وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي وسُبحَانَ اللهِ ومَا أنَا مِنَ المُشرِكِينَ} [يُوسُف:108] .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ لَهُ: (( إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ - وَفِي رِوَايَةٍ: إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللهَ - فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ؛ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ ) ). أَخْرَجَاهُ.
وَلَهُمَا عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: (( لأَُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ ) ).
فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ، أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحُوا غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ:
(( أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟ ) ).
فَقِيلَ: هُوَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ فَأُتِيَ بِهِ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرِئ، كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ.فَقَالَ: (( انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ تَعَالَى فِيهِ، فَوَاللهِ لأََنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ ) ).
(يَدُوكُونَ) أَيْ: يَخُوضُونَ.
فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: أَنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى اللهِ طَرِيقُ مَنِ اتَّبَعَهُ صلى الله عليه وسلم.
الثَّانِيَةُ:التَّنْبِيهُ عَلَى الإِخْلاَصِ؛ لأَِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَوْ دَعَا إِلَى الْحَقِّ فَهُوَ يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ.
الثَّالِثَةُ: أَنَّ الْبَصِيرَةَ مِنَ الْفَرَائِضِ.
الرَّابِعَةُ: مِنْ دَلاَئِلِ حُسْنِ التَّوْحِيدِ كَوْنُهُ تَنْزِيهًا للهِ تَعَالَى عَنِ الْمَسَبَّةِ.
الْخَامِسَةُ: أَنَّ مِنْ قُبْحِ الشِّرْكِ كَوْنَهُ مَسَبَّةً للهِ.
السَّادِسَةُ: وَهِيَ مِنْ أَهَمِّهَا: إِبْعَادُ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ؛ لِئَلاَّ يَصِيرَ مِنْهُمْ وَلَوْ لَمْ يُشْرِكْ.
السَّابِعَةُ: كَوْنُ التَّوْحِيدِ أَوَّلَ وَاجِبٍ.
الثَّامِنَةُ: أَنَّهُ يُبْدَأُ بِهِ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الصَّلاَةِ.
التَّاسِعَةُ: أَنَّ مَعْنَى: (( أَنْ يُوَحِّدُوا اللهَ ) )مَعْنَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.
الْعَاشِرَةُ:أَنَّ الإِنْسَانَ قَدْ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهُوَ لاَ يَعْرِفُهَا أَوْ يَعْرِفُهَا، وَهُوَ لاَ يَعْمَلُ بِهَا.
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: التَّنْبِيهُ عَلَى التَّعْلِيمِ بِالتَّدْرِيجِ.
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: الْبَدَاءةُ بِالأَهَمِّ فَالأَهَمِّ.
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: مَصْرَفُ الزَّكَاةِ.
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: كَشْفُ الْعَالِمِ الشُّبْهَةَ عَنِ الْمُتَعَلِّمِ.
الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: النَّهْيُ عَنْ كَرَائِمِ الأَمْوَالِ.
السَّادِسَةَ عَشْرَةَ:اتِّقَاءُ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ.
السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: الإِخْبَارُ بِأَنَّهَا لاَ تُحْجَبُ.
الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ:مِنْ أَدِلَّةِ التَّوْحِيدِ مَا جَرَى عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَسَادَاتِ الأَوْلِيَاءِ مِنَ الْمَشَقَّةِ، وَالْجُوعِ، وَالْوَبَاءِ.
التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ:قَوْلُهُ: (( لأَُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ ) )إِلَخ، عَلَمٌ مِنْ أَعْلاَمِ النُّبُوَّةِ.
الْعِشْرُونَ: تَفْلُهُ فِي عَيْنَيْهِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلاَمِهَا أَيْضًا.
الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ:فَضِيلَةُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: فَضْلُ الصَّحَابَةِ فِي دَوكِهِم تِلْكَ اللَّيْلَةَ،
وَشُغْلِهِمْ عَنْ بشَارَةِ الْفَتْحِ.
الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: الإِيمَانُ بِالْقَدَرِ لِحُصُولِهَا لِمَنْ لَمْ يَسْعَ لَهَا وَمَنْعِهَا عَمَّنْ سَعَى.
الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ:الأَدَبُ فِي قَوْلِهِ: (( عَلَى رِسْلِكَ ) ).
الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: الدَّعْوَةُ إِلَى الإِسْلاَمِ قَبْلَ الْقِتَالِ.
السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّهُ مَشْرُوعٌ لِمَنْ دُعُوا قَبْلَ ذَلِكَ وَقُوتِلُوا.
السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: الدَّعْوَةُ بِالْحِكْمَةِ لِقَوْلِهِ: (( أَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ ) ).
الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ: الْمَعْرِفَةُ بِحَقِّ اللهِ تَعَالَى فِي الإِسْلاَمِ.
التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: ثَوَابُ مَنِ اهْتَدَى عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ وَاحِدٌ.
الثَّلاَثُونَ: الْحَلِفُ عَلَى الْفُتْيَا.
(1) هذا الترتيبُ الذي ذكرهُ المؤلِّفُ مِن أحسنِ ما يكونُ؛ لأنه لما ذَكَر توحيدَ الإنسانِ بنفسِه ذكَر أنه لا يتِمُّ الإيمانُ إلا إذا دعا إلى التوحيدِ، قالَ تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) } .
فلا بدَّ معَ التوحيدِ من الدعوةِ إليه، وإلا كانَ ناقِصاً، ولا ريبَ أنَّ هذا الذي سلَكَ هذا السبيلَ لم يسْلُكْهُ إلا وهو يرَى أنه أفضلُ سبيلٍ، وإذا كانَ صادقاً في اعتقادهِ، فلا بدَّ أن يكونَ داعياً إليه، والدعاءُ إلى شهادةِ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ مِن تمامِ التوحيدِ، ولا يتِمُّ التوحيدُ إلا بهِ.
(2) قولُه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} المشارُ إليه ما جاء به النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مِن الشرعِ عبادةً ودعوةً إلى اللهِ، و {سَبيلِي} طَريقي.
(3) قولُه: {أَدْعُو} حالٌ من الياءِ في قولِه: {سَبِيلِي} أو يُحْتَمَلُ أن تكونَ استئنافاً لبيانِ تلك السبيلِ.
وقولُه: {أَدْعُو إِلَى اللهِ} لأن الدُّعَاةَ ينقَسِمُون إلى قسمينِ:
أحدهما: داعٍ إلى اللهِ.
والآخر: داعٍ إلى غيرِه.
فالداعي إلى اللهِ -تعالى-: هو المُخْلِصُ الذي يُريدُ أن يُوصِلَ الناسَ إلى اللهِ تعالى.والدَّاعي إلى غيرِهِ: قد يكونُ داعياً إلى نفسِه،يَدْعُو إلى الحقِّ لأجلِ أنْ يُعظَّمَ بينَ الناسِ ويُحترمَ، ولهذا تجِدُه يَغْضَبُ إذا لم يفعَلِ الناسُ ما أمَرَ به، ولا يغضَبُ إذا ارتَكبوا نهياً أعظمَ مِنْه، لكنْ لم يَدْعُ إلى ترْكهِ.
وقدْ يكونُ داعياً إلى منْ يُعظمه.
(4) قولُه: {عَلَى بَصِيرَةٍ} أي: علمٍ، فتضَمَّنَت هذه الدعوةُ الإخلاصَ والعلمَ؛ لأنّ أكثرَ ما يُفْسِدُ الدعوةَ عَدَمُ الإخلاصِ، أو عدمُ العلمِ، وليس المقصودُ هنا بالعلمِ في قولِه: {عَلَى بَصِيرَةٍ} العلمَ بالشرعِ فقط، بل يَشْمَلُ:
-العلمَ بالشرعِ.
-والعلمَ بحالِ المدعوِّ.
-والعلمَ بالسبيلِ المُوصِلِ إلى المقصودِ.
فيكونُ بصيراً بحكمِ الشرعِ، وبصيراً بحالِ المدعوِّ، وبصيراً بالطريقِ الموصلةِ لتحقيقِ الدعوةِ، ولهذا قالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-
لمعاذٍ: (( إنَّكَ تَأتي قَوْماً مِنْ أهلِ الكِتابِ ) ).
وقولُه: {أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} ذكَروا فيها قولين:
الأولُ: {أنا} مبتدأٌ، وخبرُها {على بَصِيرَةٍ} و {مَن اتَّبَعَنِي} معطوفةٌ على {أنا} أي: أنا ومَن اتَّبَعَني على بصيرةٍ، أي: في عِبادتي، ودَعْوَتي.
الثاني: {أنا} توكيدٌ للضميرِ المستترِ في قوله: {أَدْعُو} أي: أدعو أنا إلى اللهِ ومَن اتَّبعَني يدْعُو أيضاً، أي: قُل هذه سبيلي أَدْعُو إلى اللهِ، ويَدْعُو مَن اتَّبَعني، وكلانا عَلى بصيرةٍ.
قولُه: {وَسُبْحَانَ اللهِ} أي: وسُبحانَ اللهِ أنْ أكونَ أدْعُو على غيرِ بصيرةٍ.
قولُه: {وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} محلُّها مما قبلَها في المعنى توكيدٌ؛ لأن التوحيدَ معناه نفيُ الشِّركِ.
(5) قولُه: (بعَث) أيْ: أرسَلَه، وبعَثَه على صفةِ المُعَلِّمِ، والحاكمِ، والداعي، وكان ذلكَ في ربيعٍ الأولِ سنةَ عشرٍ من الهجرةِ، هذا هو المشهورُ، بعَثَه هو وأبا موسى الأشعريَّ، رضِيَ اللهُ عنهما، فبعثَ معاذاً إلى صَنْعاءَ، وما حولَها، وأبا موسى إلى عَدْنٍ وما حولَها وأمَرَهما: أنِ اجتَمِعا وتَطَاوَعَا، ولا تَفْتَرِقا، ويَسِّرا ولا تُعَسِّرا، وبشِّرا ولا تُنَفِّرا.
(6) قولُه: (إنَّكَ تَأتي قَوْماً مِنْ أهلِ الكِتابِ) قال ذلك مُرْشِداً له، وهذا دليلٌ على معرفتِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بأحوالِ الناسِ، وما يَعْلَمُه من أحوالِهم، فلَه طريقان:
أحدهما: الوحيُ.
والآخر: العلمُ والتَّجْرِبَةُ.
وقولُه: (مِن) بيانيَّةٌ، والمرادُ بالكتابِ: التوراةُ والإنجيلُ، فيكونُ المرادُ اليهودَ والنصارى، وهُم أكثرُ أهلِ اليَمنِ في ذلك الوقتِ، وإن كانَ في اليمنِ مشركون، لكنَّ الأكثرَ اليهودُ والنصارى، ولهذا اعْتَمدَ الأكثرَ.وأخْبرَه النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بذلك لأمرينِ:
الأولُ: أنْ يكونَ بصيراً بأحوالِ مَن يَدْعُو.
الثاني: أنْ يكونَ مُسْتَعِدّاً لهم؛ لأنهم أهلُ كتابٍ، وعندَهم علمٌ.
(7) قولُه: (فلْيَكُنْ) الفاءُ للاستئنافِ، أو عاطفةٌ، واللامُ للأمرِ، و (أولُ) اسمُ (يكن) وخبرُها (شهادةَ)
وقيل: العكسُ، يعني (أولَ) خبرٌ و (شهادةُ) اسمُ (يَكُنْ) مؤخَّراً.
والظاهرُأنه يريدُ أن يُبَيِّنَ أنَّ أولَ ما يكونُ الشهادةُ، وإذا كان كذلك يكونُ (أولُ) مَرفوعاً على أنه اسمُ يكن، أي: أولُ ما تدْعُوهم إليهِ شهادةُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ.
وقولُه: (شهادةَ) الشهادةُ هنا مِن العلمِ، قالَ تعالى: {إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} فالشهادةُ هنا العلمُ والنُّطقُ باللسانِ؛ لأنَّ الشاهدَ مُخْبِرٌ عن علمٍ، وهذا المقامُ لا يَكْفِي فيه مجردُ الإخبارِ، بل لا بدَّ من علمٍ وإخبارٍ وقبولٍ وإقرارٍ وإذعانٍ، أي: انقيادٍ.
فلو اعتَقَدَ بقلبِهِ، ولم يقلْ بلسانِه أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، فقد قالَ شيخُ الإسلامِ: (إنه ليس بمسلمٍ بالإجماعِ حتَّى ينطِقَ بها؛ لأنَّ كلمَةَ(أشهدُ) تدلُّ على الإخبارِ، والإخبارُ متضمِّنٌ للنطقِ، فلا بدَّ من النطقِ، فالنيَّةُ فقط لا تُجْزِئُ، ولا تنفعُه عندَ اللهِ حتى ينطقَ، والنبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قال لعمِّه أبي طالبٍ: (( قُلْ ) )ولم يقلْ: اعْتَقِدْ أنَّ لا إلهَ إلا اللهُ).
(8) قولُه: (لأُعْطِيَنَّ) هذه جملةُ مُؤَكَّدةٌ بثلاثِ مُؤَكِّدَاتٍ:
-القَسَمُ المقدَّرُ.
-واللامُ.
-والنونُ.
والتقديرُ: (واللهِ لأُعْطِينَّ) .
قولُه: (الرايةَ) هي العَلَمَ، وسُمِّيَ رايةً لأنَّه يُرَى، وهو ما يتَّخِذُه أميرُ الجيشِ للعَلامَةِ على مَكَانِه.
(9) قولُه: (يُحِبُّ اللهَ ورسولَه، ويحبُّه اللهُ ورسولُهُ) أثبتَ المحبَّةَ للهِ مِن الجانبيْن، أيْ: أنَّ اللهَ -تعالى- يُحِبُّ ويُحَبُّ، وقد أنكَرَ هذا أهلُ التعطيلِ.
وقالوا: المرادُ بمحبَّةِ اللهِ للعبدِ:إثابَتُه أو إرادةُ إثابَتِه.
-والمرادُ بمحبَّةِ العبدِ للهِ: محبَّةُ ثوابِه.وهذا تحريفٌ للكلامِ عن ظاهرِه،مخالِفٌ لإجماعِ السلَفِ من الصحابةِ والتابعين وأئمَّةِ الهُدَى من بعدِهِم، ومحبَّةُ اللهِ -تعالى- ثابِتَةٌ له حَقيقَةً، وهي مِن صِفَاتِهِ الفعليةِ، وكلُّ شيءٍ مِن صفاتِ اللهِ يكونُ له سببٌ فهو من الصفاتِ الفعليةِ، والمحبةُ لها سبَبٌ، فقد يُبغِضُ اللهُ إنساناً في وقتٍ ويحبُّه في وقتٍ لسببٍ مِن الأسبابِ.
(10) قولُه: (عَلَى يَدَيْهِ) أي: يَفْتَحُ اللهُ خَيْبَرَ على يدَيْه، وفي ذلك بِشارةٌ بالنصرِ.
(11) قولُه: (يَدُوكون) أي: يَخُوضُون، وجملةُ يدوكون خبرُ باتَ.
(12) قولُه: (غَدَوْا عَلى رسولِ اللهِ) أيْ: ذهبوا إليه في الغُدْوَةِ مُبَكِّرين، كلُّهم يَرْجُو أن يُعطاهَا لينالَ محبةَ اللهِ ورسولِه.
(13) قولُه: (فقالَ: أين عليٌّ؟) القائلُ الرسولُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
(14) قولُه: (يَشتَكي عَيْنَيْهِ) أيْ: يتألَّمُ منهما، ولكنَّه يَشْتَكِي إلى اللهِ؛ لأنَّ عَيْنَيْهِ مريضةٌ.
(15) وقولُه: (فأرْسَلوا إليه) بأمرِ الرسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
(16) قولُه: (فأُتي بِه) كأنَّه -رضيَ اللهُ عنه- قد عُمِّمَ على عينيهِ؛ لأنَّ قولَه: (أُتِي به) أي: يُقادُ.
(17) وقولُه: (كأنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ) أي: ليس بهما أثرُ حُمْرةٍ، ولا غيرِها.
قولُه: (فبرَأَ) هذا مِن آياتِ اللهِ الدالةِ على قدرتِهِ وصِدْقِ رسولِه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وهذا من مناقِبِ أميرِ المؤمنين عليِّ بنِ أبي طالبٍ -رضِيَ اللهُ عنه- أنه يُحِبُّ اللهَ ورسولَه، ويُحِبُّهُ اللهُ ورسولُهُ لتخصيصِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- له ذلك مِن بينِ سائرِ الصحابةِ.
(18) قولُه: (انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ) أي: مَهْلِك، مأخوذٌ مِن رِسْلِ الناقةِ أي: حليبِها، يُحْلَبُ شيئاً فشيئاً، والمعنى: امْشِ هُوَيْنَى هُوَيْنَى؛ لأن المقامَ خطيرٌ، فهوَ يَخْشَى مِن كَمِينٍ، لأنَّ اليهودُ خُبثاءُ أهلُ غدرٍ.
(19) قولُه: (حتى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِم) أيْ: ما يَقْرُبُ منهم، وما حولَهم، والنبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يقولُ: (( إنّا إِذا نَزَلْنا بِساحَةِ قَوْمٍ فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِين ) ).
(20) قولُه: (ثمّ ادْعُهُمْ إِلى الإسْلامِ) أي: أهلَ خَيْبَرَ.
قال في (تيسير العزيز الحميد) ص127، فيما ينقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني رحمه الله:(وقد علم بالاضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم، واتفقت عليه الأمّة: أن أصل الإسلام، وأول ما يؤمر به الخلق: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
فبذلك يصير الكافر مسلماً والعدو ولياً، والمباح دمه وماله معصوم الدم والمال، ثم إن كان ذلك من قلبه فقد دخل في الإيمان، وإن قاله بلسانه دون قلبه فهو في ظاهر الإسلام دون باطن الإيمان، وفيه البداءة في الدعوة والتعليم بالأهم فالأهم)
(21) قولُه: (وأَخْبِرْهُمْ بِما يَجِبُ عليهِم) أي: فلا تَكْفِي الدعوةُ إلى الإسلامِ فقط، بل يُخْبِرُهُم بما يَجِبُ عليهم فيه، حتى يَقْتَنِعوا بهِ، ويَلْتَزِمُوا.
وهذه المسألةُ يَتَردَّدُ الإنسانُ فيها: هل يُخْبِرُهم بما يَجِبُ عليهم من حقِّ اللهِ في الإسلامِ قبلَ أن يُسْلِمُوا أو بعدَه؟وإذا نَظَرْنا إلى ظاهرِ حديثِ معاذٍ وحديثِ سهلٍ هذا فإننا نقولُ: الأَوْلَى أنْ تَدْعُوَه للإسلامِ، وإذا أسْلَمَ تُخْبِرُهُ.
وإذا نَظَرْنَا إلى واقعِ الناسِ الآنَ وأنَّهم لا يُسْلِمُون عن اقْتِنَاعٍ، فقد يُسْلِمُ وإذا أخْبَرْتَه ربما يَرْجِعُ، قلنا: يُخْبَرونَ أولاً بما يَجِبُ عليهم مِن حقِّ اللهِ فيه؛ لئلاَّ يرْتَدُّوا عن الإسلامِ بعدَ إخبارِهِم بما يَجِبُ عليهم، وحينئذٍ يجِبُ قَتْلُهُم؛ لأنهم مُرْتَدُّون، ويَحْتَمِلُ أنْ يقالَ: تُتْرَكُ هذه المسألةُ للواقعِ وما تَقْتَضِيه المصلَحَةُ من تقديمِ هذا أو هذا.
(22) قولُه: (لأنْ يَهْدِيَ اللهُ) اللامُ واقِعَةٌ في جوابِ القَسَمِ.
قولُه: (خيرٌ لَكَ) (أنْ) وما دخَلَت عليه في تأويلِ مصدرٍ مبتدأٌ، و (خير) خبرٌ، ونظيرُها قولُه -تعالى-: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} .
(23) قولُه: (حُمْرِ النَّعَمِ) بتسكينِ الميمِ جمعُ أحْمَرَ، وبالضَّمِّ جمعُ حِمَارٍ، والمرادُ الأوَّلُ.
وحُمْرُ النَّعَمِ هي الإبلُ الحمراءُ، وذكَرَها؛ لأنَّها مَرغُوبَةٌ عندَ العربِ، وهي أحسنُ، وأَنْفَسُ ما يكونُ مِن الإبلِ عندَهم.
وقولُه: (لأَنْ يهديَ اللهُ بِكَ) ولم يقُلْ: لأنْ تَهْدِيَ؛ لأنَّ الذي يَهْدِي هو اللهُ.
والمرادُ بالهدايةِ هنا:هدايةُ التوفيقِ والدَّلالةِ.
وهل المرادُ الهدايةُ مِن الكفرِ إلى الإسلامِ، أم يَعُمُّ كل هدايةٍ؟
نقولُ: هو موجَّهٌ إلى قومٍ يدْعُوهم إلى الإسلامِ، وهل نقولُ: إنَّ القرينةَ الحاليةَ تَقْتَضِي التَّخصيصَ، وأنَّ مَن اهْتَدَى على يَدَيْه رجلٌ في مسألةٍ فرعيَّةٍ مِن مسائِلِ الدِّينِ لا يَحْصُلُ له هذا الثوابُ بقرينةِ المقامِ؛ لأنَّ عليّاً موجَّهٌ إلى قومٍ كُفَّارٍ يدْعُوهم إلى الإسلامِ، واللهُ أعلَمُ.
(24) فيه مسائِلُ:
الأولى: (أنَّ الدعْوَةَ إلى اللهِ طريقُ مَن اتَّبَعه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ)
وتُؤخذُ مِن قولِه تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} .
والأشملُ من ذلك،والأبلغُ في مطابقةِ الآيةِ أن يقالَ: إنَّ الدعوةَ إلى اللهِ طريقُ الرُّسُلِ وأتْبَاعِهِم.
(25) الثانيةُ: (التنبيهُ على الإخلاصِ) وتُؤخَذُ من قولِه: {أَدْعُو إلى اللهِ} ولهذا قالَ: (لأنَّ كثيراً مِن الناسِ لو دَعا إلى الحقِّ فهو يدْعُو إلى نفْسِهِ) فالذي يدْعُو إلى اللهِ هو الذي لا يريدُ إلا أنْ يقومَ دينُ اللهِ، والذي يدْعو إلى نفسِهِ هو الذي يريدُ أنْ يكونَ قولُه هو المقبولَ حقّاً كان أم باطلاً.
(26) الثالثةُ: (أنَّ البصيرةَ مِن الفرائِضِ)
وتُؤْخَذُ مِن قولِه تعالى: {أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}
ووجهُ كونِ البصيرةِ من الفرائِضِ؛لأنه لا بدَّ للداعيةِ من العلمِ بما يدعو إليه، والدعوةُ فريضَةٌ، فيكونُ العلمُ بذلك فريضةً.
(27) الرابعةُ: (مِن دلائلِ حُسْنِ التوحيدِ كونُه تَنْزيهًا للهِ - تعالى - عن المسَبَّةِ) وتُؤخَذُ مِن قولِه تعالى: {وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} .
فسُبحانَ اللهِ دليلٌ على أنَّه واحِدٌ لكمالِهِ، ومعنى عن المسبَّةِ أي: وعَن مماثلةِ الخالِقِ للمخلوقِ؛ إذ تَمْثيلُ الكاملِ بالناقصِ يَجْعَلُه ناقِصاً.
(28) الخامسةُ: (أنَّ مِن قُبحِ الشِّركِ كونَه مسبَّةً للهِ)
وتؤخذُ من قولِه تعالى: {وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} بعدَ قولِه: {وَسُبْحَانَ اللهِ} .
(29) السادسةُ: (وهي من أَهَمِّها: إبعادُ المسلمِ عن المشركين؛ لئلا يصيرَ منهم ولو لم يشرِكْ) لقولِه تعالى: {وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} .
ولم يقُلْ: (وَمَا أنا مُشْرِكٌ) لأنه إذا كان بينَهم، ولو لم يكنْ مُشرِكاً، فهو في ظاهِرِهِ منهم، ولهذا لما قالَ اللهُ للملائكَةِ: {اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ} توجَّهَ الخِطَابُ له ولَهُم؛ مع كونه ليس منهم.
(30) السابعةُ: (كونُ التوحيدِ أوَّلَ واجِبٍ) تُؤْخَذُ من قولِه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (( فَلْيَكُنْ أولَ ما تَدْعُوهُم إليهِ شَهادةُ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ ) ).
وفي روايةٍ: (( أَنْ يُوحِّدُوا اللهَ ) ).
وقد قالَ بعضُ العلماءِ: (أولُ واجبٍ هوَ النظرُ، لكنَّ الصوابَ أنَّ أوَّلَ واجبٍ هو التوحيدُ؛ لأنَّ مَعْرِفَةَ الخالِقِ دلَّت عليها الفِطْرَةُ) .
(31) الثامنةُ: (أنه يُبدأُ به قبلَ كلِّ شيءٍ) تُؤْخَذُ من قولِه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (( ادْعُهُمْ إِلى الإسْلامِ، وأَخْبِرْهُمْ بِما يَجِبُ عليهِم منْ حَقِّ اللهِ تعالى فيهِ ) ).
(32) التاسعةُ: (أنَّ معنى:(( أنْ يُوَحِّدوا اللهَ ) )معنى شهادةِ أنْ لا إلهَ إلااللهُ)
تُؤْخَذُ مما جاء في الروايتين ففي روايةٍ: (( شهادةِ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ ) )وفي الروايةٍ الأخرى: (( أنْ يُوَحِّدُوا اللهَ ) ).
(33) العاشرةُ: (أنَّ الإنسانَ قد يكونُ مِن أهلِ الكتابِ وهو لا يَعْرِفُها، أو يَعْرِفُها ولا يَعْمَلُ بِهَا) ومرادُه بقولِه: (لا يعْرِفُها، أو يَعْرِفُها) شهادةُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وتُؤخَذُ من قولِه: (( فَلْيَكُنْ أوَّلَ ما تَدْعوهُم إليْهِ شهادةُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ ) )إذْ لو كانوا يعرفونَ: (لا إلهَ إلا اللهُ) ويعمَلون بها، ما احْتَاجُوا إلى الدعوةِ إليْها.
(34) الحاديةَ عشرةَ: (التنبيهُ على التعليمِ بالتدريجِ) تُؤْخَذُ من قولِه -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- لمعاذٍ: (( ادعُهُم إلى أنْ يوحِّدوا اللهَ، فإنْ هُم أطاعوكَ لذلك، فأعلِمْهُم أنَّ اللهَ افْتَرَضَ عليهم.. ) )الحديثَ.
(35) الثانيةَ عشرةَ: (البداءةُ بالأهمِّ فالأهمِّ) تؤخذُ مِن أمْرِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- معاذاً بالتوحيدِ ليَدْعُوَ إليه أوَّلاً ثمَّ الصلاةِ، ثم الزكاةِ.
(36) الثالثةَ عشرةَ: (مَصْرِفُ الزَّكَاةِ) تُؤْخَذُ مِن قَولِه: (( فتُرَدُّ على فُقَرائِهِم ) ).
(37) الرابعةَ عشرةَ: (كَشْفُ العالِمِ الشُّبْهَةَ عن المتعلِّمِ) المرادُ بالشبهةِ هنا: شبهةُ العلْمِ، أي: يكونُ عندَه جهلٌ، تؤْخَذُ مِن قولِه: (( إنَّ الله افْتَرَضَ عليهِمْ صَدَقةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيائِهم فتُردُّ عَلى فُقَرائِهم ) ). فبيَّنَ أنَّ هذِه الصَّدقةَ تُؤْخَذُ مِن الأغنياءِ، وأنَّ مَصْرِفَها الفقراءُ.
(38) الخامسةَ عشْرَةَ: (النهيُ عن كَرائِمِ الأموالِ) تُؤْخَذُ من قولِه: (( فإيَّاكَ وكرائِمَ أموالِهِم ) )إذْ إيَّاكَ تُفِيدُ التحذيرَ، والتحذيرُ يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ، وإيَّاكَ تحذيرٌ.
(39) السادسةَ عشرةَ: (اتقاءُ دعوةِ المظلومِ) تُؤخَذُ من قولِه: (( واتَّقِ دَعْوَةَ المظلومِ ) ).
(40) السابعةَ عشرةَ: (الإِخْبَارُ بأنَّها لا تُحجبُ) تُؤْخَذُ من قولِه: (( فإنهُ لَيْسَ بيْنَها وبينَ اللهِ حِجابٌ ) ). فقَرَنَ الترغيبَ أو الترهيبَ بالأحكامِ،ممَّا يحثُّ النفسَ إنْ كانَ ترغيباً، ويُبْعِدُها ويَزْجُرُها إن كانَ ترهيباً، لقولِه: (( اتَّقِ دَعْوةَ المظلومِ ) )فالنفسُ قد لا تَتَّقِي لكن إذا قيلَ: ليسَ بيْنَها وبينَ اللهِ حِجَابٌ خَافَت ونَفَرَت مِن ذلك.