النُّونِيَّةِ) :
فأَجَاب رَبُّ العالَمِين دُعاءه وأَحَاطَه
بِثلاثةِ الجُدْرانِ
صحيحٌ أنَّه يُوجَدُ أُناسٌ يَغْلُون فيه،
ولكنْ لم يَصِلُوا إلى جَعْلِ قبرِه وثنًا، ولكنْ قد يَعْبُدُون الرَّسولَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ولو في مَكانٍ بعيدٍ، فإنْ وُجِدَ مَنْ يَتَوَجَّهُ له -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بِدُعائِهِ عِنْدَ قبرِهِ فيَكونُ قد اتَّخَذَه وثنًا، لكنَّ القبرَ نفسَه لم يُجْعَلْ وثنًا.
قولُه:(و
لابنِ جَرِيرٍ)هو: مُحَمَّدُ بنُ جَرِيرِ بنِ يَزِيدَ الطَّبَرِيُّ الإمامُ المشهورُ في التَّفْسِيرِ، تُوُفِّيَ سنة (310هـ) .
و (تفسيرُه) : هو أصلُ التفسيرِ بالأَثَرِ، ومَرْجِعٌ لجميعِ المُفَسِّرِينِ بالأَثَرِ.
قَولُهُ:(عن
سُفْيانَ)إمَّا سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ، أو ابنُ عُيَيْنَةَ، وهذا مُبْهَمٌ، والمُبْهَمُ يُمْكِنُ معرفتُه بمعرفةِ شيوخِه وتلاميذِه، وفي الشَّرحِ -أَعْنِي (تَيْسيرَ العزيزِ الحميدِ) - يَقولُ: الظَّاهرُ: (أنَّه الثَّوْرِيُّ) .
قولُهُ: (عَنْ مُجاهِدٍ) هو: مُجاهِدُ بنُ جَبْرٍ المَكِّيُّ إمامُ المُفسِّرينَ مِن التَّابعِينَ، ذُكِرَ عنه أنَّه قالَ: (عَرَضْتُ المُصْحَفَ على عبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللهُ عنهما- مِنْ فاتِحتِه إلى خاتِمتِه، فما تَجاوَزْتُ آيةً إلا وَقَفْتُ عندَها أَسْألُهُ عَنْ تفسيرِها) .
قولُهُ:
{أَفَرَأَيْتُمُ} الهَمْزةُ: للاستفهامِ، والمرادُ بِه التَّحْقِيرُ، والخِطابُ لِعابِدِي هذه الأصنامِ اللاَّتِ والعُزَّى.. إلخ.
لمَّا ذَكَرَ اللهُ -تعالى- قِصَّةَ المِعْراجِ، وما حَصَلَ فيهِ مِن الآياتِ العظيمةِ الَّتي قالَ عَنْها: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} .
قالَ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى} أي: ما نِسبةُ هذِهِ الأصنامِ للآياتِ الكبيرةِ الَّتي رَآها النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ليلةَ المِعْراجِ.
قولُهُ: {اللاَّتَّ} (( كانَ يَلُتُّ لَهُمُ.. ) )إلخ على قِراءةِ التَّشْديدِ مِنْ لَتَّ يَلُتُّ فهو لاتٌّ.
أمَّا على قِراءةِ التَّخفيفِ فوجهُها أنَّها خُفِّفَتْ لِتَسْهيلِ الكلامِ، أيْ: حُذِفَ منها التَّضعيفُ تَخْفِيفًا.
وقَدْ سَبَقَ أنَّهم قالوا: إنَّ اللاَّتَ مِن الإلَهِ وأصلُه رجلٌ يَلُتُّ السَّوِيقَ لِلحُجَّاجِ، فلمَّا ماتَ عَظَّمُوه وعَكَفُوا على قبرِهِ ثُمَّ جَعَلُوه إلهًا، وجَعَلُوا التَّسميةَ الأُولَى مُقْتَرِنةً بالتَّسميةِ الأخيرةِ، فيَكونُ أصلُه مِنْ لَتِّ السَّوِيقِ، ثُمَّ جَعَلوه مِن الإلَهِ، وهذه على قِراءةِ التَّخِفيفِ أَظْهَرُ مِن التَّشديدِ، فالتَّخفيفُ يُرَجِّحُ أنَّه مِن الإلَهِ، والتَّشديدُ يُرَجِّحُ أنَّ أصلَهُ رجلٌ يَلُتُّ السَّوِيقَ.
وغَلَوْا في قبرِهِ وقَالُوا: هذا الرَّجُلُ المُحْسِنُ الذي يَلُتُّ السَّوِيقَ لِلحُجَّاجِ ويُطْعِمُهُم إيَّاه، ثُمَّ بعدَ ذلِكَ عَبَدُوه، فصارَ الغُلُوُّ في القبورِ يُصَيِّرُها أوثانًا تُعْبَدُ مِنْ دونِ اللهِ.
وفي هذا: التَّحذيرُ مِن الغُلُوِّ في القُبورِ،
ولهذا نُهِيَ عن تَجْصِيصِها والبِناءِ عَلَيْهِا والكِتابةِ عَلَيْهِا خَوْفًا مِنْ هذا المَحْظورِ العظيمِ الَّذي يَجْعَلُها تُعْبَدُ مِنْ دونِ اللهِ، وكانَ الرسولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يَأْمُرُ إذا بَعَثَ بَعْثًا: بأن لا يَدَعُوا قبرًا مُشْرِفًا إلاَّ سَوَّوْه؛ لِعلمِه أنَّه مَعَ طولِ الزَّمانِ سيُقالُ: لولا أنَّ له مَزِيَّةً ما اخْتَلَفَ عَن القبورِ، فالذي يَنْبَغِي أنْ تكونَ القبورُ مُتَساوِيةً، لا مِيزَةَ لواحدٍ مِنْها عَن البقيَّةِ.
قال ابن القيم في (إغاثة اللهفان) (1/191) :(قال شيخنا: وهذه العلة التي لأجلها نهي الشارع عن اتخاذ المساجد على القبور هي التي أوقعت كثيراً من الأمم إما في الشرك الأكبر، أو فيما دونه من الشرك، فإن النفوس قد أشركت بتماثيل القوم الصالحين، وتماثيل يزعمون أنها طلاسم للكواكب ونحو ذلك. فإن الشرك بقبر الرجل الذي يعتقد صلاحه أقرب إلى النفوس من الشرك بخشبة أو حجر.
ثم قال: فلأجل هذه المفاسد حسم النبي صلى الله عليه وسلم مادتها؛ حتى نهى عن الصلاة في المقبرة مطلقاً).
قولُهُ: (السَّوِيقَ) هو:
عِبارةٌ عَن الشَّعِيرِ يُحَمَّصُ، ثم يُطْحَنُ، ثُمَّ يُخْلَطُ بتَمْرٍ أو شَبَهِه، ثُمَّ يُؤْكَلُ.
وقولُهُ: (كانَ يَلُتُّ لَهُمُ السَّوِيقَ، فماتَ، فَعَكَفُوا علَى قَبْرِهِ) يَعْنِي: ثُمَّ عَبَدُوه وجَعَلُوه إلهًا مع اللهِ.
قولُهُ: (وكذا قالَ أبو الجَوْزاءِ عَن ابنِ عَبَّاسٍ: كَان يَلُتُّ السَّوِيقَ لِلحاجِّ) والغَرِيبُ: أنَّ النَّاسَ في جاهِلِيَّتِهم يُكْرِمُون حُجَّاجَ بيتِ اللهِ، ويَلُتُّون لهم السَّوِيقَ، وكانَ العَبَّاسُ -أيضًا- يَسْقِي لهم مِنْ زَمْزَمَ، ورُبَّما يَجْعَلُ في زَمْزَمَ نَبِيذًا يُحَلِّيه؛ زَبِيبًا أو نحوَه، وفي الوقتِ الحاضرِ صارَ النَّاسُ بالعكسِ يَسْتَغِلُّونَ الحُجَّاجَ غايةَ الاسْتِغْلالِ-والعِياذُ باللهِ-، حتَّى يَبِيعُوا عَلَيْهِم ما يُساوِي رِيالاً برِيالَين وأَكْثَرَ، حَسَبَ ما يَتَيَسَّرُ لهم، وهذا في الحقيقةِ خَطَأٌ عظيمٌ؛ لأنَّ اللهَ تعالى يَقولُ: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} . فكيفَ بِمَنْ يَفْعَلُ الإلحادَ؟!
قولُهُ:
(( لَعَن ) )اللَّعْنُ: هو الطَّردُ والإبعادُ عن رَحمةِ اللهِ، ومعنى لَعَنَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أيْ: دَعا عَلَيْهِم باللَّعنةِ.
قولُهُ: (( زائِراتِ القُبورِ ) )زائراتِ: جَمعُ زائرةٍ، والزيارةُ هنا: معناها: الخروجُ إلى المَقابرِ.
وهيَ أنواعٌ:
منها ما هو سُنَّةٌ:
وهي زِيارةُ الرِّجالِ؛ للاتِّعاظِ والدُّعاءِ لِلموتَى.
ومنها ما هو بِدْعَةٌ:
وهي زِيارتُهم لِلدُّعاءِ عندَهم، وقِراءةِ القرآنِ ونحوِ ذلك.
ومنها ما هو شِرْكٌ:
وهي زِيارتُهم؛ لِدعاءِ الأمواتِ والاسْتِنْجادِ بهم والاستغاثةِ ونحوِ ذلك.
وزائرٌ
: اسمُ فاعلٍ يَصْدُقُ بالمرَّةِ الواحدةِ، وفي حديثِ أبي هُرَيْرَةَ: (( لَعَن رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ زَوَّاراتِ القُبورِ ) )بتَشْديدِ الواوِ، وهي صِيغةُ مُبالغةٍ تَدُلُّ على الكَثْرةِ، أي: كَثْرةِ الزِّيارةِ.
قولُهُ:
(( والمُتَّخِذِين عَلَيْهِا المَساجِدَ ) )هذا الشَّاهِدُ مِن الحديثِ، أي: الذين يَضَعُون عَلَيْهِا المساجدَ.
وقد سَبَقَ أنَّ اتِّخاذَ المَساجدِ له صُورتان:
الأولى: أنْ يَتَّخِذَها مُصَلًّى يُصَلِّي عندَها.
الثانية:
بِناءُ المساجدِ عَلَيْهِا.
قولُهُ:
(( والسُّرُجَ ) )جمعُ سِراجٍ، تُوقَدُ عَلَيْهِا السُّرُجُ ليلاً ونهارًا؛ تَعْظِيمًا وغُلُوًّا فيها.
وهذا الحديثُ يَدُلُّ على تَحْريمِِ زِيارةِ النِّساءِ لِلقبورِ، بَلْ على أنَّه مِنْ كبائرِ الذُّنوبِ؛ لأنَّ اللَّعنَ لا يَكونُ إلا على كبيرةٍ، ويَدُلُّ على تَحْريمِ اتِّخاذِ المساجدِ والسُّرُجِ عَلَيْهِا، وهو كبيرةٌ مِنْ كبائرِ الذُّنوبِ لِلَعْنِ فاعلِهِ.
ومناسبة الحديث للباب:
أنَّ اتِّخاذَ المساجدِ عَلَيْهِا وإسْراجَها غُلُوٌّ فيها فيُؤَدِّي بَعْدَ ذلِكَ إلى عِبادتِها
مسألةٌ:
ما هِيَ الصِّلةُ بَيْنَ الجُمْلةِ الأُولَى: (( زائِراتِ القبورِ ) )، والجملةِ الثانيةِ: (( المُتَّخِذِين عَلَيْهِا المَساجدَ والسُّرُجَ ) )؟
الصِّلةُ بَيْنَهُمَا ظاهرةٌ:
هي أنَّ المَرْأةَ لِرِقَّةِ عاطفتِها، وقِلَّةِ تَمْييزِها، وضَعْفِ صَبْرِها ربَّما تَعْبُدُ أصحابَ القبورِ تَعَطُّفًا على صاحبِ القبرِ، فلهذا قَرَنَها بالمُتَّخِذِين عَلَيْها المساجدَ والسُّرُجَ.
وهَلْ يَدْخُلُ في اتِّخاذِ السُّرُجِ على المَقابرِ ما لو وُضِعَ فيها مَصابِيحُ كَهْرَباءَ لإنارتِها؟
الجوابُ:
أمّا في المَواطِنِ الَّتي لا يَحْتاجُ النَّاسُ إليها كَمَا لو كانَت المَقْبَرةُ واسِعةً،
وفيها مَوْضِعٌ قد انْتَهَى النَّاسُ مِن الدَّفْنِ فيهِ، فلا حاجةَ إلى إسْراجِه فلا يُسْرَجُ، أمَّا الموضعُ الذي يُقْبَرُ فيهِ فيُسْرَجُ ما حولَه فَقَدْ يُقالُ بجَوازِه؛ لأنَّها لا تُسْرَجُ إلا باللَّيلِ، فَلَيْسَ في ذلِكَ ما يَدُلُّ على تعظيمِ القبرِ، بَل اتُّخِذَتْ لِلحاجةِ.
ولكن الَّذي نَرَى أنَّه يَنْبَغِي المَنْعُ مُطْلَقًا للأسبابِ التَّاليةِ:
الأول: أنَّه لَيْسَ هناك ضَرورةٌ.
الثاني: أنَّ النَّاسَ إذا وَجَدوا ضَرورةً لذلِكَ، فعندَهم سَيَّاراتٌ يُمْكِنُ أنْ يُوقِدُوا الأَنْوارَ الَّتي فيها، ويَتَبَيَّنَ لهم الأمرُ، ويُمْكِنُهم أنْ يَحْمِلُوا سِراجًا مَعَهم.
الثالث:
أنَّه إذا فُتِحَ هذا البابُ فإنَّ الشَّرَّ سَيَتَّسِعُ في قلوبِ النَّاسِ،
ولا يُمْكِنُ ضَبْطُه فيما بعدُ، فلو فَرَضْنا أنَّهم جَعَلوا المِصْباحَ بعدَ صلاةِ الفَجْرِ، ودَفَنُوا المَيِّتَ، فمَنْ الذي يَتَوَلَّى قَفْلَ هذهِ الإضاءةِ؟
الجوابُ:
قد تُتْرَكُ، ثم يَبْقَى كأنَّه مُتَّخَذٌ عَلَيْهِا السُّرُجُ،
فالَّذي نَرَى: أنَّه يُمْنَعُ نِهائيًّا
أمَّا إذا كانَ في المَقْبرةِ حُجْرةٌ يُوْضَعُ فيها اللَّبِنُ ونحوَه، فلا بأسَ بإضاءَتِهَا؛ لأنَّها بعيدةٌ عَن القبورِ، والإضاءةُ داخلةٌ لا تُشاهَدُ، فهذا نَرْجُو أنْ لا يكونَ بهِ بأسٌ.
والمُهِمُّ: أنََّ وَسائلَ الشِّركِ يَجِبُ على الإنسانِ أنْ يَبْتَعِدَ عنها ابْتِعادًا عظيمًا،
ولا يُقَدِّرَ لِلزَّمَنِ الذي هُوَ فيه الآنَ، بَلْ يُقَدِّرَ لِلأزمانِ البعيدةِ، فالمسألةُ لَيْسَتْ هَيِّنةً.
وفي الحديثِ ما يَدُلُّ على تَحْريمِ زِيارةِ النِّساءِ للقبورِ، وأنَّها مِن كَبائرِ الذُّنوبِ، والعلماءُ اخْتَلَفُوا في ذلِكَ على ثلاثةِ أقوالٍ:
القولُ الأوَّلُ:
تحريمُ زِيارةِ النِّساءِ لِلقبورِ،
بَلْ إنَّها مِنْ كَبائرِ الذُّنوبِ لهذا الحديثِ.
القولُ الثاني:
كَرَاهةُ زِيارةِ النِّساءِ للقبورِ كَراهةً لا تَصِلُ إلى التَّحْريمِ،
وهذا هو المَشْهورُ مِنْ مَذْهبِ أحمدَ عِنْدَ أصحابِهِ لحديثِ أُمِّ عَطِيَّةَ: ( نُهِينا عَن اتِّباعِ الجَنائِزِ، ولم يُعْزَمْ عَلَيْنا) .
القولُ الثالثُ:
أنَّها تَجوزُ زِيارةُ النِّساءِ لِلقبورِ؛ لحديثِ: المرأةِ الَّتي مَرَّ النَّبيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بها وهي تَبْكِي عِنْدَ قبرٍ فقالَ لَها: (( اتَّقِي اللهَ واصْبِرِي ) )فقالَتْ له: إِلَيْكَ عَنِّي، فإنَّك لم تُصَبْ بِمِثْلِ مُصِيبَتِي، فانْصَرَفَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- عنها فَقِيلَ لها: هَذَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، فَجَاءَتْ إِلَيْهِ تَعْتَذِرُ، فلم يَقْبَلْ عُذْرَها وقالَ: (( إنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى ) ).
فالنَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- شاهَدَها عِنْدَ القبرِ ولم يَنْهَها عَن الزِّيارةِ، وإنَّما أَمَرَها أنْ تَتَّقِيَ اللهَ وتَصْبِرَ.
ولِمَا ثَبَتَ في (صحيحِ مُسْلِمٍ) مِنْ حَديثِ عائِشةَ الطَّوِيلِ.
وفيهِ: أنَّ النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ -خَرَجَ إلى أَهْلِ البَقِيعِ في اللَّيْلِ واسْتَغْفَرَ لَهُم ودَعَا لَهُم، وأنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ في اللَّيْلِ وأمَرَهُ فَخَرَجَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مُخْتَفِيًا عَنْ عائِشةَ، وزَارَ ودَعَا ورَجَعَ ثُمَّ أَخْبَرَها الخَبْرَ فقَالَتْ: ما أَقُولُ لَهُم يا رَسُولَ اللهِ؟
قالَ قُولِي: (( السَّلامُ عَلَيْكُم يا أَهْلَ الدِّيارِ مِن المُؤْمِنِينَ والمُسْلِمِينَ.. إلخ ) ).
قالوا: فَعَلَّمَها النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- دُعاءَ زِيارةِ القُبورِ، وتَعْلِيمُه هذا دَليلٌ على الجَوَازِ.
ورَأَيْتُ قَوْلاً رَابِعًا:
أنَّ زِيارةَ النِّساءِ لِلقُبورِ سُنَّةٌ كَالرِّجالِ لِقولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: (( كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّها تُذَكِّرُكُم الآَخِرَةَ ) )وهذا عامٌّ لِلرِّجالِ والنِّساءِ.
وأنَّ عائِشةَ -رَضِيَ اللهُ عنها- زارَتْ قبرَ أخِيها، فقالَ لها عبدُ اللهِ بنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: ألَيْسَ النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قد نَهَى عن زِيارةِ القُبورِ؟
قالَتْ: (إنَّه أَمَرَ بِها بَعْدَ ذلِكَ) وهذا دَلِيلٌ على أنَّه مَنْسُوخٌ.
والصَّحيحُ القولُ الأوَّلُ:
ويُجَابُ عَنْ أَدِلَّةِ الأقوالِ الأُخرى بأنَّ الصَّرِيحَ منها غيرُ صحيحٍ، والصَّحيحَ غيرُ صريحٍ؛ فمِن ذلك:
أوَّلاً:
دَعْوَى النَّسْخِ غيرُ صحيحةٍ؛
لأنَّها لا تُقْبَلُ إلا بشَرْطَين:
الأول:
تَعَذُّرُ الجمعِ بينَ النَّصَّينِ،
والجمعُ -هنا- سَهْلٌ وليسَ بمُتَعَذِّرٍ؛ لأنَّه يُمْكِنُ أنْ يُقالَ: إنَّ الخِطابَ في قولِهِ: (( كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوها ) )لِلرِّجالِ، والعلماءُ اخْتَلَفُوا فيما إذا خُوطِبَ الرِّجالُ بحُكْمٍ هَلْ يَدْخُلُ فيه النِّساءُ أو لا؟
وإذا قُلْنا بالدُّخولِ -وهو الصَّحيحُ- فإنَّ دُخولَهُنَّ في هذا الخِطابِ مِنْ بابِ دُخولِ أفرادِ العامِّ في العُمُوم.
وعلى هذا يَجوزُ أنْ يُخَصَّصَ بَعْضُ أفرادِ العامِّ بحُكْمٍ يُخالِفُ العامَّ،
وهنا نَقولُ: قدْ خَصَّ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ النِّساءَ مِنْ هذا الحُكْمِ، فأَمْرُهُ بالزِّيارَةِ لِلرَّجلِ فَقَطْ؛ لأنَّ النِّساءَ أُخْرِجْنَ بالتَّخْصِيصِ مِنْ هذا العُمومِ بِلَعْنِ الزَّائِراتِ.
و-أيضًا- ممَّا يُبْطِلُ النَّسْخَ قولُهُ: (( لَعَن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ زائِراتِ القُبورِ، والمُتَّخِذِين عَلَيْهِا المَساجِدَ والسُّرُجَ ) )ومِن المَعْلومِ أنَّ قولَهُ: (( والمُتَّخِذِين عَلَيْهِا المساجِدَ والسُّرُجَ ) )لا أَحَدَ يَدَّعِي أنه مَنْسُوخٌ، والحديثُ واحِدٌ، فادِّعاءُ النَّسْخِ في جانبٍ منه دونَ آخَرَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وعلى هذا يَكُونُ الحديثُ مُحْكَمًا غيرَ مَنْسوخٍ.
الثاني: العلمُ بالتَّارِيخِ،
وهنا لم نَعْلَمْ بالتَّارِيخِ؛ لأنَّ النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لم يَقُلْ: كُنْتُ لَعَنْتُ مَنْ زارَ القُبورَ، بَلْ قال: كُنْتُ نَهَيْتُكُم، والنَّهْيُ دونَ اللَّعْنِ.
وأيضًا: فإنَّ قولَه: (( كُنْتُ نَهَيْتُكُم ) )خِطابٌ لِلرِّجالِ، ولَعْنُ زائِراتِ القبورِ خِطابٌ للنِّساءِ، فلا يُمْكِنُ حَمْلُ خِطابِ الرِّجالِ على خِطابِ النِّساءِ، إذًا فالحديثُ لا يَصِحُّ فيه دَعْوَى النَّسْخِ.
وثانيًا:
الجوابُ عَنْ حديثِ المرأةِ وحديثِ عائشةَ
أنَّ المرأةَ لم تَخْرُجْ لِلزِّيارةِ قَطْعًا:
لكنَّها أُصِيبَتْ ومِنْ عِظَمِ المُصِيبةِ عَلَيْهِا لم تَتَمالَكْ نَفْسَها لِتَبْقَى في بيتِها، ولذلِكَ خَرَجَتْ وجَعَلَتْ تَبْكِي عندَ القبرِ ممَّا يَدُلُّ على أنَّ في قلبِها شيئًا عظيمًا لم تَتَحَمَّلْه حتَّى ذَهَبَتَ إلى ابْنِها وجَعَلَتْ تَبْكِي عِنْدَ قبرِهِ، ولهذا أَمَرَهَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أنْ تَصْبِرَ؛ لأنَّه عَلِمَ أنَّها لم تَخْرُجْ لِلزِّيارةِ، بَلْ خَرَجَتْ لِمَا في قلبِها مِنْ عَدَمِ تَحَمُّلِ هذه الصَّدْمةِ الكبيرةِ، فالحديثُ ليس صَرِيحًا بأنَّها خَرَجَتْ للزِّيارةِ، وإذا لم يَكُنْ صَرِيحًا فلا يُمْكِنُ أنْ يُعَارَضَ الشَيْءُ الصَّرِيحُ بشَيْءٍ غيرِ صَرِيحٍ.
وأمَّا حديثُ عائشةَ:فإنَّها قالَتْ للرَّسولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: (( ماذا أَقُولُ؟ فَقَالَ قُولِي: السَّلامُ عَلَيْكُم ) )فهل المرادُ أنَّها تَقُولُ ذلِكَ إذا مَرَّتْ، أو إذا خَرَجَتْ زائِرةً؟ فهو مُحْتَمِلٌ.
فلَيْسَ فيه تَصْرِيحٌ بأنَّها إذا خَرَجَتْ زائِرةً؛ إذ مِن المُمْكِنِ أن يُرادَ به إذا مَرَّتْ بها مِن غيرِ خُروجٍ للزِّيارةِ، وإذا كان ليس صَرِيحًا فلا يُعارِضُ الصَّريحَ.
وأمَّا فِعْلُها مع أَخِيها -رَضِيَ اللهُ عنهما-: