فهرس الكتاب
الصفحة 15 من 93

7-بابُ مَا جَاءَ فِي الرُّقَى وَالتَّمَائِمِ

فِي (الصَّحِيحِ) عَنْ أَبِي بَشِيرٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في بعض أسفارِهِ، فَأَرْسَلَ رَسُولاً: (( أَنْ لاَ يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلاَدَةٌ مِنْ وَتَرٍ، أَوْ قِلاَدَةٌ إِلاَّ قُطِعَتْ ) ).

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (( إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ ) )رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ.

التَّمَائِمُ:

شَيْءٌ يُعَلَّقُ عَلَى الأَوْلاَدِ عَنِ الْعَيْنِ،

لَكِنْ إِذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ مِنَ الْقُرْآنِ فَرَخَّصَ فِيهِ بَعْضُ السَّلَفِ، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ، وَيَجْعَلُهُ مِنَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ؛ مِنْهُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَالرُّقَى:

هِيَ الَّتِي تُسَمَّى الْعَزَائِمَ،

وَخَصَّ مِنْهَا الدَّلِيلُ مَا خَلاَ مِنَ الشِّرْكِ، فَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْعَيْنِ وَالْحُمَةِ.

وَالتِّوَلَةُ:

هُوَ شَيْءٌ يَصْنَعُونَهُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يُحَبِّبُ الْمَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا وَالرَّجُلَ إِلَى امْرَأَتِهِ.

وَعَنْ

عَبْدِ اللهِ بْنِ عُكَيْمٍ مَرْفُوعًا: (( مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ ) )رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ.

وَرَوَى الإِمَامُ

أَحْمَدُ عَنْ رُوَيْفِعٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (( يَا رُوَيْفِعُ، لَعَلَّ الْحَيَاةَ سَتَطُولُ بِكَ، فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ، أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا، أَوِ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ أوْ عَظْمٍ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا بَرِيءٌ مِنْهُ ) ).

وَعَنْ

سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: (مَنْ قَطَعَ تَمِيمَةً مِنْ إِنْسَانٍ كَانَ كَعَدْلِ رَقَبَةٍ) رَوَاهُ وَكِيعٌ.

وَلَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: (كَانُوا يَكْرَهُونَ التَّمَائِمَ كُلَّهَا مِنَ الْقُرْآنِ وَغَيْرِ الْقُرْآنِ) .

فِيهِ مَسَائِلُ:

الأُولَى:

تَفْسِيرُ الرُّقَى وَالتَّمَائِمِ.

الثَّانِيَةُ:

تَفْسِيرُ التِّوَلَةِ.

الثَّالِثَةُ:

أَنَّ هَذِهِ الثَّلاَثَةَ كُلَّهَا مِنَ الشِّرْكِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ.

الرَّابِعَةُ:

أَنَّ الرُّقْيَةَ بِالْكَلاَمِ الْحَقِّ مِنَ الْعَيْنِ وَالْحُمَةِ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ.

الْخَامِسَةُ:

أَنَّ التَّمِيمَةَ إِذَا كَانَتْ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ هِيَ مِنْ ذَلِكَ أمْ لاَ؟

السَّادِسَةُ:

أَنَّ تَعْلِيقَ الأَوْتَارِ عَلَى الدَّوَابِّ عَنِ الْعَيْنِ مِنْ ذَلِكَ.

السَّابِعَةُ:

الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ عَلَى مَنْ عَلَّقَ وَتَرًا.

الثَّامِنَةُ:

فَضْلُ ثَوَابِ مَنْ قَطَعَ تَمِيمَةً مِنْ إِنْسَانٍ.

التَّاسِعَةُ:

أَنَّ كَلاَمَ إِبْرَاهِيمَ لاَ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الاِخْتِلاَفِ؛ لأَِنَّ مُرَادَهُ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ.

قولُ

المؤلِّفِ: (ما جاءَ في الرُّقَى والتمائمِ) لمْ يذكُر المؤلِّفُ أنَّ هذا البابَ مِن الشِّركِ؛ لأنَّ الحُكمَ فيهِ يختلفُ عَنْ حُكمِ لُبْسِ الحلَقةِ والخيطِ، ولهذا جَزمَ المؤلِّفُ في البابِ الأوَّلِ أنَّها من الشِّركِ بدونِ استثناءٍ.

أمَّا في هذا البابِ فلمْ يذكرْ أنَّها شرْكٌ؛ لأنَّ من الرُّقى ما ليسَ بِشِرْكٍ؛ ولهذا قالَ: (بابُ ما جاءَ في الرُّقى والتَّمائمِ) .

قولُهُ: (الرُّقى) جمعُ رُقْيَةٍ، وهيَ القراءةُ.

قولُهُ: (التمائمُ)

جَمْعُ تميمةٍ، وسُمِّيتْ تميمةً؛ لأنَّهُمْ يروْنَ أنَّهُ يتِمُّ بها دَفْعُ العينِ.

(2) قولُهُ: (أسفارُهُ)

السَّفَرُ: مفارقةُ محلِّ الإقامةِ.

قولُهُ:

(( قِلاَدَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلاَدَةٌ ) )شكٌّ مِن الراوي.

والأُولى أرْجَحُ؛ لأنَّ القلائدَ كانتْ تُتَّخَذُ مِن الأوتارِ، ويعتقدونَ أنَّ ذلكَ يدفعُ العينَ عنِ البعيرِ.

وهذا اعتقادٌ فاسدٌ؛

لأنَّهُ تعلَّقَ بما ليسَ بسببٍ، وقدْ سبقَ أنَّ مَنْ تعلَّقَ بما ليسَ بسببٍ شرعيٍّ أوْ حِسِّيٍّ فإنَّهُ شِرْكٌ؛ لأنَّهُ بتعَلُّقِهِ أثبتَ للأشياءِ سببًا لم يُثْبِتْهُ اللهُ لا بشرْعِهِ ولا بِقَدَرِهِ، ولهذا أمرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنْ تُقْطَعَ هذهِ القلائدُ.

أمَّا إذا كانت هذهِ القلادةُ منْ غيرِ وَتَرٍ،

وإنَّما تُسْتَعْمَلُ للقيادةِ كالزِّمامِ، فهذا لا بأسَ بهِ؛ لعدمِ الاعتقادِ الفاسدِ.

وكانَ الناسُ يعملونَ ذلكَ كثيرًا من الصُّوفِ أوْ غيرِهِ.

قولُهُ: (فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ) ذُكِرَ البعيرُ؛ لأنَّ هذا هوَ الذي كانَ مُنْتَشِرًا حينَذاكَ، فهذا القيدُ بِناءً على الواقعِ عندَهُم، فيكونُ كالتمثيلِ.

(3) قولُهُ: (إنَّ الرُّقى) الرُّقى: جمْعُ رُقْيَةٍ، وهذهِ ليسَتْ على عمومِها، بلْ هيَ عامٌّ أُريدَ بهِ خاصٌّ، وهوَ الرُّقى بغيرِ ما وردَ بهِ الشرعُ.

أمَّا ما ورَدَ بهِ الشرعُ فليسَتْ مِن الشِّركِ،

قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في الفاتحةِ: (( وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ) ).

وهل المرادُ بالرُّقى في الحديثِ ما لَم يَرِدْ بهِ الشرعُ ولوْ كانتْ مباحةً،

أو المرادُ ما كانَ فيهِ شِرْكٌ؟

الجوابُ:

الثاني؛

لأنَّ كلامَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لا يُنَاقِضُ بعْضُهُ بعضًا.

فالرُّقى المشروعةُ التي وردَ بها الشَّرعُ جائزةٌ، وكذلكَ الرُّقى المباحةُ التي يُرْقَى بها الإنسانُ المريضُ كدُعَاءٍ مِنْ عنْدهُ ليسَ فيهِ شِرْكٌ، جائزةٌ أيضًا.

قولُهُ: (التَّمائِمَ) فسَّرَهَا المؤلِّفُ بقولِهِ: (شَيءٌ يُعلَّقُ عَلَى الأوْلادِ يَتَّقُونَ بِهِ العَيْنَ) وهيَ من الشِّركِ؛ لأنَّ الشارعَ لم يجعَلْها سببًا تُتَّقَى بهِ العينُ.

وإذا كانَ الإنسانُ يُلْبِسُ أبناءَهُ ملابسَ رثَّةً وباليةً خوفًا مِن العينِ، فهلْ هذا جائزٌ؟

الظاهرُ:

أنَّهُ لا بأسَ بهِ؛ لأنَّهُ لمْ يفعلْ شيئًا، وإنَّما تركَ شيئًا، وهو التحسينُ والتجميلُ.

وقدْ ذَكَرَ ابنُ القيِّمِ في (زادِ المعادِ) أنَّ عُثمانَ رأى صبيًّا مليحًا فقالَ: (دسِّمُوا نُونَتَهُ) والنُّونةُ هيَ التي تَخْرُجُ في الوجْهِ عنْدَما يضحَكُ الصبيُّ كالنُّقْرَةِ، ومعنى دسِّمُوا: أيْ سَوِّدُوا.

وأمَّا الخطُّ،

وهيَ أوراقٌ من القُرْآنِ تُجْمَعُ وتُوضَعُ في جلدٍ، ويُخَاطُ عليها ويَلْبَسُها الطفلُ على يدِهِ أوْ رقبَتِهِ، ففيها خلافٌ بينَ العلماءِ إذا كانتْ مِن القرآنِ.

وظاهِرُ الحديثِ أنَّها ممنوعةٌ ولا تجوزُ.

ومِنْ ذلكَ أنَّ بعضَهُم يكتُبُ القرآنَ كُلَّهُ بحروفٍ صغيرةٍ في أوراقٍ صغيرةٍ، ويضَعُها في صندوقٍ صغيرٍ، ويُعَلِّقُها عَلى الصبيِّ.

وهذا معَ أنَّهُ مُحْدَثٌ فهوَ إهانةٌ للقرآنِ الكريمِ؛

لأنَّ هذا الصبيَّ سَوْفَ يَسِيلُ عليهِ لُعَابُهُ، ورُبَّمَا يَتَلَوَّثُ بالنجاسَةِ، ويدْخُلُ بهِ الحمَّامَ والأماكنَ القَذِرَةَ، وهذا كلُّهُ إهانةٌ للقرآنِ.

قولُهُ: (التِّوَلَةُ) شيءٌ يُعلِّقُونَهُ على الزوجِ يزْعُمُونَ أنَّهُ يُقَرِّبُ الزوجةَ إلى زوْجِهَا، والزوجَ إلى امرأَتِهِ، وهذا شِركٌ؛ لأنَّهُ ليسَ بسببٍ شرعيٍّ ولا قَدَريٍّ للمَحَبَّةِ.

ومثلُ ذلكَ: الدُّبْلَةُ،

وهو: خاتَمٌ يُشْتَرَى عندَ الزواجِ يُوْضَعُ في يدِ الزوجِ، وإذا ألْقَاهُ الزوجُ قالت المرأةُ: إنَّهُ لا يُحِبُّهَا، فهُمْ يعتقدونَ فيهِ النفعَ والضررَ، ويقولونَ: إنَّهُ ما دامَ في يدِ الزوجِ فإنَّهُ يعني أنَّ العَلاقةَ بينَهما ثابتةٌ، والعكسُ بالعكسِ، فإذا وُجِدَتْ هذه النيَّةُ فإنَّهُ مِن الشِّركِ الأصغرِ.

وإنْ لمْ توجدْ هذه النيَّةُ،

وهيَ بعيدةٌ ألاَّ تَصْحَبَها، ففيهِ تشَبُّهٌ بالنصارى؛ فإِنَّها مأخوذةٌ منهمْ.

وإن كانتْ مِن الذهبِ فهيَ بالنسبةِ للرجُلِ فيها محظورٌ ثالثٌ، وهو لُبْسُ الذهبِ.

قولُهُ: (شِرْكٌ) وهلْ هيَ شركٌ أصغرُ أوْ أكبرُ؟

نقولُ: بحَسَبِ ما يُريدُ الإنسانُ منها، إن اتَّخَذَها معتَقِدًا أنَّ المسبِّبَ هوَ اللهُ فهيَ شركٌ أصغرُ، وإن اعتقدَ أنَّها تفعلُ بنفْسِها فهِي شِرْكٌ أكبرُ.

(4) قولُهُ: (مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا) أي: اعتمدَ عليهِ وجعَلَهُ أكْبَرَ همِّهِ ومبْلَغَ علمِهِ، وصارَ يُعلِّقُ رجاءهُ بهِ وزوَالَ خوفِهِ بهِ.

و (شيئًا) نكرةٌ في سياقِ الشرطِ، فتَعُمُّ جميعَ الأشياءِ، فمَنْ تعلَّقَ باللهِ سبحانَهُ وتعالى وجعلَ رغبتَهُ ورجاءَهُ فيهِ وخوفَهُ منهُ فإنَّ اللهَ تعالى يقولُ: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} أيْ: كَافِيهِ؛ ولهذا كانَ منْ دعاءِ الرسلِ وأتْبَاعِهِمْ عندَ المصائبِ والشَّدائدِ (( حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) )قالَها إبراهيمُ حينَ أُلْقِيَ في النارِ، وقالَها مُحَمَّدٌ وأصحابُهُ حينَ قيلَ لهُمْ: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} .

قولُهُ: (وُكِلَ إِلَيْهِ) أيْ: أُسْنِدَ إليهِ وفُوِّضَ.

والتعَلُّقِ بغيرِ اللهِ يقعُ على ثلاثةِ أقسامٍ:

الأوَّلُ:

ما يُنَافِي التوحيدَ مِنْ أصْلِهِ،

وهو أنْ يتعَلَّقَ بشيءٍ لا يُمْكِنُ أنْ يكونَ لهُ تأثيرٌ، ويعْتَمِدُ عليهِ اعتمادًا كاملاً مُعْرِضًا عن اللهِ، مثلَ: تعلُّقِ عُبَّادِ القبورِ بمَنْ فيها عندَ حُلُولِ المصائبِ؛ ولهذا إذا مسَّتْهُم الضرَّاءُ الشديدةُ يقولونَ: يا فُلانُ! أنْقِذْنَا. فَهذا لا شكَّ أنَّهُ شركٌ أكبرُ مخرجٌ عن المِلَّةِ.

الثاني:

ما يُنَافِي كمالَ التوحيدِ،

أنْ يعتمدَ على سببٍ شرعيٍّ صحيحٍ معَ الإِعْرَاضِ عن المُسَبِّبِ وهو اللهُ عزَّ وجلَّ، وعدَمِ صرفِ قلْبِهِ إليهِ.

فهذا نوعٌ من الشِّركِ، ولا نقولُ: شِرْكٌ أكبرُ؛ لأنَّ هذا السببَ جعلَهُ اللهُ سببًا.

الثالثُ:

أنْ يتعلَّقَ بالسببِ تعَلُّقًا مجَرَّدًا لكوْنِهِ سببًا فقطْ،

معَ اعتمادِه الأصليِّ على اللهِ، فيعتقدُ أنَّ هذا السببَ مِن اللهِ، وأنَّ اللهَ لوْ شاءَ لأبطلَ أثَرَهُ، ولوْ شاءَ لأبْقَاهُ، وأنَّهُ لا أثرَ لسببٍ في مشيئةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فهذا لا يُنَافِي التوحيدَ لا كمالاً ولا أصْلاً، وعلى هذا لا إثمَ فيهِ.

ومَعَ وجودِ الأسبابِ الشرعيَّةِ الصحيحةِ ينبغي للإنسانِ أنْ لا يُعلِّقَ نفْسَهُ بالسببِ، بلْ يُعَلِّقُها باللهِ.

فالمُوَظَّفُ الذي يتعلَّقُ قلْبُهُ بمُرَتَّبِهِ تعَلُّقًا كاملاً معَ الإعراضِ عن الاعتقادِ في المسبِّبِ،

وهوَ اللهُ، قدْ وقعَ في نوعٍ من الشركِ.

أمَّا إذا اعتقدَ أنَّ المرَتَّبَ سببٌ،

والمُسَبِّبُ هوَ اللهُ سبحانَهُ وتعالى، وجعلَ الاعتمادَ على المسبِّبِ وهوَ يَشْعُرُ أنَّ المرتَّبَ سببٌ، فهذا لا يُنَافِي التوكُّلَ.

والرسولُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كانَ يأْخُذُ بالأسبابِ معَ اعتمادِهِ على المسبِّبِ، وهوَ اللهُ عزَّ وجلَّ.

أمَّا إذا تعلَّقَ بسببٍ لا تأثيرَ لهُ،

كالذي يتعَلَّقُ بميتٍ في حُصُولِ رزقٍ، أوْ تسهيلِ أمْرٍ، أوْ دَفْعِ ضُرٍّ، فهذا شِرْكٌ أكبرُ.

وجاءَ في الحديثِ: (( مَنْ تَعَلَّقَ ) )ولم يَقُلْ: منْ عَلَّقَ؛ لأنَّ المتعلِّقَ بالشيءِ يتعَلَّقُ بهِ بقَلْبِهِ وبنفْسِهِ، بحيثُ يُنْزِلُ خوفَهُ ورجاؤَهُ وأملَهُ بهِ، وليسَ كذلكَ مَنْ عَلِقَ.

قولُهُ: (إذا كانَ المُعلَّقُ مِنَ القرآنِ...) إلخ، إذا كانَ المعلَّقُ من القرآنِ، أو الأدْعِيَةِ المُبَاحَةِ، والأذكارِ الواردةِ، فهذهِ المسألةُ اختلفَ فيها السَّلفُ رَحِمَهُمُ اللهُ.

فمِنْهُمْ

مَنْ رخَّصَ في ذلكَ لِعُمُومِ قوْلِهِ تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} ولَم يذكر الوسيلةَ التي نتَوَصَّلُ بها إلى الاستشفاءِ بهذا القرآنِ، فدلَّ على أنَّ كلَّ وسيلةٍ يُتَوَصَّلُ بها إلى ذلكَ فهيَ جائزةٌ، كما لوْ كانَ القرآنُ دواءً حِسِّيًّا.

وقالَ بعضُ العلماءِ:

لا يجوزُ تعليقُ القرآنِ للاستشفاءِ بهِ؛

لأنَّ الاستشفاءَ بالقرآنِ وَرَدَ على صفةٍ معيَّنَةٍ، وهيَ القراءةُ بهِ، بمعنى أنَّكَ تَقْرَأُ على المريضِ بهِ، فلا نَتَجَاوزُها، فلوْ جَعَلْنَا الاستشفاءَ بالقرآنِ على صفةٍ لمْ تَرِدْ، فمعنى ذلكَ أنَّنَا فَعَلْنَا سببًا ليسَ مشروعًا.

ولولا الشعورُ النفسيُّ بأنَّ تعلِيقَ القرآنِ سببٌ للشفاءِ لكانَ انتفاءُ السببيَّةِ على هذهِ الصورةِ أمرًا ظاهرًا؛ فإنَّ التعليقَ ليسَ لهُ علاقةٌ بالمرضِ، بخلافِ النَّفْثِ على مكانِ الألمِ فإنَّهُ يتأَثَّرُ بذلكَ.

ولهذا الأقربُ أنْ يُقَالَ:

إنَّهُ لا ينبغي أنْ تُعَلَّقَ هذهِ الآياتُ للاستشفاءِ بها، لا سيَّمَا وأنَّ هذا المعلِّقَ قدْ يفعلُ أشياءَ تُنَافِي قدسيَّةَ القرآنِ، كالغِيبَةِ مثلاً، ودخولِ بيتِ الخلاءِ.

وأيضًا إذا عَلَّقَ وشعَرَ أنَّ بهِ شفاءً استغنى بهِ عن القراءةِ المشروعةِ،

مثلاً: علَّقَ آيةَ الكرسيِّ على صدْرِهِ وقالَ: ما دامَ أنَّ آيةَ الكرسيِّ على صدْرِي فلَنْ أقرَأَهَا، فيستغني بغيرِ المشروعِ عن المشروعِ، وقدْ يشعرُ بالاستغناءِ عن القراءةِ المشروعةِ إذا كانَ القرآنُ على صدْرِهِ.

وإنْ كانَ صبيًّا فرُبَّمَا بالَ ووصلَت الرطوبةُ إلى هذا المعلَّقِ.

وأيضًا لم يَرِدْ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ والصحابةِ رضيَ اللهُ عنهمْ فيهِ شيءٌ.

فالأقربُ أنْ يُقالَ: إنَّهُ لا يُفْعَلُ،

أمَّا أنْ يَصِلَ إلى درجةِ التحريمِ فأنا أتوَقَّفُ فيهِ، لكنْ إذا تضمَّنَ محظوراً فإنَّهُ يكونُ مُحَرَّماً بسببِ ذلكَ المحظورِ.

وجماع حجج المانعين -كما ذكر المصنف رحمه الله- ثلاث:

الأولى:

عدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم،

فالاستشفاء بالقرآن لم ينقل عنهم إلا بالرقية به.

الثانية: أنه يجر إلى الاستغناء بغير المشروع والعدول عن المشروع المأذون فيه.

الثالثة:

أنه قد يقترن به ما ينافي تعظيم القرآن كالغيبة ودخول الخلاء.

(6) قولُهُ: (التي تُسَمَّى العزائِمَ) أيْ: في عُرفِ الناسِ.

وعزَمَ عليهِ: أيْ قرأَ عليهِ، وهذهِ عزيمةٌ، أيْ: قراءةٌ.

(7) قولُهُ: (وَخَصَّ منها الدليلُ ما خلا مِن الشِّركِ) أي: الأشياءَ الخاليةَ من الشركِ، فهيَ جائزةٌ، سواءٌ كانَ ممَّا وردَ بلفْظِهِ، مثلَ: (( اللهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ الْبَاسَ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي... ) )أوْ لمْ يَرِدْ بلفْظِهِ، مثلَ: (اللهُمَّ عافِهِ، اللهُمَّ اشْفِهِ) .

وإنْ كانَ فيها شِركٌ فإنَّها غيرُ جائزةٍ، مثلَ: (يا جِنِّيُّ أنْقِذْهُ، ويا فُلانُ المَيِّتُ اشفِهِ) ونحوُ ذلكَ.

(8) قولُهُ: (مِنَ العَيْنِ والحُمَةِ) العينُ معروفةٌ، وهيَ التي تُسَمَّى عندَ العامَّةِ (النَّحَاتَةَ) .

والحُمَةُ:

اللَّدْغَةُ من العقربِ أو الحَيَّةِ وما أشْبَهَ ذلكَ.

وظاهرُ كلامِ المؤلِّفِ:

أنَّ الدليلَ لم يُرخِّصْ بجوازِ القراءةِ إلاَّ في هذينِ الأمرينِ؛ العينِ، والْحُمَةِ. لكنْ وَرَدَ بغيْرِهِما؛ فقَدْ كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ينْفُخُ على يدَيْهِ عندَ منامِهِ بالمعوِّذاتِ ويمسحُ بِهما ما استطاعَ مِنْ جَسَدِهِ، وهذا من الرُّقْيةِ، وليسَ عيْناً ولا حُمةً.

ولهذا يرى بعضُ أهلِ العلمِ الترخيصَ في الرُّقْيةِ مِن القرآنِ للعينِ والحمةِ وغيرِهما عامَّةً، ويقولُ: إنَّ معنى قولِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (( لاَ رُقْيَةَ إِلاَّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ ) )أيْ: لا يُطْلَبُ الاسترقاءُ إلاَّ مِن العينِ والحُمَةِ، فالمصيبُ بالعينِ (العَائِنُ) يُطْلَبُ منهُ أنْ يقرأَ على المَعْيُونِ.

وكذلكَ الحمةُ يَطْلُبُ الإنسانُ مِنْ غيْرِهِ أنْ يقرأَ عليهِ؛ لأنهُ مفيدٌ كما في حديثِ أبي سعيدٍ في قصَّةِ السرِيَّةِ.

وشروطُ جوازِ القراءةِ للرُّقى ثلاثةٌ:

الأوَّلُ:

أنْ لا يعتقدَ أنَّها تنفعُ بذاتِها دونَ الله،

فإن اعتقدَ أنَّها تنفعُ بذاتِها مِن دونِ اللهِ فهوَ مُحَرَّمٌ؛ لأنَّهُ شِرْكٌ، بلْ يَعْتَقِدُ أنَّها سببٌ لا تنفعُ إلاَّ بإذنِ اللهِ.

الثاني:

أنْ لا تكونَ ممَّا يُخَالِفُ الشرعَ،

كما إذا كانتْ متضمِّنَةً دعاءَ غيرِ اللهِ، أو استغاثةً بالجنِّ، وما أشبهَ ذلكَ؛ فإنَّها محرَّمَةٌ بلْ شِرْكٌ.

الثالثُ:

أنْ تكونَ مفهومةً معلومةً،

فإنْ كانتْ منْ جنْسِ الطلاسِمِ والشعوذةِ؛ فإنَّها لا تجُوزُ.

أمَّا بالنسبةِ للتمائمِ فإنْ كانتْ مِنْ أمرٍ مُحَرَّمٍ، أو اعتقدَ أنَّها نافعةٌ بذاتِها، أوْ كانتْ بكتابةٍ لا تُفْهَمُ، فإنَّها لا تجوزُ بكلِّ حالٍ.

أمَّا إذا تمَّتْ فيها الشروطُ الثلاثةُ السابقةُ في الرُّقْيَةِ وهيَ التميمة القرآنية فإنَّ أَهْلَ العلمِ اختلفوا فيها كما سبقَ.

(9) قولُهُ: (مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ) اللحيةُ عندَ العربِ كانتْ لا تُقَصُّ ولا تُحْلَقُ، كما أنَّ ذلكَ هوَ السُّنَّةُ، لكنَّهمْ كانوا يعْقِدُونَ لأَمرينِ اثنينِ:

الأوَّلُ:

افتخارًا وعظمةً،

فتجدُ أحدَهُمْ يعْقِدُ أطْرَافَهَا، أوْ يعْقِدُها مِن الوسطِ عُقْدَةً واحدةً ليُعْلَمَ أنَّهُ رجلٌ عظيمٌ، وأنَّهُ سيِّدٌ في قومِهِ.

الثاني:

خوفًا مِن العينِ؛

لأنَّها إذا كانتْ حسنةً وجميلةً ثمَّ عُقِدَتْ أصبحتْ قبيحةً، فمَنْ فعَلَ ذلكَ فإنَّ الرسولَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بريءٌ منهُ.

وبعضُ العامَّةِ إذا جاءهُم طعامٌ من السُّوقِ أخذوا شيئًا منهُ يرْمُونَهُ في الأرضِ؛ دفعًا للعينِ، وهذا اعتقادٌ فاسدٌ ومخالفٌ لقولِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (( إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ مَا بِهَا مِنَ الأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا ) ).

قولُهُ: (أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا) الوَتَرُ: نوْعٌ من الخيوطِ العصبيَّةِ تُؤْخَذُ مِن الشاةِ، وتُتَّخَذُ للقوسِ وَترًا، ويستعملُونَها في أعناقِ إِبلِهِم أوْ خيلِهِم، أوْ في أعناقِهم، يزْعُمونَ أنَّهُ يمنعُ العينَ، وهذا مِن الشركِ.

قولُهُ: (أَوِ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ)

الاستنجاءُ: مأخوذٌ من النَّجْوِ، وهُو: إزالةُ أثرِ الخارجِ من السبيلينِ؛ لأنَّ الإنسانَ الذي يتمَسَّحُ بعدَ الخلاءِ يُزِيلُ أثَرَهُ.

وَرجِيعُ الدَّابَّةِ

هوَ رَوْثُها، فمَن استنجى بهِ فإنَّ محمَّدًا بريءٌ منهُ؛ لأنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نهى عنْهُ؛ لكونِهِ عَلَفًا لبهائمِ الجنِّ.

قولُهُ: (أَوْ عَظْمٍ) فمَن استنجى بعَظْمٍ فإنَّ محمَّداً بريءٌ منهُ؛ لأنَّهُ طعامُ الجنِّ يجِدُونَهُ أوفرَ ما يكونُ لَحْما.

قولُهُ: (فَإِنَّ مُحَمَّدًا بَرِيءٌ مِنْهُ) كلُّ ذَنْبٍ قُرِنَ بالبراءةِ مِنْ فاعِلِهِ فهوَ مِنْ كبائرِ الذنوبِ كما هوَ معروفٌ عندَ أهلِ العلمِ.

والشاهدُ منْ هذا الحديثِ قولُهُ: (( مَنْ تَقَلَّدَ وَتَرًا ) ).

(10) قولُهُ: (وعنْ سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ قالَ:(مَنْ قَطَعَ تَمِيمَةً... ) ) الحديثَ.

وجهُ المشابهةِ بينَ قطْعِ التميمةِ وعتْقِ الرَّقبةِ:

أنَّهُ إذا قَطعَ التميمةَ مِنْ إنسانٍ فكأنَّهُ أعْتَقَهُ مِن الشركِ ففَكَّهُ من النارِ، ولكنْ يقْطَعُها بالتي هيَ أحسنُ؛ لأنَّ العنفَ يؤدِّي إلى المُشَاحَنَةِ والشِّقاقِ، إلاَّ إنْ كانَ ذا شأنٍ كالأميرِ والقاضي ونحوهِ مِمَّنْ لهُ سُلطةٌ، فلهُ أنْ يقطَعَها مباشرةً.

(11) قولُهُ: (كَانوا يَكْرَهُونَ التَّمائِمَ كُلَّها مِنَ القُرْآنِ وغَيْرِ القرآنِ) وقدْ سَبَقَ أنَّ هذا هوَ قول ابنِ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنهُ، فأصحابُهُ يرونَ ما يراهُ.

فيه مسائِلُ:

(12) قولُهُ:

الأولى: (تفسيرُ الرُّقى والتمائِمِ) وقدْ سبقَ ذلكَ.

(13) الثانيةُ: (تفسيرُ التِّوَلَةِ) وقدْ سبقَ ذلكَ، وعِندي أنَّ منها ما يُسَمَّى بالدُّبْلَةِ إن اعتقدوا أنَّها صِلَةٌ بينَ المرءِ وزوْجَتِهِ.

الثالثةُ: (أنَّ هذهِ الثلاثةَ كلَّها مِنَ الشِّركِ مِنْ غيرِ استثناءٍ)

ظاهرُ كلامِهِ حتَّى الرُّقَى، وهذا فيهِ نظرٌ؛ لأنَّ الرُّقى ثَبَتَ عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ يَرْقِي ويُرْقَى، ولكنَّهُ لا يَسْتَرْقِي، أيْ: لا يطْلُبُ الرُّقيةَ، فإطْلاقُها بالنسبةِ للرُّقَى فيهِ نظرٌ.

وقدْ سبقَ للمؤَلِّفِ رحِمَهُ اللهُ أنَّ الدليلَ خصَّ منها ما خلا من الشركِ.

وبالنسبةِ للتمائمِ فعلى رأْيِ الجمهورِ فيهِ نظرٌ أيضًا.

وعلى رأيِ ابنِ مسعودٍ فصحيحٌ.

وبالنسبةِ للتِّوَلَةِ فهيَ شِركٌ بدونِ استثناءٍ.

الرابعةُ: (أنَّ الرُّقيةَ بالكلامِ الحقِّ مِنَ العيْنِ والحُمةِ لَيْسَ مِنْ ذلِكَ) قولُهُ: (الكلامِ الحقِّ) ضدُّهُ الباطلُ، وكذا المجهولُ الذي لا يُعْلَمُ أنَّهُ حقٌّ أوْ باطلٌ.

والمؤلِّفُ رحمهُ اللهُ تعالى خصَّصَ العَينَ أو الْحُمَةَ فقط استناداً لقولِ الرسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (( لاَ رُقْيَةَ إِلاَّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ ) )ولكنَّ الصحيحَ أنَّهُ يشملُ غيْرَهُما كالسِّحرِ.

(16) الخامسةُ: (أنَّ التميمةَ إذا كانَتْ مِنَ القُرآنِ فَقَد اختَلَفَ العلماءُ هَلْ هِيَ مِنْ ذلِكَ أمْ لا؟) قولُهُ: (ذلِكَ) المشارُ إليهِ التمائمُ.

وقدْ سبَقَ بيانُ هذا الخلافِ، والأحوطُ مذهبُ ابنِ مسعودٍ؛ لأنَّ الأصلَ عدمُ المشروعيَّةِ حتَّى يتبيَّنَ ذلكَ مِنَ السُّنَّةِ.

(17) السادسةُ: (أنَّ تعليقَ الأوْتارِ عَلَى الدوابِّ مِنَ العَيْنِ مِنْ ذلكَ) أيْ: مِن الشِّركِ.

تنبيهٌ:

ظهرَ في الأسواقِ في الآونةِ الأخيرةِ حَلْقَةٌ مِن النُّحاسِ يقولونَ: إنَّها تنْفَعُ من الرُّومَاتِيزْمِ، يزْعُمونَ أنَّ الإنسانَ إذا وضعَها على عضُدِهِ وفيهِ رُومَاتِيزْمٌ نَفَعَتْهُ منْ هذا الرُّوماتيزمِ، ولا ندْرِي هَل هذا صحيحٌ أمْ لا؟

لكنَّ الأصلَ أنَّهُ ليسَ بصحيحٍ؛ لأنَّهُ ليسَ عندنا دليلٌ شرعيٌّ ولا دليلٌ حسِّيٌّ يدُلُّ على ذلكَ؛ وهيَ لا تُؤَثِّرُ على الجسمِ، فليسَ فيها مادَّةٌ دهنيَّةٌ حتَّى نقُولَ: إنَّ الجسمَ يشْرَبُ هذهِ المادَّةَ وينتفعُ بها، فالأصلُ أنَّها ممنوعةٌ حتَّى يَثْبُتَ لنا بدليلٍ صحيحٍ صريحٍ واضحٍ أنَّ لها اتصالاً مباشرًا بهذا الروماتيزمِ، حتَّى يُنْتَفَعَ بها.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام